آخر الأخبار

الانتخابات النيابية بالنسبة إلى الثنائي وجودية هذه المرّة

شارك
عُرف عن الرئيس نبيه برّي أن لديه لكل ظرف مثلًا أو قولًا مأثورًا يلجأ إليه لتوصيف حالة سياسية معينة، أو للتعبير عن موقف سياسي. ومن بين الأمثلة الكثيرة التي يستخدمها "الأستاذ" بحرفية وتقنية عالية الجودة "ما تقول فول قبل ما يصير بالمكيول"، و"اقضوا حوائجكم بالكتمان"، وأكلت يوم أُكِل الثور الأبيض". وهذا الأخير مثل عربي يُضرب ليعكس أهمية الوحدة والاتحاد في مواجهة الخطر. وتحكي القصة أن أسداً أراد اصطياد ثلاثة ثيران (أحمر وأسود وأبيض)، ولكنه عجز عنها وهي متحدة. فاستخدم حيلة "فرّق تسد"، حيث أقنع الثورين الأسود والأحمر بأن يتخلصا من الثور الأبيض بذريعة أن لونه المكشوف يهدد الجميع، ثم تفرقا عن بعضهما البعض، فأكل الأسد كل واحد منهما على حدة.
وهذا المثل يُراد منه الدلالة على أهمية أن يكون " الثنائي الشيعي" متضامنًا اليوم أكثر من أي وقت مضى، خصوصًا أن ما يستشعره "الأخ الأكبر" من مخاطر قد تهدّد لبنان عمومًا والبيئة الحاضنة لـ "الثنائي" في شكل خاص قد أصبحت على قاب قوسين أو أدنى. وهذه المخاطر الآتية حتمًا، وإن بأشكال متعدّدة، تستلزم تضامنًا أكثر من ذي قبل، ولكن في الوقت ذاته تستدعي أن يكون لدى قيادة " حزب الله " بنوع خاص الكثير من الحكمة المصحوبة بكثير من الشجاعة والفروسية. ولكن ما تقوم به إسرائيل من اعتداءات يومية وآخرها على منطقة المصيلح، لن تترك للحكمة والتعقّل مكانًا.
وهذا التضامن الذي يدعو إليه الرئيس بري يبدأ من توحيد الموقف حيال التطورات في المنطقة، ووجوب التعاطي معها بحذر شديد، مع إبقاء العيون مفتوحة على إمكانية إقدام إسرائيل على أي مغامرة في لبنان. وهذا التضامن يفرض أيضًا مواجهة أي حركة التفافية على "الثنائي" في الداخل عبر الانتخابات النيابية، التي هي بالنسبة إلى "حزب الله" وحلفائه معركة مصيرية ووجودية. ويعتبر كثيرون ممن يدورون في فلك محور "الممانعة" أن نتيجة الانتخابات البلدية يجب أن تُعمّم على واقع الاستحقاق النيابي، وذلك من خلال جعل أي إمكانية لإحداث أي خرق في "البلوك" النيابي الشيعي مهمة صعبة بل مستحيلة. من هنا يُفهم إصرار الرئيس بري على إجراء الانتخابات في موعدها، ولكن على أساس القانون الحالي النافذ، أي من دون تعديل المادة 112 منه.
الحجّة الظاهرية لعدم تعديل هذه المادة هي أن "الثنائي" غير قادر على تنظيم حملات خارجية لتحفيز مناصريه على الاقتراع، وذلك بفعل ما يتعرّضون له من ضغوطات تحول دون قيامهم بواجبهم الانتخابي مثلهم مثل أي مغترب آخر لا ينتمي إلى محور "الممانعة"، الأمر الذي يجعل هذه المشاركة غير فعالة ومنتجة نتيجة غياب عامل تكافؤ الفرص والمساواة في الحقوق والواجبات بين المواطنين.
ولذلك فإن المعركة الانتخابية بالنسبة إلى "الثنائي" هذه المرّة هي كالمعركة العسكرية. فكلاهما وجوديان ومصيريان، وأن أي خلل في الواحدة يعني خللًا مزدوجًا. فكما أن التضامن مطلوب في المعركة العسكرية، أيًّا يكن شكلها، كذلك مطلوب أن تتضامن البيئة الحاضنة لـ "الثنائي" في المعركة الانتخابية.
فالمعركة الداخلية بين القوى السياسية في سباق مع الوقت. ولكن لا أحد من هذه القوى المتصارعة على حلبة المادة 112 يملك ترف هذا الوقت. فالرئيس بري مرتاح إلى أن لا شيء يتقدّم على القانون الحالي النافذ سوى القرآن والانجيل. وهذا يعني أن أبواب مجلس النواب ستبقى مقفلة أمام إمكانية تعديل حرف واحد في هذا القانون.
في المقابل فإن "الفريق الآخر" يصرّ على التجاوب مع رغبة الأكثرية النيابية، التي تطالب بإشراك المغتربين في التصويت لـ 128 نائبًا، كل في دائرة نفوسه، وذلك عملًا بما نصّ عليه الدستور لجهة المساواة بين اللبنانيين، مقيمين ومغتربين.
الغالبية المطلقة في دول الاغتراب غير متحمسّة للأداء بأصواتها للنواب الستة في الدائرة الـ 16 لعدّة أسباب، ومن بينها بالطبع حقّها في ممارسة هذا الحقّ مثلها مثل أي لبناني في آخر قرية لبنانية، وثانيًا بسبب عدم وضوح الصورة في مسائل كثيرة تتعلق بهذا الاجراء وكأن المطلوب منهم حل كلمات متقاطعة غير مكتملة المعاني.
من هنا يُفهم عدم حماسة أغلبية المغتربين على التسجيل على المنصات الخاصة بالقنصليات في القارات الخمس. وهذا ما يجب أن يتداركه معارضو هذا الحقّ لأسباب تعود في الأساس إلى النتائج التي تمخّضت عنها انتخابات العام 2022، والتي أسفرت عن نوع من التعبير غير المباشر عن إرادة الكثيرين من المغتربين، الذين اضطّروا للهجرة بسبب الممارسات السياسية الخاطئة، والتي أدّت إلى افلاس البلد، و"سرقة" أموالهم بطريقة أو بأخرى.
وكان لافتًا بيان " القوات اللبنانية ردًّا على الرئيس بري، فأعتبر أن تمسكّه بقانون الانتخاب كما هو، "ليس بدافع الحرص عليه، بل في سياق سعيه إلى منع غير المقيمين من التصويت للنواب الـ 128، وذلك لأسباب سياسية معروفة تهدف إلى استبعاد كتلة لبنانية ناخبة من المشاركة في الاقتراع. وهذه خطوة تضرب مبدأ المساواة المنصوص عليه في الدستور، وتميِّز بين المقيم وغير المقيم، لأسباب يتحمّل مسؤوليتها فريق الرئيس بري والسياسات التي أدّت إلى تهجير اللبنانيين بحثا عن استقرار وازدهار مفقودين في لبنان".
لبنان ٢٤ المصدر: لبنان ٢٤
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا