كتب ابراهيم بيرم في" النهار": ما إن بدأ سريان اتفاق وقف النار في 27 تشرين الثاني الماضي، حتى سرت موجة انطباعات داخل "حزب الله" وفي بيئته الحاضنة، فحواها وعد مؤكد بأمرين متلازمين: التعجيل في ملء الفراغات في قيادة الحزب على المستويين المركزي والمناطقي، والشروع في عملية تحقيق واسعة وشفافة تفضي إلى بناء رواية حقيقية حول ما انتهت إليه "حرب إسناد غزة" التي أعلنها الحزب بعد ساعات على عملية "طوفان الأقصى".
ووفق تقييم خبراء في شؤون الحزب، فإنه لم يلجأ إلى "عملية تبديل وتغيير يعتدّ بها" في هرمه القيادي، بل لجأ إلى "ملء الفراغات الحاصلة"، وما دفعه إلى ذلك هو اقتناعه بالآتي:
كل قيادات الحزب المحلية كانت حاضرة في الميدان في أيام المواجهات، ولم تغب عنه إطلاقا، بل إنها قامت بما يتعين عليها أن تؤديه من مهمات، وبالتالي فإن أي عملية تبديل واسعة ستضع تلك القيادات تحت المجهر والغربال، واستطرادا تحت الشبهات، وهو "أمر مرفوض وإنكار لتضحياتها وجهودها".
أما على المستوى العسكري والميداني، فإن الوضع مختلف، إذ إن حجم الخسائر على هذا المستوى كان كبيرا جدا، لذا فإن أمر ملء الفراغات ما زال عملية متواصلة من ناحية، ومحاطا بأعلى درجات السرية والكتمان من جهة أخرى، كعامل من عوامل التعمية على الإسرائيلي الذي استفاد في السابق من ثغرة انكشاف القيادات السابقة للحزب بفعل طول تمرسها بالمسؤوليات والمهمات اليومية.
وعلى صعيد التحقيقات الموعودة، يذكر المطلعون على شؤون الحزب أنه شكّل منذ تولّي قاسم الأمانة العامة هيئة أوكلت إليها حصرا مهمة إجراء تحقيق داخلي يفضي إلى تقييم كل التطورات التي حصلت والتداعيات الناجمة عنها إبان العمليات العسكرية، والكشف عن كل الثغر الأمنية والتقنية المسؤولة عن النتائج السلبية والخسائر الكبيرة التي حلت بالحزب.
وعلى رغم ذلك، فإن الحزب بحسب المصادر عينها، ليس في وارد إظهار نتائج تلك التحقيقات في وقت قريب، بناء على اعتبارت عدة أبرزها:
- أن هذه التحقيقات لم تكتمل بعد، وتحتاج إلى مزيد من الوقت، إذ إن ما حصل كبير ويحتاج إلى تحقيق أعمق وأشمل لاستكمال السردية التي ينبغي أن تقدم إلى جمهور الحزب.
- أن النتائج الأولية للتحقيقات تستبعد فرضية "الخرق والخيانة" أو على الأقل لا تعتبرها أساسا لما حصل، ولاسيما أن تلك التحقيقات تعتمد فعليا مبدأ أن "الحزب لم يهزم بالمعنى العسكري".