آخر الأخبار

سلام افتتح مؤتمر المواطنة المسؤولة: دولة القانون تبدأ من المواطن

شارك
رعى رئيس مجلس الوزراء الدكتور نواف سلام افتتاح مؤتمر "المواطنة المسؤولة"، الذي نظمته وزارة الشباب والرياضة بالاشتراك مع منظمة اليونيسف في قصر الأونيسكو، بحضور وزيرة الشباب والرياضة الدكتورة نورا بايراقداريان وممثل اليونيسف في لبنان مارك لويجي كورسي، و300 من طلاب جامعات: اللبنانية ، الأميركية، سيدة اللويزة، هايكازيان، الحكمة، بيروت العربية، القديس يوسف، اللبنانية الأميركية والمعارف.

وشكرت وزيرة الشباب والرياضة الرئيس سلام الذي "أضفى على مسيرة الوطن مطرقة العدالة وسندان الفكر والتجربة"، وقالت: "وجوده بيننا دلالة واضحة على اهتمامه الكبير بدور الشباب وإيمانه بأن تمكينهم هو المدخل الأساس لبناء لبنان أقوى".
وقدرت لمؤسسات الأمم المتحدة ولا سيما اليونيسيف "دورها ومؤازرتها لجهود الوزارة والشراكة في تنظيم المؤتمر ودعمها في إطلاق المنصة الالكترونية ووضع مشروع استراتيجية وطنية للشباب في لبنان"، مرحبة بالخبراء الأكاديميين ونحو 300 من الطالبات والطلاب الشباب الجامعيين.

وقالت: "ليست مصادفة أن يأتي هذا اللقاء مع عيد الاستقلال، الذي بات يحمل معنى أعمق لجهة القدرة على إدارة شؤوننا ومستقبلنا والمشاركة الفاعلة لكل مواطن في بناء الدولة والمجتمع، ومدلول الاستقلال اليوم يتعدى السياسة ليشمل الاقتصاد والمجتمع والثقافة، فهو يعني القدرة على تحقيق التنمية المستدامة، وتوفير فرص متساوية لكل اللبنانيين والحفاظ على هويتنا الوطنية المتنوعة".

اضافت: "في جوهرها تنبع فكرة المواطنة كقيمة وأداء، على أن تقترن بالمسؤولية، وهذه المسؤولية ليست شعارا بل التزام عملي بخدمة الوطن بعدالة وفعالية، وقد أردنا مواطنة مسؤولة توازن بين الحقوق والواجبات بما يضمن المشاركة الفاعلة وبناء مجتمع متماسك".

وربطت بين "المواطنة من جهة وعناوين عدة من جهة أخرى مثل التعددية وتكافؤ الفرص وحماية البيئة وترشيد الموارد واعتماد سياسات مستدامة والسلوك المسؤول في الفضاء الرقمي والاستخدام الأخلاقي للتكنولوجيا"، معتبرة أنه "لا يمكن الفصل بين المواطنة والتعليم الذي يعزز قيم الانتماء ويرسخ الثقافة الديموقراطية".

ولفتت الى أن "المواطنة المسؤولة تتعامل مع قضايا هامة مثل أهمية التطوع والمبادرات المجتمعية ودعم الأمن المجتمعي وتعزيز قيم التسامح والحوار وحل النزاعات بطريقة سلمية".

وتحدثت عن "العلاقة التفاعلية بين المواطنة والمؤسسات الحكومية وأهمية الشفافية والمساءلة والمشاركة في الحياة العامة".
وتوجهت الى الشباب بالقول: "مستقبل لبنان لن يبنى الا بكم وبأفكاركم وطاقاتكم، ويبذل فخامة الرئيس ودولة الرئيس كل الجهد لتوفير ما يسهم في بقاء شبابنا في ربوع وطنهم، وأعدكم بوزارة شباب ورياضة تصغي لشبابها وتشركهم في تسيير الشأن العام وتتعهد لهم بالشفافية، وأعدكم أننا سوف نمضي قدما بمناسبات تشاركية مستقبلية تعكس المثال النموذجي للتشارك بين الدولة والمواطن".

وقال الرئيس سلام: "يسعدني أن أكون بينكم اليوم، عشية ذكرى الاستقلال، في ورشة تختار عنوانا لا يمكن للبنان أن ينهض من دونه: المواطنة المسؤولة".

اضاف: "نحيي الاستقلال كل عام، لكن الاستقلال ليس مجرد ذكرى، بل مهمة نتسلمها جيلا بعد جيل. جيل 1943 حرر البلاد من الانتداب، أما جيلنا كما جيلكم فواجبه أن يكمل بناء مؤسسات الدولة وان يحصنها".

وتابع: "ان كان بديهيا ان لا استقلال تاما بلا دولة سيدة وقادرة، فقد يقتضي التشديد اليوم ان لا دولة سيدة وقادرة بلا مواطنين أحرار ومتساوين. نحن في لحظة يحتاج فيها لبنان أن يعيد صياغة علاقته بنفسه. علاقة الدولة بمواطنيها، وعلاقة المواطنين بدولتهم. وهذه العلاقة، التي يسميها الفلاسفة "العقد الاجتماعي"، هي وعي مشترك ومسؤولية مشتركة، قبل ان تكون ميثاقا تأسيسيا او دستورا مكتوبا".

وقال: "أقف أمامكم اليوم، لا بصفتي رئيسا لمجلس الوزراء فقط، بل كمواطن يشبهكم في القلق وفي الأمل، في جرح السنوات الماضية وفي رغبة الحياة التي لا تموت. ألتقيكم عشية ذكرى الاستقلال، لا لنحتفل بما كان، بل لنفكر بصراحة بما يجب أن يكون. فالاستقلال ليس مجرد محطة من الماضي، بل هو مناسبة كي نفكر جميعنا في سؤال مفتوح: أي وطن نريد؟ وأي مواطن نريد أن نكون؟".

اضاف: "لقد قام الدستور اللبناني على مبدأ واضح: الشعب مصدر السلطات وصاحب السيادة يمارسها عبر المؤسسات الدستورية. اذن المواطنون والمواطنات هم مصدر الشرعية، والدولة هي الضمانة. ثم جاء اتفاق الطائف ليثبت هذه الفكرة، وينقل لبنان من منطق "التقاسم" إلى منطق "الشراكة" في عمل المؤسسات. لكنه بقي مشروعا معطلا أو ناقص التنفيذ.
إن ما نحتاج إليه اليوم، بعد ثمانين عاما من الاستقلال، هو أن نعيد وصل ما انقطع: أن نعيد وصل الدولة بمفهوم المصلحة العامة التي عليها تجسيده، ووصل الدستور بمؤسساته، ووصل المواطنين بحقوقهم. فعندها تكون المواطنة المسؤولة ليس مجرد فكرة بل تصبح حجر الأساس لأي دولة حديثة، وشرط الاستقرار السياسي والاجتماعي فيها. فلا تكون الدولة بعيدة عن تطلعات مواطنيها أو حاجات مناطقهم".

وتابع: "أيها الشابات والشباب، دولة القانون التي نريد، هي ضمانة المواطن الأولى. هي ليست سلطة فوقه، بل مؤسسة تخدمه. الدستور فيها ليس كتابا منسيا، بل إطارا ناظما للحياة العامة. والدولة لا تكون على الحدود فقط، بل تكون في القضاء والإدارة والمدرسة والجامعة. والمساواة هي قلب الدولة الديمقراطية الحديثة كما ان الحرية هي روحها. فمن دون المساواة او الحرية، لا يدوم العقد الاجتماعي، ولا يتكون انتماء وطني راسخ".

وقال: "الدولة التي تطلب من المواطن أن يلتزم بالقانون، يجب أن تكون هي أول من يلتزم به. والدولة التي تطلب من الناس الثقة، يجب أن تستحق مؤسساتها هذه الثقة. والدولة التي تبسط سيادتها باسم الدستور والقانون، ليست علامة سلطة بل علامة مسؤولية. ومن موقع المسؤولية أقول بصراحة: الدولة في لبنان، عبر سنوات طويلة، لم تكن على مستوى هذه المسؤولية. تأخرت في حماية مواطنيها، ترددت في تطبيق الدستور، تراجعت أمام الضغوط الخارجية، وسمحت بأن تنمو اللامساواة وأن يترك المواطن ليواجه وحده انهيار العملة الوطنية، وتردي الخدمات العامة. لا أقول هذا للتنصل من المسؤولية، بل لتحملها. فالدولة والمسؤولون فيها لا يجب ان يكونوا فوق المساءلة والمحاسبة".

اضاف: "تماما كما أن للدولة مسؤوليات لا يمكنها التهرب منها، فإن للمجتمع أيضا دورا لا يمكن تجاهله. فالمواطنة في معناها الأصيل ليست علاقة استهلاك من الدولة، بل علاقة مشاركة في الدولة. مسؤولية المواطن ليست أن يتلقى ما تقدمه السلطة، بل أن يطالب بما يستحقه. مسؤوليته ليست الصمت، بل السؤال. ليست الانسحاب من الشأن العام، بل الانخراط فيه.
المواطنة المسؤولة لا تقاس بدرجة الطاعة للسلطة بل بقدرة المواطن على التعبير بلا خوف، وعلى الدفاع عن حقوقه دون عقبات. ومن حق المواطن أن يحلم بوطن أفضل، وأن يطالب بالإصلاح كلما دعت الحاجة، وأن يشارك في صنع السياسات عبر الأدوات الديمقراطية التي وجدت لأجله وفي مقدمها صناديق الاقتراع".

وتابع: "بين مسؤولية الدولة ومسؤولية المواطن، تتأسس العلاقة التي نريد بناءها اليوم بين اللبناني ودولته. علاقة لا تقوم على الاتكال ولا على الخصومة، بل على شراكة صادقة تعيد وصل ما انقطع من ثقة في السنوات الماضية. لذلك، أريدكم أن تحافظوا اليوم على جرأة السؤال وعلى خطاب نقدي بناء. فالمواطنة المسؤولة تبنى بالصوت لا بالصمت، بالمشاركة لا بالمقاطعة، بالعلم والكفاءة لا بالواسطة والمحسوبية".

واردف: "إن مستقبلا أفضل لهذا الوطن يتوقف على قدرتكم على انتاج ثقافة سياسية جديدة تقوم على قبول الاختلاف، ونبذ العنف، واحترام القانون، وعلى أن تصبح حقوق المواطن ومصالحه هي المعيار الأساسي للسياسات العامة".
وقال الرئيس سلام: "أيها الشابات والشباب، لبنان الذي نحلم به ليس بعيدا. هو هنا، في استعدادكم للعمل في الشأن العام، في اندفاعكم للمبادرة، في إيمانكم أن هذا البلد، رغم كل شيء، ما زال وطنا نستحقه ويستحقنا. المواطنة المسؤولة تترجم في الحق بالحلم، الحلم بدولة لا تدار بالاستثناء، بل بالقانون، دولة لا تدار بالولاءات المذهبية والطائفية بل بالخبرة وتكافؤ الفرص، دولة لا تدار بالخوف بل بالثقة".

أضاف: "أقول لكم بكل صدق: لقد أضعنا في وطننا الكثير من الوقت والفرص، لكن ما زال في وطننا من عناصر القوة ما يجعله قادرا على النهوض من جديد، أبرزها تجربة فريدة مع الحداثة، وطاقات بشرية استثنائية، وثقافة اجتماعية تميزت بالانفتاح وروح المبادرة".

وتابع: "لم نعد نملك ترف إضاعة الوقت والفرص، فقد اضعنا منها الكثير، وأبرزها اننا لم نطبق اتفاق الطائف الذي سمح باستعادة سلمنا الأهلي الا انتقائيا، ولم نقدم على نشر جيشنا في الجنوب بعد الانسحاب الإسرائيلي عام 2000، كما لم نحسن إدارة شؤون بلادنا السياسية بعد انتهاء زمن الوصاية السورية عام 2005. لذلك، أتوجه اليوم عبركم الى كل شباب وشابات لبنان لأقول لهم: أنتم لستم جيل استمرار الأزمات، بل جيل الخروج منها. وهذا يتطلب استكمال الإصلاح المؤسساتي والإداري والمالي الذي بدأناه، كما انه يتطلب استكمال بسط سلطة الدولة على كامل أراضيها بقواها الذاتية. انه التغيير المنشود لإنقاذ البلاد. والحقيقة ان وحدهم المواطنون المسؤولون هم الذين يستطيعون أن يصنعوا صورة لبنان الجديد وان يصونوا الاستقلال الذي نحتفل به اليوم". (الوكالة الوطنية)
لبنان ٢٤ المصدر: لبنان ٢٤
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا