تعيش الساحة اللبنانية في مرحلة دقيقة من الترقب، مع بروز مؤشرات واضحة على أن ملف سلاح حزب الله يتقدّم مجدداً في سلّم أولويات واشنطن. فالإدارة الأميركية، وفق دوائر دبلوماسية مطّلعة، تعتبر أن مرحلة المراوحة انتهت، وأن الوقت بات مناسباً للبدء بخطوات عملية تهدف إلى حصر السلاح بيد الدولة، في إطار رؤية أشمل لإعادة ترتيب التوازنات في لبنان بعد أي تسوية محتملة في المنطقة.
وتفرض التحولات الميدانية والسياسية في غزة نفسها كمفصل أساسي في تحديد طبيعة المرحلة المقبلة. فالتقديرات تشير إلى أن وقف الحرب هناك لن يعني بالضرورة هدوءاً في لبنان، بل على العكس، فقد يتحوّل إلى نقطة انطلاق لموجة جديدة من الضغوط الدولية، بهدف دفع
بيروت إلى اتخاذ خطوات ملموسة في ملف السلاح. المعلومات المتداولة تفيد بأن واشنطن وجّهت رسائل تحذيرية إلى مسؤولين لبنانيين لعدم المماطلة.
وأفادت مصادر متابعة بأن اللقاء بين
وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو ونظيره السعودي الأمير فيصل بن فرحان في العلا على هامش مؤتمر ميونيخ للأمن، أظهر ميلاً سعودياً أكثر انفتاحاً تجاه لبنان، وأبلغ بن فرحان نظيره الفرنسي ان هناك اشارات إيجابية تلقاها من بعض القيادات اللبنانية نحو اتخاذ خطوات في ملف نزع سلاح حزب الله، ومع ذلك تفيد المعطيات بأن مؤتمر دعم الجيش لم يُبحث بالتفصيل خلال المحادثات، ما يعكس وفق المصادر أن الأولوية
السعودية لا تزال تتركز على اختبار جدية لبنان الرسمي في تنفيذ التعهدات و الإصلاحات المطلوبة، قبل الانتقال إلى أي التزام مالي أو دعم مباشر.
وفي موازاة ذلك، يتجه المشهد الداخلي نحو مزيد من التعقيد السياسي، حيث تحمل جلسة
مجلس الوزراء المقررة في بعبدا غداً طابعاً صدامياً، مع إدراج ملفات حساسة كقضية جمعية “رسالات” وسحب
العلم والخبر منها، في وقت يُقرأ فيه هذا البند على أنه اختبار لموازين القوى داخل السلطة التنفيذية ومدى استعدادها لملامسة ملفات ذات طابع سياسي وثقافي يتقاطع مع النفوذ الحزبي.
وأكَّد
الأمين العام لـ"حزب الله" الشيخ نعيم قاسم خلال كلمة ألقاها في ذكرى اغتيال القياديين في الحزب نبيل قاووق وسهيل الحسيني، على أنّ "قانون الانتخاب موجود، فليذهب الجميع إلى تطبيقه، ولا يجوز أن يكون القانون على مقاس فريق أو جهة بعينها"، داعيًا إلى "احترام المبدأ الوطني الجامع الذي يقوم على العدالة في التمثيل والمساواة بين اللبنانيين".
وتوجَّه إلى القوى السّياسيّة المطالبة بتعديل قانون الانتخاب، متسائلًا: "أين المساواة في ما تطلبون بخصوص مقاعد المغتربين؟ كيف تقبلون أن يُصوِّت المغتربون لـ128 نائبا، في حين لا نستطيع نحن أن نخوض معركة انتخابية في الخارج بسبب القيود والضغوط؟".
وأضاف: "نحن مع التمثيل العادل، لكنّ بعض الجهات تطالب بالتمثيل وفق ضغوطات الوصاية، وهذا الأمر مرفوض لأنه يخالف مبدأ المواطنة الصحيحة"، مؤكِّدًا أنّ "أيّ تعديل يجب أن ينطلق من منطق العدالة الوطنية، لا من حسابات فئوية أو خارجيّة".
وسأل قاسم الحكومة مُباشرةً: "ماذا فعلتم لاستعادة السيادة، لأنها رأس استعادة الاستقرار وبناء البلد؟"، مشيدًا بوقوف الجيش اللبناني "بحكمة في وجه الفتنة التي أراد العدو زرعها بين الجيش والشعب والمقاومة"، ومشدِّدًا على أنّ "لا يجوز أن تكون هناك فتنة بين الجيش والمقاومة".
وطالب الحكومة بالاهتمام بـ"
القضايا المركزية" وعلى رأسها استعادة السيادة، مؤكِّدًا أن على الحكومة أن تطرح في كل جلساتها مسألة الانتهاكات
الإسرائيلية للسيادة اللبنانية. وقال: "اتفاق الطائف ليس وجهة نظر وجزء منه لم ينفَّذ ويجب أن يطبَّق".
وهاجم عضو كتلة "الوفاء للمقاومة" النّائب حسن فضل الله رئيس الحكومة نواف سلام، على خلفيّة إدراج مجلس الوزراء بندًا يتعلّق بسحب ترخيص "جمعيّة الرسالات". وقال بلهجةٍ حادّة: "أدرج على جدول أعمال مجلس الوزراء بند سحب ترخيص جمعيّة الرسالات… إن شاء الله ما يغلطوا ويأخذوا قرار بسحب الترخيص. أنا أقول لك، يمكن كلّ احتفالاتنا نعملها باسم جمعيّة الرسالات. وأنا واحدٌ من النوّاب بتعهّد للجمعيّة: كلّما يكون عندي كلام بمجلس النوّاب بدي أقول أنا أمثّل جمعيّة الرسالات، وقرارك بلّو واشرب ميّتو، هيك رح أحكي بمجلس النوّاب". وأضاف متحدّيًا: "هاي الجمعيّة جمعيّة للفنون، مش قضيّة جمعيّة… وبالتحدّي ما حدا بياخد منّا شي".
واستقبل قائد الجيش العماد رودولف هيكل في مكتبه في اليرزة، الرئيس والمدير التنفيذيّ لمجموعة الدعم الأميركي من أجل لبنان "ATFL" Edward Gabriel، وبحثا سبل دعم المؤسّسة العسكريّة، والتحدّيات التي تواجهها في ظلّ الأوضاع الراهنة.