آخر الأخبار

الغابات تحترق صيفاً وتتعرّى شتاءً: لبنان يفقد غطاءه الأخضر

شارك
حزين مشهد الغابات اللبنانية . مساحات خضراء لطالما تغنّى بها كل من وطأت قدماه متراً واحداً منها وسنحت له الفرصة بمشاهدتها ولو من بعيد، تفقد حياتها اليوم. فما يحصل راهناً، هو أن هذه الغابات تحترق صيفاً وتتجرّد من الحياة شتاءً، في صورة مؤلمة لوطن كان يُعرَف يوماً بـ"غابة الأرز " قبل أن يتحوّل هذا التوصيف لمجرّد ذكرى.
حزام ناريّ يلفّ الغابات في لبنان بوتيرة منتظمة سنوياً، من عكار ، الضنية ، الشوف ، المتن وإقليم الخروب على وجه التحديد. بمجرّد اشتداد موجات الحرّ حتى تتحوّل الأحراج إلى مسرح لحرائق ضخمة، من دون إزاحة احتمال أن تكون هذه الحوادث مفتعلة. إلا أنه بشكل عام ، عوامل عدة تغذّي هذه الحرائق منها الإهمال، رمي النفايات، التعديات العمرانية، والتغيّر المناخي الذي ضاعف أيام الحرّ والجفاف.
الوضع تجاوز الخط الأحمر منذ سنوات، وفق ما أشار إليه أحد المتخصصين في النظم الحرجية كان لنا حديث معه، إلا أن المشكلة الأكبر تكمن في أنّ ما يحترق لا يعود سريعاً، فالأشجار التي احتاجت عقوداً لتنمو، تُلتهم خلال ساعات، تاركةً تربةً فقيرة، ونُظماً بيئية عاجزة عن استعادة ذاتها.
واعتبر أن "ما يحصل في لبنان ليس مجرد حرائق موسمية، بل انهيار تدريجي للبيئة الحرجية. نحن نخسر ما بين 1200 و1500 هكتار سنوياً، وهذه الأرقام مرشّحة للارتفاع مع تغيّر المناخ. الأخطر أن الغابة التي تحترق اليوم تحتاج بين 25 و40 عاماً لتستعيد جزءاً من عافيتها، فيما الحرائق تتكرر بمعدل أسرع بكثير".
ووفق الخبير، بعد كل حريق نواجه مرحلتين خطيرتين: انجراف التربة خلال الشتاء، ثم التعديات التي تستغل غياب الغطاء النباتي. إذا لم نُطبّق حماية صارمة لما تبقّى من غابات، سنصل إلى نقطة لا يعود فيها التشجير قادراً على تعويض الخسارة.
إلا أن الحل الفعلي ليس في انتظار الطوافات فقط، بل بمنع أسباب الحرائق عبر إدارة مستدامة للمشاعات، تنظيف الأحراج، وتعزيز حضور الدولة في موسم الحرائق.
يقال إن الشتاء يعيد الحياة ويرمم الجراح . إلا أننا في لبنان، والجراح تأخذ عقوداً وعقوداً لتشفى، إن شفيت. فالمساحات المحروقة تتحوّل مع الأمطار الأولى إلى مناطق عارية معرضة للانهيارات، لأن جذور الأشجار التي كانت تثبّت التربة احترقت أو ضعفت.
وعن التداعيات، فالكثير يحصل. فالمناطق التي كانت تتمتع بمناخ أكثر اعتدالاً بدأت تشهد ارتفاعاً بدرجات الحرارة، وتراجعاً في رطوبة الهواء، وزيادة في العواصف الترابية.
كما أن لبنان يخسر سنوياً مساحات تُقدَّر بآلاف الهكتارات، ما ينعكس على السياحة البيئية، وصناعة العسل، والزراعة الجبلية التي تعتمد على المناخ الحراجي. وتُضاف إلى ذلك الخسائر في البنية التحتية، من خطوط كهرباء إلى طرقات تتعرض للانهيارات.
تتكرر المطالبات بخطط وطنية لمكافحة الحرائق، لكن الواقع يشير إلى غياب الجهوزية. إلا أن ما يحتاج إليه لبنان يكمن في وضع خطة وطنية شاملة لمكافحة الحرائق تشمل مراقبة حرارية ودوريات وقائية وتطبيق صارم لقانون الغابات لمنع الرعي الجائر والقطع العشوائي.
الغابة ليست مجرّد منظر جميل، إنما هي خطّ الدفاع الأول عن صحتنا كمواطنين. فإذا استمر الوضع على حاله، قد نجد أنفسنا أمام لبنان مختلف تماماً عمّا ورثناه من الطبيعة. فهل يتحرّك المعنيون قبل فوات الأوان لتغيير المسار؟
لبنان ٢٤ المصدر: لبنان ٢٤
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا