نشرت صحيفة "تايمز أوف إسرائيل " إنَّ حركة " حماس تخشى أن تتحوّل غزة إلى نسخة من لبنان ، في وقت تحاول فيه إسرائيل فرض قيود على نفوذ الحركة، وضمان ألا تتحول غزة إلى مساحة تتيح للحركة الفلسطينية السيطرة على مؤسسات القطاع بشكل كامل".
وذكرت الصحيفة أنّ "اتفاق وقف إطلاق النار، الذي نص على إنهاء الحرب فوراً، أعطت حماس هامشاً كبيراً لإعادة الانتشار في 47% من غزة التي تسيطر عليها، حيث عادت قواتها للتجول في الشوارع، وقامت بعمليات ضد خصومها وعناصر متعاونين مع إسرائيل في وضح النهار".
وذكرت أنَّ "هذه الحرية المؤقتة تمثل مصدر قلق لإسرائيل، لأن أي هجوم صغير من حماس قد يدفع الجيش
الإسرائيلي للرد بضربات واسعة، كما حدث في الهجمات الأخيرة على رفح، التي أودت بحياة العشرات من مقاتلي حماس والمجموعات المسلحة الأخرى، وفقاً لسلطات غزة الصحية".
وقال مصدران مطلعان إنَّ "مسلحي حركة حماس، المتحصنين في منطقة رفح التي تسيطر عليها إسرائيل في غزة، سيسلمون أسلحتهم مقابل السماح لهم بالمرور إلى مناطق أخرى من القطاع، بموجب اقتراح لحل مشكلة ينظر إليها على أنها خطر على وقف إطلاق النار المستمر منذ شهر".
وقالت الصحيفة إنَّ "حماس تعمل على الحفاظ على ترسانة أسلحتها، بهدف منع إسرائيل من تحقيق أحد أهدافها الرئيسية، وهو إبعاد الحركة عن إدارة القطاع".
وأوضح مسؤولون كبار في حماس أنَّ الحركة لن تتخلى عن أسلحتها في
المستقبل القريب، مؤكدة أنَّ احتفاظها بالقدرة العسكرية يمكّنها من فرض النفوذ على أي إدارة مؤقتة للقطاع وتحجيم أي سلطة قد تهدد موقفها.
ونقلت الصحيفة عن مصادرها أنَّ "الحركة بدأت بالفعل لعب دور صانع الملوك في غزة، إذ أعلن قيادي كبير، موسى أبو مرزوق، عن اتفاق بين حماس والسلطة الفلسطينية لتشكيل لجنة مؤقتة لإدارة غزة نيابة عن السلطة".
وأشارت الصحيفة إلى أنَّ "هذا الدور يضمن لحماس الاحتفاظ بنفوذها، وحقها في التدخل في شؤون الإدارة المحلية، حتى دون أن تحكم بشكل رسمي".
ويرى التقرير أن "تجربة
حزب الله في لبنان تمثل درساً واضحاً لحماس"، فيما قالت لينا خطيب، من معهد"تشاتام هاوس"، إن "استخدام حزب الله للسلاح لتخويف خصومه أتاح له ترسيخ موقعه الخاص ضمن
الدولة اللبنانية وزيادة نفوذه السياسي"، وأضافت: "حماس قد تسعى لنفس النهج في غزة، لضمان حماية مواقعها وأسلحتها".
وأشار التقرير إلى أن إسرائيل تعمل على ضمان عدم إعادة إنتاج نموذج لبنان في غزة، مع تعزيز قدرتها على تحديد متى وأين يمكن أن تضرب مواقع حماس، بينما تسعى الحركة إلى تقليل قدرة الجيش الإسرائيلي على اتخاذ أي قرار عسكري بحريّة.
وقالت الصحيفة إن المرحلة التالية من الهدنة بين الجانبين لم تبدأ بعد، حيث لا تزال محادثات تنفيذ المرحلة الثانية متعثرة، بما في ذلك استكمال تسليم جثث الرهائن، إذ بقي 6 من أصل 28 جثة محتجزة في غزة منذ 10 تشرين الأول الماضي، وفقاً للمصادر.
وأضافت "تايمز أوف إسرائيل" أن الوضع بعد الحرب يبقى غير محسوم، حيث يستمر الطرفان في خلق الوقائع على الأرض ومحاولة إعادة صياغة شروط الهدنة، بما يخدم مصالحهم، سواء من خلال الدبلوماسية، أو من خلال تهديد القوة، أو عبر تأجيل تنفيذ بنود الاتفاق تدريجياً.
وأكدت الصحيفة أن إسرائيل قد ترى نفسها منتصرة، لكن "حماس" لا تعتقد أنها خسرت، موضحة أن احتفاظ الحركة بأسلحتها وقدرتها على التحكم بمن يدير غزة يضمن استمرار نفوذها، وهو ما قد يقوض أي انتصار ظاهر للجيش الإسرائيلي ويؤكد قدرة الحركة على البقاء اللاعب الأهم في القطاع، تماماً كما فعل حزب الله في لبنان، قبل أن يضعف في المواجهات الأخيرة مع إسرائيل.
(24)