آخر الأخبار

واقع أسود يثقل حياة اللبنانيين.. نسبة الفقر إلى ارتفاع مستمر!

شارك
مرّ صيف 2025 قاسيًا على اللبنانيين، إذ كشف عن تفاقم أزمة الفقر التي تضرب البلاد. فبعد سنوات من الأزمة الاقتصادية الطاحنة، لم يعد الفقر يقتصر على الطبقات المهمشة، بل أصبح يهدد بقاء الطبقة الوسطى التي كانت تُعد عمود الاقتصاد اللبناني.
وفقًا لتقارير دولية، ارتفعت نسبة الفقر في لبنان بشكل غير مسبوق. فبحسب بيانات البنك الدولي، تضاعفت نسبة الفقر ثلاث مرات خلال العقد الأخير، ما يعني أن واحدًا من كل ثلاثة لبنانيين أصبح يعيش تحت خط الفقر. هذا الرقم الكارثي ليس مجرد إحصائية، بل هو واقع ملموس يعيشه الآلاف من الأسر التي فقدت القدرة على تأمين أبسط مقومات الحياة.
لقد فقدت الليرة اللبنانية نحو 95% من قيمتها، وتآكلت مدخرات المودعين في المصارف، ما أدى إلى تدمير القدرة الشرائية للمواطنين. والنتيجة كانت واضحة في شوارع لبنان، حيث ارتفع عدد المتسولين، وانتشرت شبكات تجارة الأعضاء البشرية، وأصبح الحصول على مياه الشرب النظيفة والكهرباء تحديًا يوميًا.
كما أن الحرب الإسرائيلية الأخيرة فاقمت بدورها هذا الواقع، لتخلق خسارة بنحو 14 مليار دولار أميركي، وفقاً لتقديرات البنك الدولي.
وكشفت تقارير أن نحو 1.17 مليون شخص، بين لبنانيين ولاجئين سوريين وفلسطينيين، يعانون من انعدام حاد في الأمن الغذائي خلال الفترة الممتدة بين نيسان وحزيران 2025، في وقت تتصاعد فيه التحذيرات من سوء تغذية يهدد الأطفال في مناطق البقاع وبعلبك حيث يزداد عجز الأسر عن توفير وجبات كافية.
إلا أن وزيرة الشؤون الاجتماعية حنين السيد قدّرت نسبة الفقر بين اللبنانيين بـ40 إلى 45%، لترتفع إلى 60% مع اللاجئين، وأكدت أن الوزارة تعمل على تحديث الأرقام ضمن استراتيجية "صفر فقر".
وأبرز برامجها "أمان" الذي يقدّم دعماً نقدياً لنحو 800 ألف مواطن عبر نظام إلكتروني شفاف، مع التركيز على التمكين الاقتصادي من خلال التدريب المهني، تمويل المشاريع الصغيرة، وتشجيع النساء على العمل.
ووفق حديث صحافي للسيّد، أشارت إلى أن الوزارة تولي اهتماماً بذوي الاحتياجات الخاصة، وتسعى للتعاون مع الإمارات العربية المتحدة لتعزيز الدعم والتحول الرقمي. ورغم عمق الأزمة، تراهن على خطوات عملية تجمع بين المساعدات الفورية وتمكين المجتمع لمواجهة الفقر.
وعلى الرغم من جمالية الكلام والوعود، تبقى العبرة بالتنفيذ. فهذه ليست المرة الأولى التي تثبت البرامج الحكومية فشلها، لأسباب عدة ومتداخلة أبرزها محدودية التمويل والعوائق الإدارية والسياسية.
فمنذ عام 2019 انهارت قيمة الليرة اللبنانية، ما أدى إلى تضخم غير مسبوق في أسعار السلع الأساسية. ومع تراجع القدرة الشرائية، اضطر العديد من الأسر إلى تغيير أنماط حياتها بشكل جذري.
وفي ظل الانكماش الاقتصادي المستمر، تقلّصت فرص العمل وأُغلقت مؤسسات تجارية وصناعية، فارتفعت البطالة، خصوصاً في القطاعات غير الرسمية والزراعية. يضاف إلى ذلك أن التوترات الأمنية والصراعات الإقليمية ألقت بظلالها الثقيلة على لبنان، عبر تعطل الإنتاج وتراجع الاستثمارات وتهجير بعض العائلات داخلياً.
تتجلى النتائج المباشرة لهذه الأزمة بوضوح في حياة الناس اليومية. فالكثير من الأسر بات يكتفي بوجبة واحدة أو اثنتين في اليوم، وغالباً من نوعية أقل جودة. أما في قطاع الصحة، فالتقارير تشير إلى أن أعداداً متزايدة من اللبنانيين باتوا يؤجلون استشاراتهم الطبية أو يستغنون عنها بالكامل بسبب تكاليفها، بينما تراجع الإقبال على الأدوية والعلاجات.
وفي مجال التعليم على سبيل المثال، يعاني الأطفال من الانقطاع المدرسي بسبب كلفة النقل أو الأقساط، بل إن بعضهم اضطر إلى ترك الدراسة من أجل العمل والمساعدة في إعالة أسرهم.
هذا التدهور الاقتصادي والاجتماعي بدأ ينعكس على النسيج المجتمعي، إذ ارتفعت معدلات الجريمة الصغيرة، وتزايد الشعور بالظلم والتهميش، مما ينذر بمزيد من التوترات إذا لم تُتخذ إجراءات عاجلة والوصول إلى استجابات متعددة المستويات.
لم تعد الأرقام هي ما يهم عندما نتحدث عن الفقر في لبنان، إنما الواقع الأسود الذي يثقل حياة الناس، يهدد مستقبل الأطفال، ويضغط على بنية المجتمع. فهل يتجه المسؤولون نحو سياسات جريئة تغيّر هذا المسار المسار قبل أن يغدو الفقر قدراً لا مفر منه؟
لبنان ٢٤ المصدر: لبنان ٢٤
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا