آخر الأخبار

شركات التوصيل تغزو الشوارع.. خدمة مريحة أم خطر يهدّد الخصوصية والأمان؟

شارك
خلال السنوات الأخيرة باتت شركات التوصيل جزءاً ثابتاً من حياة اللبنانيين: من طلب وجبة إلى شراء دواء أو إيصال مستندات. هذا التوسع حمل فوائد عملية واضحة، لكنه أيضاً فتح باباً واسعاً لجمع بيانات حساسة عن المواطنين لناحية موقعهم، أرقام هواتفهم، عناوينهم، أنماط تسوّقهم، وحتى تفاصيل بطاقات الدفع — ما يطرح سؤالاً أساسياً عن حوكمة هذه البيانات وحمايتها.
فمع الأزمات الاقتصادية والازدحام المروري وتزايد الاعتماد على التطبيقات الذكية، أصبحت خدمة "الدليفري" خياراً سريعاً ومغرياً لتأمين الحاجات الأساسية، لكن خلف هذه الراحة الظاهرية، تبرز مجموعة من المخاطر التي قد تهدّد الأفراد والمجتمع على حد سواء.
مخاطر كبيرة
ولعل أكبر المخاطر التي تهدد اللبنانيين تكمن في حجم البيانات الشخصية التي تجمعها شركات التوصيل يومياً: أسماء، أرقام هواتف، عناوين منازل، تفاصيل عن العادات الاستهلاكية وحتى طرق الدفع. في غياب قوانين صارمة لحماية البيانات، تصبح هذه المعلومات عرضة للاستغلال، سواء عبر بيعها لشركات إعلانية أو وصولها إلى جهات غير شرعية قد تستخدمها في أنشطة مشبوهة.
هذا فضلاً عن ان التوصيل يعني أن عشرات الشبّان، يعمل بعضهم بلا رقابة أو تدريب كافٍ، يعرفون أماكن سكن الناس وتفاصيل حياتهم اليومية. وهذا يفتح الباب أمام استغلال هذه المعلومات في عمليات سرقة أو مراقبة أمنية، خصوصاً مع غياب آليات تدقيق جدية في خلفيات العاملين لدى بعض الشركات.
هذا على صعيد البيانات الشخصية، الا ان المخاطر تبقى ابعد من ذلك، اذ مع غياب تنظيم رسمي، تنتشر شركات صغيرة وأفراد يعملون خارج أي إطار قانوني أو تأميني. هذا الواقع لا يعرّض فقط العمال أنفسهم لمخاطر مهنية، بل يترك المستهلك من دون أي ضمانة في حال حدوث سرقة أو إهمال أو حتى حادث سير أثناء التوصيل.
كما ان الطلب المتزايد يدفع العديد من سائقي الدراجات النارية إلى القيادة بسرعة متهورة لتسليم الطلبات في الوقت المحدد، ما يرفع معدلات حوادث السير ويهدّد سلامة المارة والسائقين على الطرقات.
أما من الناحية الصحية، فان توصيل الطعام أو الأدوية يحتاج إلى معايير خاصة في التخزين والنقل. لكن الواقع يكشف أن الكثير من شركات التوصيل لا تلتزم بهذه القواعد، ما قد يعرّض المستهلك لمشاكل صحية خطيرة.

نحو تنظيم القطاع
ومن هنا يشدد الخبراء على ضرورة سنّ قانون حماية بيانات شخصيّة واضح يتضمن عقوبات على التسريب او الإساءة، واشتراطات نقل بيانات عبر الحدود، وحقوق مستخدمين، إضافة الى إلزام شركات التوصيل بتقديم تقارير دورية عن حوادث الأمان وخضوعها لتدقيق تقني مستقل.
وشدد الخبراء على ان المطلوب اليوم العمل على قانون وطني ينظم عمل شركات التوصيل، يفرض حماية صارمة للبيانات الشخصية، يضمن حقوق السائقين والمستهلكين، ويضع معايير للسلامة المرورية والغذائية.
ويشدد الخبراء على ان الخدمة التي صارت جزءاً من الحياة اليومية لا يمكن أن تبقى رهينة الفوضى، وإلا تحوّلت من وسيلة تسهيل إلى مصدر تهديد دائم.
اذا، وفرت شركات التوصيل حلولا عملية في ظل أزمات متلاحقة، لكنها أصبحت أيضاً خزانات بيانات شخصية مهمة. حماية تلك البيانات تتطلب نهجاً مشتركاً: تشريع واضح، ممارسات تقنية قوية من الشركات، ووعي مواطنين يطالبون بحقوقهم. إن لم يحدث ذلك بسرعة نسبية، فالمخاطر لن تقتصر على خصوصية الأفراد فحسب، بل قد تمتد لتترك تأثيرات اجتماعية واقتصادية وأمنية أوسع.
لبنان ٢٤ المصدر: لبنان ٢٤
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا