قبل أيام، كان هناك خبرٌ لافت أساسه أنَّ الرئيس السّابق لـ"الحزب التقدمي الإشتراكي"
وليد جنبلاط يواصل مساعيه لتحرير أشخاصٍ من محافظة السويداء
السورية ، وقد ادى الأمر الى إطلاق سراح 24 منهم.
من يتوقف عند هذا الخبر سيرى أبعاداً كثيرة تنعكسُ على
لبنان ، فيما جرى ربطُ ما يحصل بين الدار الجنبلاطية وسوريا بمسألة الإنتخابات النيابيّة التي ستحصل عام 2026.
ولكن قبل الغوص بما يعني لبنان، تتكشف معلومات عديدة بشأن المسعى الجنبلاطي على صعيد السويداء.
وتقولُ معلومات "لبنان24" إنَّ جنبلاط زار
تركيا قبل 10 أيام في جولة غير مُعلنة، حيث التقى كبار المسؤولين
الأتراك للسعي أكثر نحو معالجة ملف السويداء وتثبيت تنفيذ بنود الإتفاق الثلاثي الذي تم إبرامه بين
سوريا والأردن وأميركا بشأن المحافظة السورية.
وعملياً، فإن هذا الاتفاق يعتبر خطوة أساسية لإيجاد حل لملف السويداء خصوصاً أن التوجهات العربية والدولية تصبّ في هذا الإتجاه لحقن الدماء وتسوية الأمور بشكل سلس وبعيداً عن النار.
وكشفت المعلومات أنَّ الزيارة الجنبلاطية إلى تركيا "كانت إيجابية"، موضحة أن أنقرة أبدت تجاوباً كبيراً لمعالجة الملف، بما يضمنُ السعي للوصول إلى توسيع عملية إعادة المخطوفين في سوريا إثر أحداث السويداء.
المعلومات التي حصل عليها "لبنان24" تفيدُ أيضاً بأنَّ مسألة تبادل المخطوفين لم تصل إلى خواتيم إيجابية حالياً بعدما رفض الشيخ حكمت الهجري إتفاقا لتبادل المخطوفين ينص على تحرير الدروز 30 شخصاً مقابل 110 أشخاص من السويداء لدى الدولة السورية.
ووفقاً للمصادر، فإنَّ دمشق، وكبادرة حسن نيّة، أطلقت سراح الـ24 شخصاً الذين تمّ تحريرهم مؤخراً من دون أي مُقابل، موضحة أنَّ خطّ جنبلاط مع دمشق لم ينقطع، فالتنسيق عالي المستوى ومستمر، في حين أنّ الرئيس السوري أحمد
الشرع كان يُواكب الحراك الجنبلاطي لـ"تسوية ملف السويداء"، ما يشير إلى أن الإدارة السورية منفتحة على أيّ حل لتهدئة الجبهة الداخلية السورية، والمسعى الجنبلاطيّ "أساس" في ذلك.
مصادر "لبنان24" نفت أيضاً ما أثير عن أنَّ جنبلاط زار سوريا مؤخراً، مشيرة إلى أنَّ الزيارة الأخيرة لـ"بيك المختارة" كانت مُعلنة وحصلت يوم 2 أيار الماضي.
أمام كل هذه المعطيات، فإنّ ما يظهر هو أنَّ جنبلاط حافظ على علاقة وطيدة مع نظام الحكم الجديد في سوريا.
المسألةُ هذه تخدُم السويداء وتفتحُ الباب أمام تطبيق "المصالحة" التي تحدّث عنها جنبلاط قبل فترة، وتحديداً بين المحافظة السورية ذات الغالبية الدرزية ودمشق.
في الوقت نفسه، تحذر المصادر من الاستغلال الإسرائيليّ المُتواصل لأحداث السويداء، مشيرة إلى أن تل أبيب تسعى بشكلٍ واضح وفاضح لاستعمال ورقة الدروز في سوريا بشكلٍ مستمر لتحصيل مكاسب سياسية وأمنية في جنوب سوريا.
ماذا يعني حراك جنبلاط بالنسبة للبنان؟
بشكلٍ قاطع، فإن أي تهدئة في الداخل السوري ستنعكسُ إيجاباً على لبنان. من المبدأ الجنبلاطي، هذا الأمر محسوم، وبالتالي فإن إنهاء التوترات في السويداء تصبّ لمصلحة جنبلاط في بادئ الأمر، خصوصاً على صعيد الجبهة الدرزية.
في خضم التوترات الكبيرة التي حصلت هناك، يبرزُ المسعى الجنبلاطي كأداة حماية وتهدئة، الأمر الذي يشير إلى أنّ دور جنبلاط في لبنان لوأد أي فتنة سيكون أكثر تأثيراً خصوصاً أن الساحة الدرزية هنا أساسية بالنسبة له مثلما اعتبر ساحة السويداء محورية ولا يمكن تركها وحدها.
قد تكونُ أحداث السويداء واحدة من "الرافعات" التي عرف جنبلاط إدارتها سياسياً، في حين أنَّ مسألة الإنتخابات النيابية عام 2026 قد تتضمن ، بحسب المراقبين، عنواناً أساسه اعتبار جنبلاط "الضامن الأول للدروز" ليس في لبنان بل في سوريا والمنطقة، خصوصاً أن مسعاه ينطلق من منطق توحيد الدول والحفاظ عليها والتمسك بـ"شرعيتها" لا تقسيمها، ما يعطي حافزاً أكثر لاندفاع الآخرين نحو وتأييده سياسياً أكثر من أي من وقتٍ مضى.
لهذا السبب، وبحسب المراقبين ايضا، يمثل جنبلاط بالنسبة للشارع الدرزي صمام أمانٍ لا يُمكن التنازل عنه داخلياً، وهو أمرٌ تلقفه رئيس الحزب
الديمقراطي اللبناني طلال أرسلان الذي يؤازر جنبلاط في مسيرته بشأن السويداء، رغم الخلافات السابقة.
فعلياً، فإن الهاجس الأول والأخير لدى جنبلاط هو تحصين الداخل اللبناني والساحة الدرزية بشكل خاص، وما يقومُ به "زعيم المُختارة" سياسياً بين سوريا ولبنان سيكونُ مهماً لرصيده الإنتخابي، والأمر لن يكون محصوراً فقط بالطائفة الدرزية بل أيضاً ينسحب على الطائفة السنية التي وجدت في سوريا الجديدة امتداداً لها، وهو ما لا ينكره جنبلاط أصلاً، بل يعمل على تثبيته أكثر من خلال حماية الوجود السني انتخابياً وسياسياً وتكريس حصانة له أمام أي استهدافات.