آخر الأخبار

اجتماعات الميكانيزم بين التصعيد الإسرائيلي ومشاريع ترامب للسلام

شارك
تستأنف اليوم في الناقورة اجتماعات لجنة مراقبة وقف اطلاق النار "الميكانيزم"، في وقت تتكثّف فيه الغارات الإسرائيلية على الجنوب ، ويتزايد التحليق اليومي للطائرات المسيرة فوق مختلف المناطق. وتأتي هذه الاجتماعات كمحاولة جديدة لإحياء مسار التهدئة وضبط الخروقات، غير أن المناخ الإقليمي والميداني يوحي بأنّ مهمتها تبدو أكثر صعوبة من أي وقت مضى.

يأتي الاجتماع بعد الغارة الإسرائيلية العنيفة على منطقة المصيلح، التي وصفت بأنّها الأكبر منذ اتفاق وقف الحرب في غزة، واعتبرتها مصادر سياسية بمثابة ضربة استباقيةٍ تهدف إلى تعطيل أيّ محاولة لعودة السكان إلى القرى الأمامية، وقطع الطريق أمام ورشة إعادة الإعمار في الجنوب.

وبحسب هذه الأوساط، فإنّ إسرائيل أرادت من خلال هذه الضربة إيصال رسالة مفادها أنّ "لا إعمار قبل نزع سلاح حزب الله "، في محاولة لفرض معادلة جديدة تربط الإعمار بالرضوخ السياسي والأمني. هذا التطور، وفقاً للمصادر نفسها، يعني الانتقال إلى مرحلة جديدة من التصعيد غير المباشر، تستهدف قدرة الدولة على الصمود لا قدرات الحزب العسكرية فحسب.

وتتباين الآراء حول فعالية لجنة "الميكانيزم"، إذ ترى مصادر سياسية لبنانية أنّ اللجنة فقدت دورها الأساسي وتحولت إلى منبر شكلي لا يغيّر شيئاً في الواقع الميداني، بعدما عجزت عن فرض أي التزام حقيقي بوقف الخروقات.
في المقابل، يعتبر آخرون أنّ مجرّد انعقادها في هذا التوقيت الحرج يمنح لبنان نافذةً دبلوماسيةً لمنع الانزلاق نحو مواجهة واسعة، حتى وإن بقيت نتائجها محدودة.

وتشير مصادر دبلوماسية مطلعة إلى أن اتفاق وقف الأعمال العدائية منح إسرائيل فسحة حركة أوسع، إذ باتت تتصرف بحرية ميدانية شبه كاملة، من دون أيّ التزام فعلي بقيود تفاوضية. وتؤكد هذه المصادر أن تل أبيب ليست مستعجلة على أي تسوية، بل تفضل إدارة الوضع الراهن عبر سياسة الضغط المتقطع التي تتيح لها تحقيق مكاسب من دون التورط في حرب شاملة أو تفاوض سياسي مع لبنان.

وفي السياق نفسه، لا تستبعد دوائر أميركية أن تنفذ إسرائيل عمليات محدودة أو اغتيالات في الضاحية الجنوبية أو الجنوب أو البقاع بعد تثبيت وقف النار في غزة، معتبرة أنّ تل أبيب لن تحتاج إلى مواجهة واسعة طالما أنّها قادرة على تحقيق أهدافها بضربات مركزة من دون رادع فعلي.

بالتوازي، تتكثّف الإشارات الأميركية إلى ما تسميه إدارة الرئيس دونالد ترامب "العصر الجديد للروابط الاقتصادية في الشرق الأوسط "، والذي يشمل مسارات تطبيعٍ غير مباشرة بين تل أبيب وبيروت، والقدس ودمشق، ودبي وحيفا. وتضيف المصادر أنّ واشنطن تسعى إلى إدماج لبنان تدريجياً في هذا المشهد الإقليمي، في إطار مشروعٍ اقتصادي – سياسي واسعٍ يريد ترامب أن يُطلقه من دمشق.

وفي هذا الإطار، أعلن ترامب أمس أنّ "حزب الله في لبنان تمّ تدميره"، مؤكّداً دعم بلاده لرئيس الجمهورية جوزاف عون في مسار نزع سلاح الحزب وبناء دولة قادرة على العيش بسلام مع جيرانها"، في ما اعتبره مراقبون تبنّياً أميركياً علنياً لسياسة الضغط على الحزب عبر الدولة اللبنانية .

وفي الموازاة، وجه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو رسالة واضحة بقوله: "ما زالت أمامنا تحديات أمنية كبيرة، وبعض أعدائنا يحاولون التعافي لضربنا مجدداً، لكننا سنتولى أمرهم في الوقت المناسب". ويقرأ هذا التصريح، بحسب مصادر سياسية، في سياق اعتماد إسرائيل توجيه ضربات استباقية محدودة لمنع أي إعادة تموضع لحزب الله أو فصائل أخرى، من دون الانزلاق إلى حرب شاملة.

بين حرص واشنطن على إبقاء الاستقرار النسبي في لبنان، وسعي تل أبيب إلى ترسيخ معادلة جديدة تقوم على الضغط التدريجي دون الحرب، تبدو اجتماعات الناقورة المقبلة أشبه بتفاوض غير معلن حول مستقبل الجبهة الجنوبية وتوازناتها السياسية والأمنية، في ظل غياب ثقة لبنانية بجدوى اللجان الدولية، واستمرار إسرائيل في رسم خطوط اشتباك جديدة من طرف واحد.
لبنان ٢٤ المصدر: لبنان ٢٤
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا