آخر الأخبار

قراءة فاتيكانية متجددة في زمن التحولات اللبنانية

شارك
كتب انطوان مراد في" نداء الوطن": زيارة قداسة البابا لاوون الرابع عشر لبنان في نهاية تشرين الثاني المقبل، لا تختلف كثيرًا في الشكل عن زيارتي سلفيه يوحنا بولس الثاني وبنديكتوس السادس عشر، بالنسبة لمحطاتها الرسمية والروحية والسياسية والعامة. على أن ثمة تمايزات معينة لا بد من التوقف عندها، وبينها زيارة الحبر الأعظم ضريح القديس شربل في دير مار مارون عنايا، وهي زيارة سريعة لكنها شديدة التعبير، إذ تؤكد أهمية الطابع المشرقي والخصوصية الروحانية للكنيسة المارونية والأمة المارونية، كما يحب أن يسميها ملافنة موارنة كبار على مر الحقبات.

يوفر الفاتيكان عناية خاصة لمسألة تجذر المسيحيين في أرضهم ووطنهم، ويحرص على ترتيب أفضل علاقات بين البطريركيات والمطرانيات وبين الرهبانيات على اختلافها، كي يستعيدوا حضورهم التاريخي في رفد الموارنة والمسيحيين عمومًا بما تملك تلك المرجعيات من حضور وإمكانات، فضلًا عن وجود مساع بعيدة من الأضواء في الحاضرة البابوية لإعداد إطار عملي يساهم في تشديد الأواصر بين الكنيسة والرعية، ويكون للعلمانيين فيه دورهم بحيث يقدّمون مساهماتهم وخبراتهم وإمكاناتهم لهذه الغاية، فـ "الكنيسة الحيّة هي انعكاس للشعب المؤمن الحي".

ويقول دبلوماسي مخضرم خبر العلاقات التاريخية بين الفاتيكان ولبنان، إن وطن الأرز يحتل مكانة مميزة بل فريدة لدى الكرسي الرسولي، ليس كحقل تجارب للتعايش المسيحي الإسلامي كما ساد الاعتقاد في إحدى الفترات الماضية، بل كنموذج يشكل مثالًا للتنوع وللتعددية الدينية والثقافية، علمًا أن الميثاق اللبناني سيسقط حتمًا عندما تسقط الإرادة المشتركة لجميع اللبنانيين بالبقاء في وطن واحد، وبالتالي فإن هذه الإرادة لها الكلمة الأولى في الحفاظ على لبنان وليست كلمة دولة كبرى أو مجتمع دولي أو إقليمي فحسب.

ويعتبر الدبلوماسي نفسه أن وحدة لبنان واستمراره كوطن عيش مشترك حقيقي ومتوازن يشكل ضمانة للمسيحيين فيه وفي المشرق وتجربة يبنى عليها لمواجهة التطرف والنزعات التكفيرية والأصولية الخطرة. وهذا لا يبخس أبدًا من تضحيات المسيحيين في الحفاظ على هذا الوطن، لكن أكثر ما يؤلم الكرسي الرسولي هو الخلافات المسيحية المسيحية مع إدراكه ضمنًا أن هناك نسبية في توزع المسؤوليات حول هذه الخلافات، ولكن في نهاية المطاف لا مشكلة في وجود تنوع وتمايز على المستوى السياسي بين المسيحيين، بل إن هذا الأمر طبيعي ومنطقي، لكن المشكلة تبدأ عندما ينعكس هذا التنوع سلبًا على المسيحيين ويضعف دورهم ويجعلهم أحيانا يلجأون أو يلجأ بعضهم إلى الاستعانة بقوى أخرى داخلية وربما خارجية لمجرد تدعيم موقفهم في المعادلة المسيحية. ولذا، فإن الفاتيكان يحاذر التعاطي بالمفرق مع القوى المسيحية إلا بالحد المعقول من منظاره، ولو أنه يحرص على الاطلاع على مواقفها جميعا، ليكوّن رؤيته الخاصة.
لبنان ٢٤ المصدر: لبنان ٢٤
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا