آخر الأخبار

حزب الله يمد اليد والمملكة تتمسك بالدولة

شارك
منذ توقيع اتفاق بكين بين المملكة العربية السعودية وإيران في العام 2023، ارتفعت التوقعات بأن ينعكس هذا التقارب على الساحة اللبنانية ، ولا سيما على علاقة " حزب الله " بالمملكة، غير أنّ المسار الداخلي لم يشهد اختراقاً مباشراً، إذ بقيت العلاقة بين الطرفين على حالها تقريباً، باستثناء اعتماد الحزب خطاب تهدئة تجاه الرياض، فيما لم يسجل أي لقاء بينه وبين السفير السعودي وليد البخاري، في مقابل لقاءات متكررة جمعت السفيرين الإيراني مجتبى أماني والبخاري في بيروت .

لكن التطورات الإقليمية الأخيرة أعادت إحياء النقاش حول إمكان فتح صفحة جديدة بين حزب الله والمملكة العربية السعودية. فقد برز موقف الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم بإبداء انفتاحه على الرياض، بعد سلسلة من اللقاءات اللافتة، أبرزها اجتماع الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان على هامش قمة الدوحة، تلاه وصول رئيس المجلس القومي الإيراني علي لاريجاني إلى المملكة ولقاؤه ولي العهد. وقبل ذلك كان وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان قد زار طهران واجتمع بالمرشد الأعلى علي خامنئي. وهذه اللقاءات المتسارعة عكست إرادة متبادلة لدى الرياض وطهران في إدارة خلافاتهما عبر قنوات سياسية رفيعة المستوى، خصوصاً بعد الحرب الإسرائيلية على إيران والعدوان الذي طال قطر.
كل ذلك فتح الباب أمام تساؤلات في بيروت حول موقع حزب الله في هذا المشهد الإقليمي المستجد.

جاء خطاب الشيخ قاسم بمثابة محاولة لمد اليد إلى السعودية، عبر دعوة إلى حوار مباشر يعالج الإشكالات المتراكمة ويؤمّن المصالح المشتركة. فركّز على ضرورة تثبيت أن إسرائيل هي العدو وليس المقاومة، وعلى تجميد الخلافات الماضية مرحلياً من أجل مواجهة التحديات الراهنة، مؤكداً أن سلاح حزب الله موجّه حصراً ضد إسرائيل وليس ضد لبنان أو أي دولة عربية، إلا أنّ هذا الخطاب، على رغم طابعه التطميني، بدا في جوهره ، بحسب مصادر دبلوماسية، محاولة لترميم صورة الحزب عربياً وإعادة تعويم علاقته مع محيطه، فيما بقي التناقض واضحاً بين الدعوة إلى الانفتاح من جهة، والإصرار على إبقاء سلاح المقاومة خارج أي نقاش من جهة أخرى.

في المقابل، يبرز الموقف السعودي بوضوح من خلال مصادره الرسمية وغير الرسمية، حيث تؤكد الرياض، بحسب مصادرها لـ"لبنان24" أن العلاقة مع لبنان لا يمكن أن تبنى إلا عبر الدولة ومؤسساتها الشرعية، لا عبر أحزاب أو قوى أمر واقع مهما بلغ حجمها ونفوذها، وهي بذلك تنأى بنفسها عن أي اصطفاف داخلي، لكنها في الوقت نفسه لا تمانع التهدئة وعدم التصعيد، كما عكس ذلك الموفد السعودي الأمير يزيد بن فرحان خلال زيارته الأخيرة لبيروت بنبرته الهادئة التي حملت حرصاً على استقرار لبنان من دون الدخول في تفاصيل الصراعات الداخلية وتأكيده على أهمية العلاقة مع رئيس مجلس النواب نبيه بري ووصفه بـ"رجل دولة" واستعداد بلاده للمشاركة في إعادة الإعمار. وتقول المصادر إن المملكة تفتح باب التهدئة لكنها تغلقه أمام أي علاقة خارج إطار الدولة، فيما يحاول الحزب فتح نافذة للحوار من دون تقديم تنازلات جوهرية.

وفي ما يخص الدعم، فإن السعودية التي لم يكن لبنان في صدارة أولوياتها خلال السنوات الماضية، تعود اليوم لتؤكد أن أي مساهمة منها ستكون مشروطة بالإصلاحات وبحصرية السلاح بيد الدولة. ولذلك تطرح فكرة نقل مؤتمر دعم الجيش من باريس إلى الرياض، في خطوة تعكس رغبتها في جعل المؤسسة العسكرية حجر الزاوية للاستقرار وضمان قيامها بمهامها بعيداً عن التجاذبات السياسية والطائفية.

وعليه، تقول مصادر سياسية أن حزب الله أمام اختبار صعب فهو من جهة يدرك محدودية خياراته في ظل المتغيرات الإقليمية، ومن جهة ثانية يحاول إعادة تثبيت موقعه داخل لبنان بخطاب يوازن بين الطمأنة والتمسك بالثوابت، غير أن التناقض بين شرطية السلاح التي يعتبرها غير قابلة للنقاش، وبين إصرار السعودية على حصرية السلاح بيد الدولة، يجعل أي تقارب محتمل هشاً ومرهوناً بظروف استثنائية قد يفرضها التصعيد الإسرائيلي أو أي تسوية إقليمية أوسع.
لبنان ٢٤ المصدر: لبنان ٢٤
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا