ليست الجمهورية الإسلامية
الإيرانية من خرج من الاتفاق النووي الذي وقعته مع المجموعة الدولية (5+1) في العام 2015، بل إن
الولايات المتحدة الأميركية وبرئاسة الرئيس الحالي دونالد ترامب هي من مزقت هذا الإتفاق، وليست
إيران هي من تحللت من الالتزامات والموجبات المرتبطة بالاتفاق ولكن الترويكا الأوروبية (بريطانيا ـــ فرنسا ـــ ألمانيا) هي من أخلت بها، وعليه فإن ذهاب هذه الترويكا
اليوم إلى تفعيل ما يسمى بآلية الزناد وإعادة فرض العقوبات الدولية على طهران يعني سقوط آخر ورقة توت عن مصداقية هذه الأطراف وعدم جديتها في تحمل المسؤولية حيال الملفات الشائكة والحساسة على الصعيد الدولي.
كما أن الإصرار على الذهاب نحو تفعيل آلية الزناد رغم التعاون الذي أظهرته الجمهورية الإسلامية الايرانية من خلال الاتفاق الذي وقعته مع الوكالة الدولية للطاقة النووية مؤخراً في القاهرة، ورغم وجود بديل آخر وهو إمكانية تمديد المهل وإتاحة الفرصة أمام المزيد من المفاوضات والمبادرات والتفاهمات، يكشف التكامل والتواطؤ بين السياسات الأميركية وسياسات الترويكا الأوروبية في تشديد الحصار على إيران وإملاء الشروط عليها وحرمانها من الإستفادة من مزايا الاتفاق النووي هذا من جهة، ومن جهة أخرى انخراط الترويكا الأوروبية بصورة مباشرة وغير مباشرة في الحرب التي شنتها الولايات المتحدة الأميركية والكيان الصهيوني على الجمهورية الإسلامية والتي لم تكن فقط بهدف تدمير القدرات النووية الإيرانية كما زعم المعتدون بل بهدف إسقاط النظام الإسلامي وإشاعة الفوضى والاضطراب في إيران كما صرح قادة
العدو الصهيوني أنفسهم.
إن تصريحات المستشار الألماني أثناء الحرب على إيران بالقول أن
إسرائيل تقوم بهذه المهمة القذرة نيابة عنا جميعاً وإمتناع أغلب الدول
الغربية بما فيها أعضاء الترويكا عن إدانة العدوان الصهيوني بل وإظهار التفهم بشأن ما زعموا أنه حق إسرائيل في الدفاع عن النفس يكشف مدى التورط في العدوان، حتى أن اجتماعات تم عقدها في عواصم أوروبية لغرض مناقشة البدائل عن النظام الحالي في طهران وهذا يؤكد حجم الانخراط
الغربي عموماً في هذا العدوان المجرم والسافر بهدف تقويض النظام في إيران وزعزعة استقرارها والقضاء على قدراتها الدفاعية.
لقد جاءت خطوة الترويكا الأوروبية المنسّقة بالكامل مع الولايات المتحدة والكيان الصهيوني لتمثل استكمالاً للمهمة القذرة التي كان بدأها الكيان الصهيوني في عدوانه على إيران والتي فشل في إنجازها بعد الصمود الأسطوري الذي أظهرته الجمهورية الإسلامية الإيرانية قيادة وشعباً وقوى مسلحة، بل وتمكنت من تلقين العدو درساً غير مسبوق أدى إلى رضوخ الصهاينة والمسارعة إلى طلب وقف إطلاق النار.
إننا إذ ندين خطوة الترويكا الأوروبية نؤكد على عدم شرعية مثل هذه السياسات وعلى أن من يقف خلفها لا يمكن أن يكون مؤتمناً على تحمل المسؤولية في معالجة
القضايا الساخنة عبر
العالم وخصوصاً في منطقة غرب آسيا، ويكشف إلى حدّ خطير كيف أن مجلس الأمن الدولي تحوّل منصّة لهذه القوى المستكبرة في تمرير سياساتها وتحقيق أغراضها، كما يكشف كذب وزيف الإدعاءات التي يروجها هؤلاء حول الحرص على إنفاذ القانون الدولي والحفاظ على الأمن والإستقرار الدولي والإقليمي، ويضعهم في موقع من يتحمل المسؤولية بصورة كاملة عن كل الآثار والنتائح والتداعيات المترتبة عن هذه الخطوة.
إننا ندعو دول العالم وقواه وشعوبه الحيّة والحرّة إلى رفض الانصياع لهذه الإجراءات غير القانونية وغير الأخلاقية وعدم الإلتزام بها، كما وندعو هذه القوى والدول للعمل وبجد لمواجهة الهيمنة الغربية على المؤسسات الأممية أصبحت أدوات في يد القوى المستكبرة والمتغطرسة.
إننا إذ نعبّر عن دعمنا ومساندتنا للجمهورية الإسلامية في إيران بقيادة سماحة الإمام القائد الإمام الخامنئي (حفظه الله) وللحكومة والشعب الإيرانيين في مواجهة منطق العدوان والغطرسة، نشدد على أن إيران الواقعة تحت الحصار والحروب منذ انتصار ثورتها والتي تمثل النموذج القدوة في صمود الدول والشعوب في مواجهة القوى المستكبرة ومخططاتها وحروبها وجرائمها، سوف تتمكن بعون
الله من التصدي لهذا الإعتداء الجديد بفضل حكمة وشجاعة القيادة وبفضل وعي وإلتفاف الشعب
الإيراني الغيور من حولها وستبقى شعلة الاحرار في العالم.