نشرت مجلة "فورين بوليسي" الأميركيّة تقريراً جديداً تحدثت فيه عن " حزب الله " في لبنان ووضع التصعيد مع إسرائيل .
التقرير الذي ترجمهُ
"لبنان24" يقولُ إنه "بعد تعرّض الحزب لضربة إسرائيلية، يعملُ الأخير على تجديد قدراته المتضررة بشدة"، وأضاف: "خلال الشهر الماضي، زارت
بيروت مورغان أورتاغوس، المبعوثة الأميركية الخاصة إلى
الشرق الأوسط ، وذلك للضغط على الرئيس اللبناني جوزاف عون لنزع سلاح حزب الله المدعوم من
إيران ، لكنها اكتشفت، إن القول أسهل من الفعل".
وتابع: "لا تزالُ إيران الرَّاعي
الرئيسي لحزب الله، كما يؤكد إعلان وزارة الخزانة الأميركية أمس فرض عقوبات على عملاء ينقلون الأموال الإيرانية إلى الحزب. وإلى جانب التمويل الإيراني المباشر، يمتلك الحزب شبكاته العالمية الواسعة والمستقلة للمشتريات والتمويل. وإذا كان الماضي سابقة، فسيعتمد حزب الله بشدة على تلك الشبكات الدولية للتعافي من انتكاساته الأخيرة. وللنجاح في تحرير لبنان من قبضة حزب الله الحديدية، يجب على
الولايات المتحدة والمجتمع الدولي ليس فقط دعم جهود الحكومة
اللبنانية لنزع السلاح داخلياً، بل أيضاً منع حزب الله من العمل بحرية في الخارج".
واستكمل: "لقد ازدادت احتياجات حزب الله بشكل كبير في أعقاب الحرب التي اختار شنها على إسرائيل عام 2023. يعمل حزب الله جاهداً على إعادة بناء قدراته العسكرية، التي دمرتها إسرائيل بشكل كبير أثناء استهدافها عناصره وبنيته التحتية. كذلك، تبلغ تكاليف إعادة الإعمار المدنية مليارات الدولارات، ويتطلع أنصار حزب الله في جنوب لبنان الشيعي إلى استمرار دعمه لإعادة الإعمار والخدمات الاجتماعية".
وأضاف: "واجه حزب الله صعوبة في تلبية احتياجاته المالية المتزايدة، إذ لم يتمكن من تغطية منح إعادة الإعمار الموعودة، ورواتب عائلات القتلى والجرحى. في إحدى الحالات، أصدر حزب الله شيكات تعويضات مؤجلة لإعادة بناء المنازل، مع تعليق الدفعات قبل أن يحصل معظم الناس على أي أموال".
وتابع: "لا تزال إيران ملتزمة بتقديم دعم واسع النطاق لحزب الله، لكن هذا الأمر أصبح أكثر صعوبة. اتخذت الحكومة اللبنانية خطواتٍ لم تكن متوقعة سابقاً، بما في ذلك منع الطائرات الإيرانية من الهبوط في بيروت، وتفتيش الناقلين الإيرانيين عند وصولهم، ومنع البنوك وشركات الوساطة اللبنانية من التعامل مع العديد من المؤسسات المالية المرتبطة بحزب الله. وفي الجوار، يُشدد النظام السوري الجديد قبضته على الأسلحة والأموال الإيرانية المتجهة إلى لبنان والتي تمر عبر البلاد".
وقال: "عندما عانى حزب الله من نقص في التمويل سابقاً، اعتمد على شبكاته العالمية في آسيا وأفريقيا وأوروبا والأميركيتين لتكملة التمويل الإيراني. بدأ هذا التوجه بشكل جدي بعد
حرب حزب الله مع إسرائيل عام 2006، عندما واجهت الجماعة تحديات مماثلة في إعادة الإعمار والبناء. كذلك، وسّع حزب الله شبكاته بشكل أكبر عندما واجهت إيران نفسها تحديات مالية عام 2009 نتيجةً للتأثير المشترك للثورة الخضراء والعقوبات الجديدة وانخفاض أسعار النفط. أيضاً، استغل حزب الله شبكاته العالمية مرة أخرى عندما زاد انخراطه في الحرب الأهلية
السورية من ضغوط ميزانيته".
وتابع: "هذه المرة، يبدو أن حزب الله قد توجه بالفعل إلى أفريقيا وأميركا الجنوبية لجمع الأموال. لحزب الله حضورٌ بارزٌ في كلتا القارتين منذ فترة طويلة. في تشرين الأول 2024، أصدرت شبكة إنفاذ الجرائم المالية التابعة لوزارة الخزانة الأميركية تنبيهاً حذّر المؤسسات المالية من نشاط حزب الله في غرب أفريقيا، حيث يمتلك شبكة ممولين تجمعُ الأموال وتغسلها نيابةً عنه. وفي أيار، أصدرت
وزارة الخارجية الأميركية إشعاراً ضمن برنامج مكافآت من أجل العدالة يطلبُ معلومات عن الآليات المالية لحزب الله في منطقة الحدود الثلاثية التي تلتقي فيها الأرجنتين والبرازيل وباراغواي. كذلك، ذكر الإشعار أن ممولي حزب الله وميسّريه يعملون هناك - وفي أجزاء أخرى من أميركا الجنوبية - ويدرّون عائدات من الاتجار بالمخدرات وغسل الأموال والتزوير والتهريب".
وأكمل: "يسعى حزب الله أيضاً إلى استخدام شبكات مشترياته وشركاته الوهمية حول العالم للحصول على تقنيات عسكرية وتقنيات ذات استخدام مزدوج. وفي عام 2024 ، على سبيل المثال، عطّلت بريطانيا وألمانيا وإسبانيا عمليةً كبرى لحزب الله لشراء مكونات لطائرات مسيرة انتحارية قادرة على حمل متفجرات. كذلك، سعى الحزب إلى الحصول على مكونات ومواد من كل أنحاء العالم. ووفقًا لوزارة العدل الأميركية، حصل حزب الله على مواد كيميائية أولية مناسبة لصنع القنابل من شركة أجهزة طبية في غوانزو، الصين، كجزء من تخطيطه لهجمات في قبرص وتايلاند وأماكن أخرى".
وأضاف: "لمنع حزب الله من إعادة بناء نفسه، ينبغي على الدول ضمان عدم استغلال أراضيها من قبل الحزب. وانطلاقاً من ذلك، ينبغي على جميع الدول المهتمة بمستقبل أفضل للبنان والشرق الأوسط تصنيف حزب الله كمنظمة إرهابية أو حظره - إن لم تكن قد فعلت ذلك بالفعل - ثم استخدام أدوات الإنفاذ المنبثقة عن هذا التصنيف لقمع أي نشاط لحزب الله على أراضيها".
وقال: "غالباً ما تتضمن هذه التصنيفات صلاحيات إضافية لوكالات إنفاذ القانون. ففي ألمانيا، على سبيل المثال، داهمت السلطات عدة منظمات مرتبطة بحزب الله بعد أن حظرت برلين الجماعة بالكامل عام 2020. وفي البرازيل، كانت السلطات على علم بوجود داعم مالي لحزب الله قبل وقت طويل من اكتشاف تورطه أيضاً في مخطط هجومي في البلاد، إلا أن المحققين لم يعتبروا أدلة التمويل الأولية أولوية لأن البرازيل لم تُصنّف حزب الله جماعةً إرهابية. كذلك، قد وجدت دراسة أجرتها مؤسسة راند في آذار أن دول أميركا اللاتينية الخمس التي صنّفت حزب الله منظمةً إرهابية شهدت تراجعاً في أنشطة الجماعة، بينما استمرت في دول لم تُصنّفها بعد".
واستكمل: "في الواقع، غالباً ما تفتقر الدول التي لم تُصنّف حزب الله على قائمة الإرهاب إلى الأدوات اللازمة للتحقيق معه وتعطيله وملاحقته قضائياً على أنشطته، وينطبق هذا بشكل خاص على نقطة ضعف حزب الله، وهي جمع الأموال والمشتريات. مع هذا، لا تحتاج الدول إلى تصنيف رسمي لتوجيه تهم جنائية ذات صلة عندما يخطط الإرهابيون لهجمات أو ينفذونها، ولكن هذا ليس هو الحال عندما يتعلق الأمر بجمع الأموال غير المشروع، أو تحويل الأموال، أو مخططات التوريد، أو غيرها من أنشطة الدعم اللوجستي".
وأضاف: "لحسن الحظ، صنّفت عدة دول حزب الله مؤخراً كمنظمة إرهابية. وفي أيلول الماضي، وعقب زيارة
وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو إلى كيتو، أصدرت الإكوادور مرسوماً رئاسياً يُصنّف حزب الله والحرس الثوري الإسلامي وحركة حماس منظمات إرهابية. كانت الإكوادور سادس دولة في أميركا اللاتينية تُدرج حزب الله على القائمة السوداء بعد الأرجنتين وكولومبيا وغواتيمالا وهندوراس وباراغواي. ومنذ عام 2019، تحركت 19 حكومة حول العالم لحظر حزب الله أو تقييد أنشطته أو تصنيفه كمنظمة إرهابية ، وهو تذكير بأن الدبلوماسية الرامية إلى عزل حزب الله يمكن أن تكون فعّالة للغاية. وبينما يضغط دبلوماسيون مثل أورتاغوس على بيروت لبذل المزيد من الجهود لنزع سلاح حزب الله في لبنان، فإن مواجهة حزب الله في الخارج ستعتمد على الدول التي تستهدف جهود التمويل والمشتريات المنهجية للحزب".
وقال: "بفضل نجاحات إسرائيل، لم يكن حزب الله أضعف مما هو عليه الآن. لقد اتخذ الرئيس اللبناني جوزاف عون والمصرف المركزي اللبناني والجيش اللبناني بالفعل بعض الخطوات لنزع سلاح الحزب، إلا أن هذه المهمة لا تزال جسيمة. يحتاج عون وحلفاؤه في نزع سلاح حزب الله إلى كل مساعدة ممكنة من المجتمع الدولي، فإذا اعترفت المزيد من الدول رسمياً بحزب الله كمنظمة إرهابية - وليس حزباً سياسياً شرعياً أو جهة فاعلة حكومية - فسيُرسل ذلك رسالة قوية إلى مؤيدي الحزب حول العالم، وسيُطلق العنان لتدابير مضادة لوقف تدفق الأموال، وسيمنح الشعب اللبناني الأمل في أن بلدهم قد ينجو من دوامة العنف السياسي الدائمة".
وختم: "لأول مرة منذ عقود، ثمة فرصة حقيقية لسحق حزب الله نهائياً. إن عدم اغتنام هذه الفرصة سيكون وصفة لفشل الدولة في لبنان، وتجدد الحرب مع إسرائيل، ودورة أخرى من الصراع في الشرق الأوسط".