استقبل شيخ الأزهر، الدكتور أحمد الطيب، في مشيخة الأزهر
صباح اليوم ، وفداً من آباء الرهبانية الأنطونية المارونية في
لبنان ، برئاسة الأب المدبر بشارة إيليا، وذلك عشية اليوم العالمي للسلام.
وخلال اللقاء، أكد شيخ الأزهر على "أهمية تفعيل صوت الدين واتحاد المرجعيات والمؤسسات الدينية في مواجهة الحروب والصراعات، ولا سيما العدوان على الأبرياء في غزة"، محذراً من أن "عالم اليوم يشهد حالة غير مسبوقة من الفوضى وغياب القيم الإنسانية”، ومتسائلاً: “كيف نتصور سلاماً في عالم تقوده عقليات لا تعرف سوى لغة القوة المجردة من الرحمة؟".
من جانبه، ألقى الأب بشارة إيليا كلمة باسم الوفد، قال فيها: "أحييكم بتحية التقدير والمحبة الصافية، أحملها من كنيستي ومن أهلي ومن طني لبنان. وأقف أمامكم مع أخوي الأبوين شربل بو عبود وفرنسيس الجرماني، شاكراً للدور الذي تؤدونه كصوت مرجعي ورمز جامع، في زمن يكثر فيه التنازع ويقل فيه الإصغاء إلى صوت الله رب العالمين".
وتابع الأب إيليا قائلاً: "إن وثيقة الأخوة الإنسانية، التي وقعت في أبوظبي برعايتكم وبرعاية قداسة البابا فرنسيس، لم تُكتب بالحبر فقط، بل كتبت بآلام الشعوب وتطلعاتها. فهي ليست نصاً جامداً، بل روح حيّة، تحمل في جوهرها نداء لنا جميعاً: أن نلتقي على ما يوحدنا، وأن نحمل معاً مسؤولية حماية كرامة الإنسان في بيتنا المشترك".
وأشار إلى كتابيه "وثيقة الأخوة الإنسانية: قراءة تأويلية" و"من الوثائق النبوية إلى وثيقة الأخوة الإنسانية"، موضحاً أن "الحوار ليس ترفاً فكرياً، بل طريق خلاص إنساني، وأن القداسة لا تختصر في حدود الانغلاق، بل تتجلى في الانفتاح على الآخر وخدمته، وهذا ما تجسده رسالة رهبنتي الأنطونية المارونية".
وأضاف الأب إيليا: "إن النصوص مهما علت، تبقى ناقصة ما لم يتلقاها الإنسان ويجسدها في مؤسسات حية، ومبادرات ملموسة، وحوارات مستمرة تعالج قضايا عالمنا العربي المسيحي – الإسلامي، لنواجه معاً تحديات المادية، والتطرف، وفقدان المعنى".
وختم الأب إيليا دعوته قائلاً: "باسم الله، وباسم النفس البشرية، وباسم الأخوة الإنسانية، ندعو فضيلة الإمام الأكبر، مع قداسة البابا لاون الرابع عشر، إلى إطلاق وصايا ومبادئ تحفز عالمنا المسيحي والإسلامي على الحوار في إطار مأسسة مشتركة تشرفان عليها. إننا نرى فيكم شريكاً أساسياً في هذه المسيرة، وصوتاً منفتحاً، ومدرسة قادرة على حمل رسالة الله في عالم يتخبط بين نزاعات وحروب عنصرية وعرقية وسياسية، تتستر غالباً بغطاء ديني ومذهبي، مقابل فراغ روحي وضياع وجودي".
وأكد الأب إيليا أن "الوثيقة هي البداية، لا النهاية؛ وهي الوعد، لا الاكتفاء. ومسؤوليتنا جميعاً أن نحملها كمصباح ينير الدروب، وعهد نجدده أمام الله ومع الإنسان. فلنسر معاً، مسيحيين ومسلمين، على طريق الحوار والمحبة، لنصنع عالماً يستنبت السلام، ويحافظ على كرامة الإنسان، ويجسد الوصية
العليا للدنيا: أن نكون جميعاً إخوة في الإنسانية".
وفي الختام، أعرب شيخ الأزهر عن تقديره لهذه المبادرات، مؤكداً "استعداده لتعزيز التواصل الإيجابي مع الكنيسة"، وداعياً إلى أن "يبقى لبنان بلد التعايش والأخوة".
كما قدم الأب شربل بو عبود، باسم المعهد الفني الأنطوني، درعاً من خشب الأرز مطعمة بالفسيفساء من حجارة لبنان، ترمز إلى هوية الوطن ورسالة رسوخه في العيش المشترك.