نشرَ موقع " الجزيرة نت" تقريراً جديداً تحدث فيه عن معاناة النزوح والتهجير في لبنان ، مُشيراً إلى أنَّ هذا السيناريو ما زال مُستمراً منذ 76 عاماً.
التقرير يقول إن "معاناة 96 ألف نازح من
جنوب لبنان ما زالت متواصلة مع مرور عامٍ على اتفاق وقف إطلاق النار، في ظل استمرار الهجمات
الإسرائيلية واحتلال مناطق تمنعهم من العودة إلى منازلهم المدمرة"، ويضيف: "تبقى 24 قرية حدودية مفرغة من سكانها بالكامل أو بشكل شبه كامل، بينما تتجاوز الأضرار المادية 3 مليارات و400 مليون دولار للمباني والبنى التحتية وحدها".
ويلفت التقرير إلى أنَّ
النازحين يعبرون عن معاناتهم القاسية، وينقلُ تصريح نازحة من كفركلا تقولُ إنها تركت بلدتها منذ بداية الحرب وأمضت 3 سنوات خارج منزلها المُدمّر، مشيرة إلى أنّها اضطرت لبيع ذهبها لشراء معدات عمل بسيطة تساعدها على الاستمرار.
كذلك، قال نازحٌ آخر أنهُ فقد 90 تنكة زيت سنوياً كان ينتجها، إضافة إلى 50 رأس نحل، ولم ينقذ من منزله سوى عصا يتكئ عليها.
وكشفت الأرقام الرسمية عن حجم الكارثة الإنسانية، إذ تضررت نحو 240 ألف وحدة سكنية بين تدمير كلي وأضرار جسيمة وطفيفة.
كذلك، يتوزع النازحون البالغ عددهم 96 ألفاً على أقضية صور وصيدا والنبطية وبيروت وجبل لبنان، في حين لا يتجاوز عدد المقيمين في مراكز الإيواء الحكومية 1300 نازح فقط.
وعلى صعيد الأضرار الاقتصادية، قدر
البنك الدولي أضرار القصف المباشر على المباني والبنى التحتية بـ3 مليارات و400 مليون دولار، بينما تضرر اقتصاد الجنوب بأكثر من 5 مليارات دولار إجمالاً، مما يعكس عمق الأزمة التي يواجهها الجنوب اللبناني.
النزوح بدأ عام 1948
وفي إطار تاريخي، بدأ درب النزوح في الجنوب اللبناني عام 1948 مع مجزرة حولا التي ارتكبتها عصابات الهاغاناه الصهيونية، وأسفرت عن مقتل 94 لبنانياً وإعدام 34 معتقلاً.
وتكررت موجات النزوح مع عملية الليطاني 1978 التي أنشأت شريطاً أمنياً عازلا، ثم اجتياح 1982 الذي حول
بيروت لأول عاصمة عربية يحتلها الجيش
الإسرائيلي ، ليستمر
الاحتلال نحو 18 عاماً حتى الانسحاب عام 2000.
وعلى المستوى الاجتماعي، أوضح الأكاديمي في العلوم الاجتماعية الدكتور سعيد عيسى أن الجنوب اللبناني يحمل "ذاكرة خزانة" لمآسٍ متواصلة عبر 6 أو 7 أجيال منذ 1948.
وأشار إلى أن الجنوبيين يعيشون ذاكرتين متلاصقتين: ذاكرة التهجير وذاكرة الصمود، حيث يعيدون بناء منازلهم رغم إدراكهم أنها قد تُدمر مجدداً.
وأوضح عيسى أن إعادة البناء ليست مجرد إعادة إعمار للحجر، بل هي إعادة بناء للذكريات والحنين واليوميات المختزنة في تلك البيوت والقرى، مؤكداً أن المنزل في وعي الجنوبي ليس حجراً فقط، بل هو علاقات جيرة ومواسم زيتون وأعراس ومآتم، وهذا ما يجعل التشبث بالأرض متجذراً في الوجدان الجماعي للجنوبيين.