آخر الأخبار

كأنها علامة حرب على الدولة

شارك
كتب نبيل بو منصف في "النهار": مهما تكن الانطباعات المتشائمة حيال صدمة توم براك الجديدة للبنان محقة وموضوعية، يفترض أنه "حان الوقت" فعلاً للتطبع مع هذا المراس المختلف من الديبلوماسية. ما أطلقه توم براك، من تقريع غير مسبوق للدولة اللبنانية الجديدة الناشئة بدعم واسع منقطع النظير من بلاده وبلدان غيره في العالمين الغربي والعربي، هو عينة يومية من النمط الذي يتبعه الرئيس الأميركي في قيادة ديبلوماسية لا مثل ولا شبيه لها في تاريخ الرئاسات والديبلوماسيات لأقوى دولة في العالم.
ولكن لبنان لن يكون معنيًّا بالإغراق في تحليل شخصية براك بعدما أغرق أيضًا في تحليل شخصية مورغان أورتاغوس ، لأن العقم بنفسه هو أن نكون في موقع تبيُّن خريطة الطريق لمصير لبنان، ونروح في ردح تحليل الموفدين الذين يفجرون مفاجآتهم فوق رؤوسنا.
واقع الحال إذاً، أن أسوأ ما تهاطل على لبنان عشية مرور سنة كاملة على إطلاق إسرائيل حربها على " حزب الله "، تمثل في توقيت كلام براك، لجهة أنه شكّل الركن الثاني من مطرقة وسندان يحاصران الدولة الجديدة في لبنان ويضغطان عليها بلا هوادة. تشكيك براك في كفاية الدولة والجيش بفجاجة وقسوة وبلا أي قفازات، رسم صورة الحصار المخيف الذي يشتد حول ركني الدولة الرئيسين جوزاف عون ونواف سلام والجيش اللبناني، بما يطلق العنان لأقصى التساؤلات الغريبة عن سكوت إدارة ترامب عن الحكومة اللبنانية بعد الخامس من أيلول، ومن ثم تفجير غيظها دفعة واحدة البارحة. بل ماذا تراها كانت تنتظر في الخامس من أيلول إذا كان براك بلسانه، وفي المقابلة إياها، يطرح المشكلة التي تواجهها الدولة في عدم إسراعها في نزع سلاح "حزب الله" وتجنبها الحرب الأهلية ويبررها ومن ثم ينقض عليها باللوم؟
الشيء وضده في الانتقاد والتنديد ومن ثم الانسحاب تاركًا لإسرائيل كل "المهمة" المقبلة، هو ما قاله براك، مثيرًا عاصفة الخوف من الآتي.
بين براك، ومضي "حزب الله" الرافض والممعن في غطرسة الرفض والتنمر على الدولة والاستقواء بما يظنه سياسة ترسيخ الوهم بإظهار مزيد من التعنت حيال الحكومة وشن هجماته العقيمة عليها حتى بتحدي الحكومة على صخرة الروشة، يغدو لبنان أمام حقل ألغام ومسار قد تكون أقرب الطبعات المماثلة له تاريخيًّا حقبة اتفاق 17 أيار، ولو باختلاف الظروف الإقليمية والدولية اختلافًا جذريًّا.
خطورة كلام براك وتوقيته أنه وفّر خدمة جلى للحزب كما لإسرائيل على حساب السلطة اللبنانية. والأخطر من الخلاصات الآن، هو ما سيلي الوقوف عند محطات ذكرى السنة لاغتيال السيد حسن نصرالله ، بحيث سيبلغ التنمر على الدولة ذروته من جانب الحزب وبيئته، فيما تعمد إسرائيل، بتبرير من براك ومن دونه لا فارق، إلى تقديم مؤشرات إضافية لعدم اعترافها بأي خطة أو إجراءات أو أطر اتفاقات حتى مع لبنان.
إن الدولة الجديدة تجد نفسها في معمودية تجربة شديدة القسوة، وحصار آخذ في شد الخناق عليها وعلى لبنان بأسره، بما سيجعل ذكرى مرور سنة على الحرب وعلى اغتيال زعيم "حزب الله" كأنها علامة حرب على الدولة أكثر من أي طرف آخر.
لبنان ٢٤ المصدر: لبنان ٢٤
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا