آخر الأخبار

لبنان بعد غزة...إما استقرار مستدام وإمّا حروب دائمة؟

شارك
لا شكّ في أن اللبنانيين الذين قرأوا البنود الكاملة لخطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب المتعلقة بمستقبل قطاع غزة، مرّة واثنتين، مرّ ببالهم فكرة عابرة حتى ولو لم تكن قابلة للتطبيق، وهي: متى يأتي دور لبنان ، وهل من الضروري أن يعاني اللبنانيون المعاناة نفسها التي عاناها الغزاويون على مدى عامين، وإن كانت القرى الجنوبية الحدودية قد "نالت" حصّتها من الحقد الإسرائيلي ، قتلًا وتدميرًا وتشريدًا، وقد باتت غير صالحة للعيش فيها؟
يعتقد كثيرون في لبنان وخارجه أن مفاعيل هذه الخطّة، سواء أوافقت عليها حركة "حماس" أو لم توافق، سيكون لها تأثير مباشر على وضعية لبنان. فإذا اقتنعت القيادة السياسية في غزة بأن هذه الخطّة تصبّ في مصلحة الغزاويين، وإذا تمّت الموافقة عليها، ولو على مضض، بعد تلميحات الرئيس الأميركي بأن ما ينتظر فلسطينيي غزة سيكون مأسويًا في حال رُفضت خطّته، التي يرى فيها فرصة لإرساء سلام على الأسس الواردة في متن هذه الخطّة، فستكون الساحة اللبنانية على موعد جديد من العنف الإسرائيلي، إذ يُقال أن نتنياهو سيكون طليق اليدين ليتصرّف على هواه في لبنان من دون رادع أو وازع، خصوصًا أن التصريحات الأخيرة للأمين العام لـ " حزب الله " الشيخ نعيم قاسم عن رفضه تسليم سلاحه إلى الدولة اللبنانية، وعن استعداده للمواجهة من جديد بعد إعلانه عن أن "الحزب" قد استعاد قدراته القتالية، قد تكون فرصة جديدة للعدو لاستكمال ما كان بدأ به قبل سنة من الآن عندما أعلنها حربًا مفتوحة على "المقاومة الإسلامية"، ومن ورائها على لبنان.
أمّا إذا رفضت "حماس" التسليم بالأمر الواقع فإن ما ينتظرها قد يكون أسوأ مما واجهته بعد عملية "طوفان الأقصى" حتى الآن. وهذا الجنون الإسرائيلي سينسحب أيضًا على لبنان. وبهذه الحال فإن الأيام الآتية بالنسبة إلى اللبنانيين لن تكون أفضل مما كانت عليه من 16 أيلول 2024 حتى 27 تشرين الثاني، على حدّ ما تؤكده أوساط ديبلوماسية مهتمّة باستقرار الأوضاع الأمنية والسياسية والاقتصادية في لبنان.
وتضيف هذه الأوساط أن لبنان مقبل على مرحلة عصيبة في حال لم يأتِ التقرير الذي ستقدّمه قيادة الجيش في الخامس من الشهر الجاري إلى مجلس الوزراء على مستوى التوقعات الأميركية بالنسبة إلى موضوع "حصرية السلاح" بيد القوى الشرعية في جنوب الليطاني ومنع المظاهر المسلحة في كل لبنان.
وقد يؤخذ على الحكومة، التي انكسرت هيبتها وكلمتها على تلاطم أمواج صخرة الروشة، أنها أعجز من أن تنفّذ خطّة بحجم "حصرية السلاح"، وهي التي عجزت عن تنفيذ تعميم إداري صغير، خصوصًا أن ما أعقب هذه الإشكالية من ملاحق سياسية تُرجمت ببعض الاتهامات غير المباشرة للقوى الأمنية بأنها لم تقم بما كان يُفترض القيام به لمع إضاءة صخرة الروشة والحؤول دون كسر القرار الحكومي، وما تلاها من قطع رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون لزيارته للولايات المتحدة الأميركية وعودته على جناح السرعة إلى بيروت في محاولة منه لتدارك أي خلاف في غير محله، خصوصًا بعد البيان الذي صدر عن وزير الدفاع العميد ميشال منسى، والذي وضع فيه النقاط على الحروف.
أمّا إذا تطابق مضمون تقرير قيادة الجيش مع ما يتوقعه الجانب الأميركي فإن ما تضمنّته خطّة الرئيس ترامب بالنسبة إلى مستقبل غزة ستنعكس بإيجابياتها على الوضع اللبناني ككل، وستكون الساحة اللبنانية عامل جذب لاستثمارات خارجية واسعة في أكثر من مجال وفي أكثر من مضمار اقتصادي، وسيشهد الجنوب حركة عمرانية سريعة مترافقة مع إقامة مشاريع إنمائية تطال الناس في احتياجاتهم اليومية وفي المدى الممكن الوصول إليه على مستوى تحسين الخدمات وتوفير فرص عمل لعدد كبير من أبناء الجنوب.
فإذا طُبق ما في هذه الخطّة من نقاط إيجابية في غزة، ومن ثم في لبنان إضافة إلى الورقة الأميركية التي وافقت عليها الحكومة، فإن الاستقرار الأمني والسياسي والاقتصادي سيكون عنوانًا رئيسيًا من عناوين ما بعد مرحلة الحروب والبؤس والويلات والأزمات المتلاحقة والمتراكمة. وقد يكون ما جاء في ختام الخطّة لجهة "إطلاق عملية حوار بين الأديان، قائمة على قيم التسامح والتعايش السلمي" أهمّ ما فيها، ومن شأن ذلك أن يؤسس لمرحلة جديدة. وما ينطبق على غزة ينطبق أيضًا على لبنان، الذي يبقى النموذج الفريد في تعايش الأديان إذا أحسن جميع أبنائه التعاطي مع بعضهم البعض على أساس القيم المشتركة التي تجمع بينهم. وهذه النقطة ستكون محورية في زيارة قداسة البابا لاوون الرابع عشر إلى لبنان.
لبنان ٢٤ المصدر: لبنان ٢٤
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا