آخر الأخبار

رحلة يومية مليئة بالعذاب بين التنقل والتكاليف… هذا ما يعانيه الطلاب الجامعيون في عكار

شارك
في عكار، المحافظة المهمّشة التي تكاد تخلو من أي استثمارات أو مشاريع تنموية، يواصل شبابها اليوم التمسّك بالعلم والمعرفة كطريق نحو مستقبل أفضل.

هذه المحافظة لا تملك سوى جامعة لبنانية واحدة وهيكلية العلوم، التي تقدّم تعليمًا محدودًا في تخصصات مثل الطب والكيمياء والرياضيات والفيزياء، ويقتصر حضورها على طلاب السنة الأولى فقط، يجعل الوضع التعليمي فيها ناقصًا بشكل واضح.

الجامعات الحكومية، التي من المفترض أن تؤمّن الحد الأدنى من التخصصات المطلوبة في المنطقة، غائبة تمامًا.

إحصائيًا، تضمّ عكار حوالي 14 ألف طالب جامعي، معظمهم محرومون من فرصة الدراسة في منطقتهم، إلّا إذا قرّروا التسجيل في الجامعات الخاصة، الّتي تفرض أقساطًا مرتفعة وتستغل غياب البدائل الحكومية.

الطالب الذي يختار متابعة تخصصه في كلية العلوم غالبًا ما يضطر للاستمرار في نفس الجامعة لإكمال مسيرته التعليمية، إذ من غير العملي التسجيل لسنة واحدة فقط ثم الانتقال إلى جامعة أخرى، وهذا ما يضطر إليه طلاب عكار الذين يعانون من وجود صفوف للسنة الأولى فقط.

أما الطلاب الراغبون في تخصصات غير متوفرة في الكلية، فيجدون أنفسهم مضطرين للتنقّل إلى مناطق بعيدة مثل القبة في طرابلس أو رأس مسقا في ظهر العين ، بينما الوجهات الأقرب جغرافيًا لا تلبي كل احتياجاتهم التعليمية، ويضطر آخرون أحيانًا إلى التوجّه نحو بيروت .

تنقّل طويل وتكاليف مرتفعة
الغالبية العظمى من طلاب عكار تلتحق بالجامعات اللبنانية الأقرب جغرافيًا، خصوصًا في طرابلس، لكن ثمن هذا التعليم يفوق مجرد الأقساط المالية، إذ يحمل معهم عبئا يوميًا كبيرًا على الصعيدين الجسدي والنفسي.

يستيقظ الطالب عادة عند الخامسة صباحًا ليتمكّن من الوصول إلى الجامعة عند الساعة الثامنة، وهو ما يعني بدء يوم طويل قبل أي نشاط دراسي.
خلال هذه الرحلة اليومية، يقطع الطالب مسافة لا تقل عن 80 كيلومترًا ذهابًا وإيابًا. كما يواجه الطلاب ضيق الوقت، ويزيد اكتظاظ المواصلات من هذا العبء، فالازدحام في الحافلات والطرق يجعل أحيانًا الوصول إلى الجامعة في الموعد المحدد تحديًا بحد ذاته.
الضغط النفسي لا يقل خطورة عن الإرهاق الجسدي، خصوصًا خلال فترات الامتحانات، حيث يجد الطالب نفسه أمام تحديات مضاعفة: الدراسة المتواصلة، قلة النوم، والتنقل الطويل ، وكل هذا يؤثر سلبًا على التركيز والأداء الأكاديمي.
وبعد انتهاء يوم طويل، يعود الطالب إلى منزله البعيد ليجد نفسه أمام التزامات منزلية وعائلية، ما يجعل روتينه اليومي متعبًا، ويجعل فرصة الاستراحة أو ممارسة أي نشاط ترفيهي شبه معدومة.
إحدى الطالبات التي تدرس في طرابلس صرّحت لـ" لبنان 24 " أنّها اضطرت للتسجيل في اختصاص أدبي، وذلك لتجنّب الحضور اليومي إلى الكلية وتخفيف التعب الناتج عن المواصلات والتكاليف الباهظة.
أما طلاب عكار، الذين يشكلون نحو 40% من كلية العلوم الفرع الثالث في طرابلس، فيُلزمون بالحضور اليومي إلى الجامعة البعيدة، إذ يُمنعون من تقديم امتحاناتهم في حال التغيب عن الحضور.
منذ نحو شهر، تم وضع حجر الأساس لتأسيس جامعة لبنانية في حلبا-عكار.
وعلى الرغم من أهميته الرمزية والعملية، إلّا أن إنجاز الجامعة سيستغرق سنوات طويلة. من المتوقع أن تمتد عملية البناء والتجهيز إلى ما لا يقل عن ثماني سنوات قبل أن تصبح الجامعة جاهزة للعمل الأكاديمي، ويتم تشكيل هيئتها الإدارية وتوفير الكوادر التعليمية والمرافق الأساسية مثل القاعات، المختبرات، والمكتبات.
هذا الواقع يعني عمليًا أن جيلين كاملين من طلاب عكار سيظلان محرومين من فرصة الدراسة الجامعية في منطقتهم، مضطرين لمواصلة التنقل اليومي الطويل والمجهد إلى الجامعات الأخرى في طرابلس أو بيروت، قبل أن تُفتتح الجامعة رسميًا.
كل هذا وأكثر يعيشه الطلاب الجامعيون في عكار، في رحلة يومية لا يمكن وصفها إلا بالعذاب من أجل طلب العلم . فإلى متى سيبقى التفاوت التنموي بين المناطق واقعًا مستمرًا؟
لبنان ٢٤ المصدر: لبنان ٢٤
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا