نشر موقع "ذا ميديا لاين" الأميركي تقريراً جديداً تحدث فيه عن "
حزب الله " في
لبنان وقدرته على التعافي بعد الحرب
الإسرائيلية الأخيرة التي شهدها لبنان العام الماضي.
التقرير الذي ترجمهُ "لبنان24" يقولُ إنه "من غير المرجح أن يتمكّن حزب الله من إعادة بناء نفسه"، متطرقاً إلى "حادثة تفجيرات البيجر المحمولة من قبل عناصر حزب الله يوم 17 أيلول 2024 وما تلاها من انفجارات لأجهزة اللاسلكي الموجودة بحوزة المنتمين للحزب يوم 18 أيلول".
وتنقل الصحيفة عن المحلل نوح جونسون قوله إن "ما حصل كان بمثابة أخطر مؤشر على أنَّ
إسرائيل قد تغلغلت بعمقٍ في حزب الله"، مشيراً إلى أنه "من غير المرجح أن يتمكن الحزبُ من إعادة بناء نفسه".
يقول التقرير إن "حزب الله" انخرط في اشتباكات حدوديّة مع إسرائيل لمُدّة عام تقريبا منذ 8 تشرين الأول 2023، أي في اليوم التالي لهجوم حركة "حماس" على إسرائيل يوم 7 تشرين الأول، وأضافت: "حينها، أطلق الحزب صواريخ على إسرائيل تضامناً مع
الفلسطينيين في غزة. منذ ذلك الحين ولغاية أيلول 2024، ظل العنف محصوراً بشكلٍ كبير قرب الحدود باستثناء ضربة واحدة استهدفت الضاحية الجنوبية لبيروت. وفي 17 أيلول 2024، وبضغطة زر، شنّت إسرائيل حرباً على لبنان"، وذلك في إشارة إلى تفجيرات "البيجر".
وأكمل: "إثر ذلك، انزلقت الأمور نحو الأسوأ، وعلى بُعد أيام قليلة من حادثة البيجر، تم اغتيال قيادي كبير في حزب الله، ويوم 23 أيلول شنّت إسرائيل أعنف العمليات ضد لبنان".
التقرير اعتبر أنَّ "لبنان لم يعُد كما كان، وإذا كان هناك طرفٌ تغير أكثر من غيره، فهو حزب الله"، فيما يقولُ جونسون إن "إسرائيل أضعفت حزب الله لدرجة أنّ الأخير بحاجة إلى إعادة النظر جذرياً في ماهيته كمُنظمة مُستقبلاً".
ورأى التقرير أن "حزب الله تكبّد خسائر غير مسبوقة جراء الهجمات الإسرائيلية التي استمرّت حتى 27 تشرين الثاني 2024 حيث تم توقيع اتفاق لوقف إطلاق النار، في حين أن إسرائيل تنتهكه يومياً".
"ذا ميديا لاين" توقف أيضاً عند اغتيال أمين عام "حزب الله" السيد حسن نصرالله يوم 27 أيلول 2024، كما تحدث عن اغتيال خليفته هاشم صفي الدين، مشيراً إلى أنه تم
القضاء على قيادات كبرى في "الحزب" خلال أسابيع.
يقول التقرير إن "جزءاً كبيراً من ترسانة حزب الله قد تمّ تدميره بالإضافة إلى عشرات البلدات على طول الحدود
اللبنانية "، وأضاف: "الحملة لم تنتهِ، إذ لا تزال القوات الإسرائيلية تحتل 5 نقاط استراتيجية على الحدود بين البلدين، اللذين يُعتبران في حالة حرب منذ تأسيس إسرائيل عام 1948. مع هذا، فقد قُتل العشرات في الغارات الجوية الإسرائيلية منذ تشرين الثاني. وبعد ثلاث سنوات من الجمود السياسي، أصبح للبنان أخيراً حكومة ورئيس، ويتمثل النقاش
الرئيسي للإدارة الجديدة في مدى إمكانية نزع سلاح حزب الله، وكيفية ذلك".
وهنا، يقول جونسون في إطار حديثه: "لا شيء مستحيل، لكنني لست متفائلاً بقدرة لبنان على إقناع حزب الله بنزع سلاحه في ظل الوضع الراهن". وأضاف: "بالطبع، إسرائيل لا تُسهم في ذلك بمواصلة احتلال أجزاء من الجنوب ومهاجمة البلاد، لأن ذلك يُضعف الدولة اللبنانية ويجعلها تبدو ضعيفة، وربما يكون ذلك في صالح حزب الله".
التقرير يقول إنه "خلال الحرب الأهلية اللبنانية في ثمانينيات القرن الماضي، تأسس حزب الله لمقاومة إسرائيل"، وأضاف: "في عام 1978، غزت القوات الإسرائيلية البلاد، وبعد أربع سنوات، بدأت احتلالًا للجنوب استمر حتى مطلع القرن العشرين. كان مقاتلو حزب الله، الممولون من
إيران ، هم من أجبروا الجنود الإسرائيليين على الخروج عام 2000. وبعد ربع قرن، وفّر احتلال جديد - مثل الذي نفذته إسرائيل منذ الخريف الماضي في جنوب لبنان - أسباباً كافية لإعادة تنظيم حزب الله لصفوفه".
ومع ذلك، بحسب التقرير، فإنَّ "المقاومة العسكرية تتطلب أكثر من مجرد التظلم"، في حين أن جونسون يقول: "يبدو من المستبعد جداً في الوقت الحالي أن يتمكن حزب الله من إعادة بناء نفسه كما كان في 7 تشرين الأول 2023".
وأضاف: "هذا ليس فقط بسبب الأضرار التي لحقت بحزب الله، ولكن أيضاً بسبب سقوط نظام بشار الأسد في
سوريا ، وتطويق إيران، والجهود المباشرة لقطع سلاسل إمداد حزب الله. لذا من الصعب جداً تصور عودته بنفس الشكل الذي كان عليه قبل بدء هذه الحرب".
لسنوات، أتاحت تحالفات حزب الله مع النظامين
الإيراني والسوري الحصول على كميات كبيرة من الأسلحة والتمويل عبر سوريا المجاورة، لكن الآن، انقطع هذا الطريق، وفق التقرير.
وحتى مع تراجع دوره الإقليمي، لا يزال "حزب الله"، بحسب "ذا ميديا لاين"، أحد أقوى الفصائل في لبنان. كذلك، يشغل ممثلوه ما يقرب من 10% من مقاعد البرلمان ومنصبين وزاريين، كما يمتلك الحزبُ جهازه الأمني الخاص، ويقدم خدمات صحية ودينية واجتماعية وتجارية واسعة النطاق في جنوب وشرق لبنان وفي الضاحية الجنوبية للعاصمة.
وفي خضم أزمة اقتصادية وطنية، وفق التقرير، عززت مساعدات "حزب الله" معنويات شريحة كبيرة من الشيعة في البلاد، على عكس مؤسسات الدولة المتهالكة.
من ناحيته، يقول جونسون إنه "إذا أراد حزب الله البقاء، فقد يحتاج إلى التركيز أكثر على الشؤون الداخلية اللبنانية بدلاً من محاولة لعب دور إقليمي"، وختم: "على قادة الحزب التفكير في هذا الأمر والتوصل إلى اتفاق حول أفضل السبل للمضي قدماً".