تتزايد المؤشرات عن أن مرحلة الاستقرار الهش تقترب من نهايتها، في وقت أشارت فيه القناة 13 الإسرائيلية إلى أن المؤسسة الأمنية في إسرائيل تعتبر أن لا مفرّ من "أيام قتال إضافية" في لبنان لمنع حزب الله من استعادة قدراته العسكرية، وهو تصريح يعكس توجهاً تصعيدياً واضحاً. فمثل هذا الموقف يؤكد ان تل ابيب تبدي اصرارا على إبقاء لبنان ساحة مفتوحة للتصعيد رافضة الالتزام باتفاق وقف الأعمال العدائية.
وتقول أوساط سياسية إن الموقف الأميركي تجاه لبنان يعكس حالة من التوتر المتصاعد ناتجة عن شعور متزايد بعدم الرضا عن طريقة تعاطي الدولة
اللبنانية مع ملف سلاح حزب الله ودوره الإقليمي، إذ ترى
واشنطن أن المساعدات العسكرية والاقتصادية الكبيرة التي قدمتها لم تقابل بإجراءات سياسية وأمنية حازمة توازي حجم الدعم، بل على العكس صدرت تصريحات ومواقف من مؤسسات رسمية لبنانية اعتُبرت متناقضة مع التوجه الأميركي الداعي إلى تحييد لبنان عن الصراعات وتعزيز موقعه ضمن مسار تسوية إقليمي أوسع.
بناءً على ذلك، بدأت
الولايات المتحدة بإعادة تقييم علاقتها مع المؤسسات اللبنانية، ملوّحة بإمكانية تقليص الدعم ومجمّدة قنوات تواصل كانت تُعتبر أساسية في السابق، في محاولة للضغط باتجاه تغيير في السلوك السياسي الرسمي. وفي الوقت نفسه، يظهر البعد الاستراتيجي للموقف الأميركي في سعيه لربط استقرار لبنان بانخراطه في مسار تفاوضي مباشر مع
إسرائيل كشرط ضروري للخروج من أزماته الاقتصادية والأمنية. وعليه تضيف الأوساط نفسها ان السياسة الأميركية تعكس حالة نفاد صبر واضحة تجسدت في تعليق التواصل مع القيادات اللبنانية وإلغاء لقاءات رسمية كانت مقررة لقائدالجيش العماد رودولف هيكل، إلى جانب تصاعد الانتقادات للمؤسسة العسكرية اللبنانية واعتبارها شريكًا غير فعّال في مواجهة نفوذ حزب الله.
وبصورة عامة، يتجه الموقف الأميركي نحو ممارسة ضغط سياسي وأمني متزايد على لبنان، مع القبول الضمني بإمكانية حدوث تصعيد عسكري كبير في المرحلة المقبلة نتيجة ما تعتبره فشلًا لبنانيًا في الالتزام بتعهدات ضبط السلاح ومنع إعادة التسلح.
وكان
وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو هنّأ لبنان بمناسبة عيد الاستقلال وقال: اتّخذت الحكومة اللبنانية هذا العام خطوات شجاعة لتعزيز مستقبل أكثر إشراقًا للشعب اللبناني. وستستمرّ الولايات المتحدة في الوقوف إلى جانب لبنان والعمل معه من أجل تعزيز الاستقرار والازدهار الاقتصادي في لبنان وفي مختلف أنحاء المنطقة".
في المقابل أكد قائد الجيش العماد رودولف هيكل أن الخطة العسكرية جنوب الليطاني تسير وفق الجدول المحدد وحققت إنجازات مهمة، مشدداً على
التزام لبنان الكامل باتفاق وقف الأعمال العدائية والقرار 1701 بالتعاون مع قوات اليونيفيل، وأن الوحدات العسكرية تنفذ مهامها بكفاءة عالية على امتداد الأراضي اللبنانية. وأشاد بتضحيات عناصر الجيش وبوقوف أهالي الجنوب إلى جانب المؤسسة العسكرية، معتبرًا أن الجيش متماسك وقادر على أداء دوره رغم الظروف الاستثنائية والشائعات التي تستهدفه.
ودعا إلى تعزيز الوحدة الوطنية كركيزة أساسية لصمود لبنان في مواجهة التحديات الإقليمية وانعكاساتها الداخلية، مؤكداً ضرورة دعم الجيش وتقوية قدراته لبسط سلطة
الدولة على كامل أراضيها ووقف الاعتداءات وإنهاء الاحتلال. كما شدد على حرص المؤسسة العسكرية على الحفاظ على أفضل العلاقات مع الدول الصديقة والتعاون معها بما يخدم مصلحة الجيش والوطن.
في سياق آخر رد وزير الخارجيّة الإيرانيّة عباس عراقجي عبر حسابه على منصّة "أكس" على دعوة نظيره اللّبنانيّ الوزير يوسف رجّي للتفاوض قائلا: "صديقي العزيز وزير الخارجيّة اللّبنانيّ يوسف رجّي دعاني إلى إجراء التفاوض". وأضاف عراقجي: "نحن لا نتدخّل في الشؤون الداخليّة للبنان، لكنّنا نرحّب بأي حوار بهدف تعزيز العلاقات الثنائيّة بين
إيران ولبنان، ولا حاجة لبلدٍ ثالث".
ودعا الوزير رجّي إلى زيارة طهران، وأضاف "وأنا مستعدّ أيضًا لزيارة
بيروت بكلّ سرور إذا تلقيت دعوة رسمية لذلك".