آخر الأخبار

الجنوب على فوهة بركان من جديد؟

شارك
فرضيتان لا ثالث لهما للتصعيد الإسرائيلي غير المفاجئ في العمق الجنوبي. أولهما، وقد تكون الأصحّ، أن تل أبيب تحاول مرّة جديدة أن تفرض بالنار ما لم تستطع فرضه بالسياسة أو بالديبلوماسية. فبعدما تيقّنت حكومة نتنياهو أن " حزب الله " لن يخضع لشروطها عمدت إلى التلويح بمعاودة الحرب المدّمرة مرّة جديدة. وقد يكون ما قامت به من قصف مركّز على أكثر من بلدة جنوبية "بروفة" لما يمكن أن تواجهه "المقاومة الإسلامية" من حرب "لا تزال مرارتها تحت أضراسها"، كما يدّعي جنرالات الحرب في إسرائيل .
فهذه التهديدات المباشرة بإعادة عقارب ساعة الحرب إلى ما قبل 27 من شهر تشرين الثاني من العام الماضي تأتي مترافقة مع ما تتعرّض له غزة من حرب إبادة جماعية، وفي الوقت الذي تحدّت فيه تل أبيب المجتمع الدولي بأغلبيته لجهة رفضها "حلّ الدولتين". وهذا إثبات آخر على أنها لن تتوقف عند حدود معينة قبل تحقيق ما كانت تحلم به منذ عقود. وهذا "الحلم" لن يتحقّق في نظر اليمين الإسرائيلي المتطرف، إلاّ بعد القضاء على كل الفصائل التي ترتبط بالنظام الإيراني مباشرة، وفي طليعتها "حزب الله" في لبنان و"أنصار الله" في اليمن وحركة "حماس" في قطاع غزة.
وتتزامن هذه التهديدات والاعتداءات عشية الذكرى الأولى لاغتيال الأمينين العامين السابقين لـ "الحزب" السيدين حسن نصرالله وهاشم صفي الدين، وفي ضوء ما ألمح إليه الشيخ نعيم قاسم في ذكرى تفجير "البيجيرات" عن المدى الذي بلغته "المقاومة" في إعادة تنظيم صفوفها استعدادًا لـ "المواجهة الكبرى".
أمّا الفرضية الثانية، وفق القراءة الإسرائيلية ، فتقوم على استنتاجات مزعومة، وهي أن السلاح الثقيل لـ "حزب الله"، من صواريخ ثقيلة دقيقة وبعيدة المدى، لا يزال مخبأ في أكثر من مخزن في المنطقة الجغرافية الواقعة جنوب الليطاني.
وقد أرادت إسرائيل أن توجّه من خلال اعتداءات اليومين الأخيرين رسائل غير مشّفرة إلى الحكومة اللبنانية ، وإلى الجيش المنتشر في هذه البقعة الجغرافية، والذي أعطى لنفسه مهلة ثلاثة أشهر للانتهاء من مهمته الأولى الملحوظة في خطّة اليرزة. وهي كذلك رسالة إلى قوات الطوارئ الدولية العاملة في الجنوب، التي أصدرت بيانا لافتًا عن هذه الاعتداءات، والتي اعتبرتها "انتهاكاً واضحاً وصريحاً لقرار مجلس الأمن رقم 1701، وتشكل تهديداً مباشراً للاستقرار الهش الذي تحقق في تشرين الثاني من العام الماضي. كما أنها تقوّض ثقة المدنيين في إمكانية التوصل إلى حل سلمي لهذا النزاع". ودعت جميع الأطراف إلى الالتزام الكامل بأحكام قرار مجلس الأمن رقم 1701 وبتفاهم وقف الاعمال العدائية، "إذ إن هذه الآليات وُضعت خصيصاً لمعالجة الخلافات وتجنب اللجوء إلى العنف من جانب واحد، ويجب الاستفادة منها الى اقصى الحدود. كما يشكّل استمرار التصعيد تهديداً للتقدم الذي أحرزته الأطراف في جهودها لاستعادة الاستقرار."
فهذا البيان بما فيه من دلائل عمّا يمكن أن يشهده الجنوب يؤشّر إلى الوضع الجنوبي يقف على فوهة بركان مرّة جديدة لا يعرف أحد متى يثور ويقذف حممه الحارقة، خصوصًا أن إسرائيل لا تترك فرصة إلاّ وتعبّر عن عدم ثقتها بالسلطة في لبنان، وهي تعتبر أن "حزب الله" يصرّ على أن يقدّم أكثر من دليل على أنه لا يزال الأقوى في المعادلات لسياسية الداخلية، وأنه في طريقه إلى التعافي، على رغم ما يتكبدّه من خسائر يومية نتيجة الاستهدافات الإسرائيلية لعدد من قياداته وكوادره.
وفي الاعتقاد هذه المرّة أن الإسرائيلي يصر على تخطي حدود تلك البقعة المشمولة عملياً بمفاعيل القرار 1701، ويمدها إلى مناطق شمالي النهر وأحياناً إلى الضاحية الجنوبية وصولاً إلى البقاع، وإن كانت منطقة جنوب الليطاني هي الميدان الرئيسي للمواجهة المحتملة والمتوقعة. وما فعلته إسرائيل أمس الأول، وقبل غاراتها الجوية، من خلال توجيه إنذارات تحذيرية لإخلاء الأمكنة المستهدفة، يدل على أن ما لديها من معلومات دقيقة عن عودة مقاتلي "حزب الله" إلى مواقعهم المتقدمة في قرى الحافة. وهذا ما تعلنه "حارة حريك"، التي تجزم بأن تبقى المقاومة في أرضها مهما كانت التضحيات والأثمان".
وما الاعتداءات الأخيرة سوى دليل واضح بأن تل أبيب، ومن واشنطن، لم تقتنعا بأن ما اتخذته الحكومة اللبنانية من إجراءات كافٍ لوضع "حزب الله" عند حدّه. وهذا دليل آخر على احتمال أن يكون لبنان أمام تصعيد جديد.
لبنان ٢٤ المصدر: لبنان ٢٤
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا