قد يكون "الغزل" و "الود" بين سوريا وإيران "حالياً" مقدّمة لعلاقاتٍ جديدة لاحقاً، ذلك أن النظام السوري الجديد برئاسة أحمد الشرع يسعى لـ"طي صفحات" الخلاف مع إيران على قاعدة "العلاقات الندية" وأن "القطيعة بين دمشق وطهران لن تكون دائمة".
إيران من جهتها أرسلت رسائل جديدة، وقال المتحدث باسم
وزارة الخارجية
الإيرانية إسماعيل بقائي إن قطع العلاقات بين طهران ودمشق لا يعتبر أبدياً، مشدداً على أن إيران تعتبر نفسها "صديقاً للشعب السوري" وترى أن مستقبل سوريا يجب أن يُحدد عبر مشاركة كل المكونات القومية والاجتماعية.. إذاً، الإيجابية قائمة بين الطرفين.. ولكن، ماذا يعني ذلك بالنسبة لـ"
حزب الله " في
لبنان ؟
في الواقع، فإنه وبعد مطالبة
الأمين العام لـ"حزب الله" الشيخ نعيم قاسم المملكة العربية
السعودية "بفتح صفحة جديدة مع الحزب" قبل أيام، لا تُخفي مصادر سياسية مقرّبة من "حزب الله" توقعاتها إزاء حصول "تقارب جديد" بين سوريا والحزب على قاعدة العلاقات الإيجابية، ذلك أن هناك مصلحة من وراء هذا الأمر، متحدثة عن إمكانية وجود ملامح تواصل في الكواليس بين دمشق وطهران.
تلفتُ المصادر إلى أن "الحزب" ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري السابق بشار الأسد، وخطابه تجاه سوريا ليس عدائياً، بل هناك لهجة إيجابية تجاه النظام الجديد وشعب سوريا وأمنها. كذلك، ما إن يتم الحديث عن أي حدثٍ أمني أو خبرٍ يردُ فيه اسم الحزب، حتى يُسارع الأخير لنفي الأمر، في خطوة تكررت كثيراً وتعتمدُ على سياسةٍ إعلامية مقصودة هدفها "تليين الأجواء" مع سوريا.
من مصلحة "حزب الله" أن يعيد بناء الجسور بينه وبين دمشق، ذلك أنّ النظام الجديد بات أمراً واقعاً ولا إمكانية للعودة إلى الوراء. المسألة هذه محسومة تماماً لدى قيادة الحزب، علماً أن "الإحراج" الذي ستواجهه في بيئتها سيكونُ كبيراً إن فتح الحزب خطوطاً واضحة وعلنية مع نظام الشرع الذي كان يعتبره ذات يومٍ بمثابة "إرهابي".
في الواقع، يبدو الحزب مُحتاجاً لسوريا أكثر من أي وقتٍ مضى لاسيما بعد الحرب
الإسرائيلية التي واجهها العام الماضي والتي دخلت في أيلول الحالي ذكراها الأولى. من جهة، تعتبر سوريا، بمساحاتها الشاسعة، ممراً مهماً لـ"حزب الله" ومن جهة تمثل أيضاً منفساً لسكان البقاع والقاطنين عند الحدود بين لبنان وسوريا، وبالتالي من مصلحة "الحزب" سياسياً وأمنياً أن يضمن لهؤلاء وضعاً جيداً أقله مع النظام الجديد.
في المقابل، فإنه لدى "الحزب" ارتباطٌ بالمقامات الدينية في سوريا، وهو رفع في السابق "شعار حمايتها". أما اليوم، وبعدما تغير النظام هناك، لا يمكن لـ"حزب الله" أن يعزل بيئته عن تلك المقامات، وبالتالي يستوجب عليه أن يبني جسوراً جديدة عبر الدولة
اللبنانية لتطويع العلاقات بين دمشق وبيروت، وضمان أنَّ عودة مناصريه إلى مقامات سوريا ستكون أمراً متاحا في السنوات المقبلة.
إذاً، لاعتبارات أمنية وسياسية ودينية، يمكن لـ"حزب الله" أن يعيد رسم خطوطه مع سوريا، لكن السؤال يكمن في التوقيت والمناسبة.. فهل اقترب الأمر في ظل التقارب
الإيراني - السوري أم انه لا يزال بعيداً؟