آخر الأخبار

لا دعم أميركيا للبنان في 2026: دمشق أولوية واشنطن في الشرق الأوسط

شارك
يشهد الشرق الأوسط مرحلة معقدة، تتشابك فيها المصالح الإقليمية والدولية في سوريا ولبنان وتركيا وإسرائيل، وتتقاطع التحركات الإقليمية مع السياسات الأميركية في منطقة لا تزال تتأرجح بين التوتر والتهدئة. تسعى الأطراف المعنية إلى إدارة الملفات الأمنية والسياسية والاقتصادية بطريقة تحافظ على مصالحها، فيما تحاول واشنطن الحفاظ على توازن دقيق بين دعم حلفائها التقليديين وتجنب تصعيد الصراعات.

وتعكس التحركات الأخيرة، بما في ذلك رفض البيت الأبيض تعيين جويل ريبورن نائبًا لمساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى رغم موافقة لجنة الخارجية، رغبة الإدارة الأميركية في إدارة الملفات الحساسة ضمن معادلة متوازنة تصب في مصلحة تركيا.
عليه، تسعى تركيا وإسرائيل إلى تثبيت نفوذهما في سوريا بطرق مختلفة، إذ تعتبر تركيا بقاء سوريا موحدة أمرًا ذا أهمية، في حين ترى إسرائيل في إضعاف سوريا وتشظّيها ضمانة لأمنها وحدودها، وهو ما ينعكس مباشرة على لبنان . وفي المقابل، لا يمكن اعتبار المحادثات المباشرة بين دمشق وتل أبيب مسارًا للتطبيع، بل هي آلية لإدارة الواقع الميداني وفق خطوط تهدئة دقيقة، كما تقول مصادر أميركية. وتتداخل هذه الديناميات مع اختلافات المواقف الأميركية نفسها، حيث يُعد باراك من أبرز الداعمين للدور التركي، وهو الذي يحافظ على علاقة سياسية – شخصية مع المسؤولين الاتراك، وقد غلبت ورقة باراك على موقف ريبورن في مشهد يعكس تعقيدات القرار الأميركي في الشرق الأوسط. ويبرز دور الرئيس الأميركي دونالد ترامب أيضا، إذ تربطه علاقة شخصية جيدة بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ويستند في تقييماته إلى رؤية ترى أن الدور التركي سيكون حاسمًا في استقرار المشهد السوري، وأن الهدوء النسبي على الجبهة السورية ناتج عن تفاهمات غير معلنة.

وفي الوقت نفسه، ترفض واشنطن تقسيم سوريا، ويُطبق في الجنوب السوري نموذج حكم محلي يعتمد على أبناء المنطقة، مع الحفاظ على وحدة الأراضي ومنع أي تقسيم رسمي. وتسعى واشنطن إلى الحد من حرية التحرك الإسرائيلي ،حيث تتجه إلى إنشاء قاعدة أميركية في المزة لتكون الضامن الأساسي لمنع أي تقسيم، خاصة وأنها لعبت الدور الفاصل في اتفاق فك الاشتباك بين سوريا وإسرائيل الذي توسطت لإبرامه في أيار 1974، وملحقاته وخرائطه.

وعليه، يتوقع أن يشهد المشهد الإسرائيلي تغييرات على وقع الانتخابات المقبلة، إذ يُتوقع أن يخسر بنيامين نتنياهو، ما قد يفتح الباب أمام حكومة جديدة تسعى لتطوير الاتفاقات الأمنية وربما إعادة النظر في انتشارها الميداني. وفي الوقت نفسه، يرتبط غالبية المرشحين للحكومة الإسرائيلية بعلاقات وثيقة مع الديمقراطيين، ما يجعل أي تبدّل في الكونغرس لمصلحة الديمقراطيين عاملاً مؤثرًا في رسم السياسات الإسرائيلية تجاه سوريا ولبنان.

وفي انتظار ذلك، فإن استعادة سوريا لدورها الإقليمي تحتاج إلى عقود من إعادة البناء، ولا توجد مؤشرات على سعي دمشق لتوسيع نفوذها خارج حدودها الحالية. أما لبنان، فظروفه الداخلية والسياسية تحول دون استثماره كممر أو مقر لإعادة الإعمار، في ظل رفض بعض الأطراف التفاهم مع الرئيس الانتقالي أحمد الشرع، بينما يرى آخرون ضرورة طيّ الصفحة، غير أن اعتبارات سياسية وطائفية تعرقل أي انفتاح كامل. وعليه، وصف باراك لبنان بأنه دولة شبه فاشلة أُهدرت عليها فرص مهمة، بما فيها فرصته في الأمم المتحدة ، ليفسر بذلك تراجع الاهتمام الأميركي بالالتزام المالي تجاهه، مع تركيز واشنطن على سوريا وتركيا باعتبارهما المحور الاستراتيجي الأساسي في المنطقة.وتكشف موازنة 2026 الأميركية عن عدم تخصيص أي مبالغ لدعم الجيش اللبناني أو مؤسسات المجتمع المدني أو برامج الأمم المتحدة مثل UNDP والأونروا، ما يعكس نهاية مرحلة “القوة الناعمة” في لبنان. كما تأجلت المبادرة الفرنسية– السعودية ، فيما يتعرض الجيش اللبناني لانتقادات أميركية، حيث اعتبرت صحيفة وول ستريت جورنال أن الدولة عاجزة عن تنفيذ قراراتها، وأن الجيش لا يقوم بالمطلوب منه.

في المجمل، يظهر المشهد كتركيبة دقيقة من التوازنات والتحديات، حيث باتت واشنطن ترى أن نفوذها الاستراتيجي في الشرق الأوسط، الذي يمتد من تركيا إلى السعودية مرورًا بسوريا، لا يحتاج على الإطلاق إلى لبنان، الذي لا يسبب سوى المشاكل إذا تم التركيز على استقراره فهو لمنع انزلاقه نحو صراع جديد مع إسرائيل.
لبنان ٢٤ المصدر: لبنان ٢٤
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا