حلّت الذكرى الـ82 لاستقلال لبنان أمس وخلت من العرض العسكري التقليدي وتقبل التهاني في قصر بعبدا، واقتصر الأمر على وضع أكاليل الزهور عند أضرحة ونصب رجالات الاستقلال.
ولم تحجب عطلة الاستقلال الترددات السياسية الداخلية للكلمة التي ألقاها رئيس الجمهورية العماد جوزف عون عشية الذكرى من صور متضمنة مبادرة من خمسة بنود لاستكمال نشر الجيش حتى الحدود والتحقق من بسط سلطته في جنوب الليطاني والشروع في مفاوضات مع
إسرائيل لتكريس وقف الأعمال العدائية.
وكتبت "النهار": اذ بدت طلائع ردود الفعل الداخلية على هذه المباردة مشجعة، إلا أن بلورة الصورة الواسعة حيالها لا تزال غير مكتملة لان قوى أساسية عديدة لم تعلق عليها بعد. والاهم من الترددات الداخلية، وهو ما يشغل الأوساط الرسمية، رصد الاصداء الخارجية على المبادرة وما إذا كانت ستخرق جدار التجاهل الذي أتبعته قبل أسابيع حيال الدعوات المتكررة التي اطلقها الرئيس عون إلى التفاوض مع إسرائيل.
ولكن المعطى البارز الذي واكب رصد ردود الفعل على مبادرة عون تمثل في إعلان الرئيس الأميركي
دونالد ترامب ، انه سيدعو الرئيس جوزف عون إلى زيارة البيت الأبيض من دون ان يعلن أي تفاصيل إضافية او يلمح إلى أي توقيت. هذا التطور جاء ليخفف نسبياً صورة التوتر الذي ساد في الأيام الأخيرة اثر الغاء زيارة قائد الجيش العماد رودولف هيكل إلى واشنطن وليطلق التساؤلات عن المعطيات التي لا بد ان تكون مهمة ومفصلية في موقف الإدارة الأميركية حين توجه الدعوة إلى رئيس الجمهورية لزيارة واشنطن . وقد استبعدت مصادر مطلعة ان يكون تأكيد الرئيس ترامب لاعتزامه استقبال الرئيس اللبناني ، من دون تحديد موعد ، مرتبطا بما أعلنه عون اذ ان الأمر بدا مقررا مسبقا ولا صلة له بمبادرة عون ولا يزال مبكرا الجزم بما سيكون عليه موقف واشنطن منها قبل مرور بضعة أيام على الأقل.
كذلك، فإن بيان معايدة
وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو للبنان بمناسبة عيد الاستقلال امس لم تكن ذات ارتباط بتطور معين ولكنها اتسمت بمنحى إيجابي مشجع للحكومة
اللبنانية إذ قال: "اتّخذت الحكومة اللبنانية هذا العام خطوات شجاعة لتعزيز مستقبل أكثر إشراقًا للشعب اللبناني. وستستمرّ
الولايات المتحدة في الوقوف إلى جانب لبنان والعمل معه من أجل تعزيز الاستقرار والازدهار الاقتصادي في لبنان وفي مختلف أنحاء المنطقة".
وكتبت "الأنباء الكويتية" إن رئيس الجمهورية سيتواصل مع الجانب الأميركي عبر السفير ميشال عيسى، لإعادة وصل ما انقطع، خصوصاً أن الولايات المتحدة تتولى تسليح الجيش اللبناني ومده بالعتاد منذ 1983. ولطالما جمعت الرئيس عون من أيام توليه قيادة الجيش بين 2017 و9 كانون الثاني 2025، أفضل العلاقات بين قادة الجيش اللبناني والإدارة السياسية والعسكرية الأميركية.
وكان رئيس الجمهورية اطلق مبادرة لإنهاء الاحتلال
الإسرائيلي ، ووقف الاعتداءات نهائياً. وتقوم المبادرة، وفق ما ورد في رسالة الاستقلال التي وجّهها عون إلى اللبنانيين، على الآتي:
- تأكيد جهوزية الجيش اللبناني لتسلّم النقاط المحتلة على حدودنا الجنوبية، واستعداد الدولة اللبنانية لأن تتقدّم من اللجنة الخماسية فوراً، بجدول زمني واضح محدّد للتسلّم.
- استعداد القوى المسلّحة اللبنانية لتسلّم النقاط فور وقف الخروقات والاعتداءات كافة، وانسحاب الجيش الإسرائيلي من كل النقاط.
- تكليف اللجنة الخماسية بالتأكّد، في منطقة جنوب الليطاني، من سيطرة القوى المسلّحة اللبنانية وحدها، وبسط سلطتها بقواها الذاتية.
- إن الدولة اللبنانية جاهزة للتفاوض، برعاية أممية أو أميركية أو دولية مشتركة، على أي اتفاق يُرسي صيغة لوقف نهائي للاعتداءات عبر الحدود.
- بالتزامن، تتولّى الدول الشقيقة والصديقة للبنان، رعاية هذا المسار، عبر تحديد مواعيد واضحة ومؤكّدة، لآلية دولية لدعم الجيش اللبناني، كما للمساعدة في إعادة إعمار ما هدّمته الحرب. بما يضمن ويسرّع تحقيق الهدف الوطني النهائي والثابت، بحصر كل سلاح خارج الدولة، وعلى كامل أراضيها.
وقال عون، إن لبنان حاضرُ للشراكة في السلام "بكلية وفاعلية، إن عبر توسعة نطاق اتفاقيات سابقة، أو عبر أخرى جديدة"، مضيفاً: "نعم، نحن حاضرون وجاهزون بلا أي عُقد، وفق قاعدة واضحة: مسار الشأن اللبناني، من
بيروت حتى حدودنا الدولية، نُسيّره وحدنا بقرارنا الذاتي المستقلّ، وبدافع مصلحة لبنان ومصالح شعبه العليا دون سواها، وهذا يعني انسحاباً إسرائيلياً من كل متر مربّع من أرضنا، وعودة لأسرانا، وترتيبات حدودية نهائية، تؤمّن استقراراً ثابتاً ونهائياً. أمّا أيّ خطوة أبعد من الحدود، فنسير بالتنسيق والتلازم مع الموقف العربي الجامع".