تستكمل فرنسا التحضيرات لعقد المؤتمر الدولي المخصّص لدعم الجيش اللبناني، بالتنسيق والتعاون مع السعودية ، التي أبدت رغبتها بمدّ يدّ المساعدة، وبعقده بالتالي في الرياض بدلاً من باريس، على ما كان يُفترض، في ظلّ بلوغ هذا الملف أولوية لدى باريس ودول "الخماسية" والشركاء العرب والغربيين والإقليميين.
أمّا الهدف من هذا المؤتمر فهو تأمين الدعم السياسي واللوجستي والمالي للجيش، كونه "عمود السيادة" في لبنان ، وربطه بالخطة العسكرية التي وضعها قائد الجيش العماد رودولف هيكل، وأقرّتها الحكومة عن "حصر السلاح" بيد الدولة على مراحل، والتي عدّد فيها احتياجات الجيش، تسهيلاً لتعزيز قدراته من قبل الدول المانحة والراغبة بذلك.
وكتبت دوللي بشعلاني في" الديار": شهر تشرين الأول بات على الأبواب، ولم يتمّ الإعلان حتى الآن بشكل رسمي عن الموعد المحتمل لهذا المؤتمر الدولي، ولا عن مكان انعقاده. غير أنّ مصادر سياسية مواكبة أكّدت لـ "الديار" بأنّ الإتصالات لا تزال جارية بين الدول المعنية، لعقده في أقرب فرصة ممكنة في تشرين الأول المقبل، أو في النصف الأول من تشرين الثاني.
كذلك، فإنّ النقاشات جارية حول اختيار البلد المضيف لهذا المؤتمر. وفي حين أبدت الرياض رغبتها بعقده على أرضها، وتؤكّد فرنسا استعدادها لتنظيم سائر المؤتمرات المتعلّقة بلبنان عندما تسمح الظروف، وعقد بعضها على الأراضي
الفرنسية ، فلن تُمانع طلب السعودية.
ولا تستبعد المصادر انعقاد المؤتمر قريباً، رغم كلّ العوائق والشروط أو المطالب التي يجري الحديث عنها، والتي تتعلّق بضرورة تنفيذ خطة الجيش عن "حصرية السلاح" أولاً. فالمنحى العام لدى القوى الغربية والخليجية التي ترغب في تثبيت سلطة الدولة
اللبنانية ، يدعم فكرة مؤتمر تمويل الجيش. ومن أبرز الأطراف التي ظهرت حتى الآن كمؤيّدة أو مشاركة متوقّعة فيه: فرنسا التي قامت بمبادرة رسمية، وأعلنت عن استعدادها لتنظيم مؤتمرات دعم لبنان والجيش. كذلك
الولايات المتحدة الأميركية التي دعمت الجيش اللبناني لوجستياً ومالياً خلال الأشهر الماضية، بمبلغ 14.2 مليون دولار، أقرّه الكونغرس الأميركي فضلاً عن مساعدات أخرى ومنح مخصّصة لدعم الجيش ستصل الى لبنان تِباعاً بقيمة 190 مليون دولار.
كما ان دولاً خليجية وإقليمية ستُشارك في هذا المؤتمر، على ما تشير المصادر السياسية، لا سيما قطر التي كرّرت دعمها المالي واللوجستي، من خلال المنح والسلفات للرواتب وتوريد المركبات العسكرية. الى جانب رغبة السعودية في استضافة هذا المؤتمر والتنسيق مع فرنسا لضمان دعم مؤسسي للجيش. وهناك دول أوروبية أخرى وشركاء دوليون، مثل بريطانيا ومؤسسات الإتحاد الأوروبي، يُرجّح أن تُشارك في المؤتمر سياسياً بتمويل محدود، أو بدعم تقني تدريبي. ولا تزال دول أخرى تضع شروطاً تتعلّق بالإصلاح والشفافية، وبأن تُواكب الدعم العسكري إصلاحات إدارية ومالية.
أمّا تفاصيل التعهّدات الرسمية بدفع مبالغ نقدية محدّدة من قبل الدول المانحة فلا تزال قيد التفاوض، على ما تلفت المصادر، ولكن ثمّة ثلاثة مكوّنات أساسية لتقدير حجم التمويل المتوقّع، هي:
1ـ مطالبة رئيس الجمهورية جوزاف عون بحاجة الجيش الى مليار دولار سنويّاً على مدى 10 أعوام، (أي 10 مليارات دولار إجمالاً) لتغطية حاجات الجيش التشغيلية والتسليحية والتحديثية، وهو رقم بات جزءاً من مرجعية المطالب اللبنانية أمام الدول المانحة. وهذا الطلب يُستخدم كمعيار تفاوضي في دوائر القصر وباريس.
2ـ خطة قائد الجيش التي قدّمها الى الحكومة في 5 أيلول الجاري، وتنصّ على "حصر السلاح" بيد الدولة، وتُقدّم خريطة احتياجات لوجستية ومادية. وسيتمّ وضع رقم محدّد لكلفة تنفيذ هذه الخطة من قبل المانحين، إذ ليس من كلفة تقديرية محدّدة بعد...
3ـ الإلتزامات والتعهّدات التي أعلنتها أو نفّذتها بعض الدول تبقى أقلّ بكثير من مبلغ المليار دولار السنوي. فقطر قدّمت على سبيل المثال، منحة متكرّرة بلغت 60 مليون دولار لتغطية رواتب العسكريين وللدعم اللوجستي، وتزويد الجيش ببعض المركبات والآليات. في حين أنّ الولايات المتحدة الأميركية وبعض الحلفاء، وافقوا على حزم بملايين أو عشرات الملايين، وأصدروا تقارير عن فكّ تجميد 95 مليون دولار في وقت سابق، وحزم صغيرة أخرى.
وتكشف المصادر السياسية عن وجود مقترح
سعودي ديبلوماسي يربط مؤتمر دعم الجيش بخطّة تمتدّ لعقدٍ من الزمن، تؤمّن نحو 10 مليارات دولار إجمالاً (أي ما يُوازي طلب الرئيس عون). لكن هذا المقترح لا يزال في أبعاده التفاوضية، ولم يُحسم أمر تحويله الى تعهّدات رسمية كاملة بعد. علماً بأنّ التعهّدات المعلنة حتى الآن من هنا وهناك تتراوح بين عشرات الى مئات الملايين.
وكتبت "الأنباء الكويتية ": في ظل جمود الاتصالات الدولية حول المراحل اللاحقة لدعم لبنان والمعلقة على خطوات السلطة في موضوع سحب السلاح وإثبات قدرتها على الإمساك بالبلاد، فإن المساعي مستمرة وبقوة لجهة عقد مؤتمر لدعم الجيش والذي تسعى إليه المملكة العربية السعودية وفرنسا. ويتوقع ان تظهر بوادره خلال الأيام المقبلة.
كذلك، تعمل
روسيا على عقد مؤتمر حوار عربي - روسي منتصف أكتوبر المقبل في موسكو، وقد وجهت الدعوة إلى لبنان لحضوره، الأمر الذي يثير الكثير من التساؤلات في ظل الظروف التي تمر بها المنطقة والحروب الدائرة، وما إذا كان المراد فعلا الدخول على خط أزمات المنطقة كما كان قبل انشغال روسيا في أزماتها المتعددة، أم انها تريد من خلال هذا التحرك الاستفادة من الاستياء العربي الكبير ضد جرائم
إسرائيل ، مرورا بسورية ولبنان.