كتبت بولا مراد في" الديار": يفترض التوقف طويلا عند البيان الذي أصدره
الجيش اللبناني بعد تصعيد العدو الاسرائيلي عملياته
جنوب لبنان يوم الخميس الماضي فاعلانه صراحة ان "الاعتداءات والخروقات التي يقوم بها العدو الاسرائيلي تعيق انتشار الجيش في الجنوب، وان استمرارها سيعرقل تنفيذ خطته ابتداءً من منطقة جنوب الليطاني"، ليس بالامر العابر بل فيه تحذيرات واضحة وصريحة لا شك انه نسقها مع القيادة السياسية مفادها ان
لبنان لن يكون قادرا على الايفاء بالتزاماته بحصرية السلاح طالما اسرائيل لا تتفذ الجزء المتعلق بها من اتفاق وقف النار وهي ترفض معادلة الخطوة مقابل الخطوة التي كان قد طرحها
الاميركيون . واذا كان المبعوث
الاميركي توم براك يتفهم تماما الموقف اللبناني هذا وقد عبّر عن ذلك اكثر من مرة بخلاف المبعوثة مورغن اورتاغاس التي تتجنب دائما تحميل اي مسؤولية لاسرائيل وتنكب على ايجاد المبررات والحجج لخروقاتها واعتداءاتها، فان على ما يبدو ان الصوت الاعلى في الادارة الاميركية هو للمتطرفين الداعمين لتل ابيب الذين يعتبرون ان من الخطأ الطلب منها القيام بأي خطوة تلاقي الخطوات الايجابية
اللبنانية قبل حصر سلاح
حزب الله كاملا.
وقد بات المسؤولون اللبنانيون على يقين ان المبادرات الاميركية بهذا الخصوص وصلت الى حائط مسدود، لذلك ترى اورتاغوس تحصر مهامها بالامنية والعسكرية وكأنها توجه رسالة مفادها ان الكلمة للميدان وللطرف الاقوى والمسيطر راهنا اي تل ابيب.
وبالرغم من بعض التباينات بين رئيسي الجمهورية جوزاف عون والحكومة نواف سلام في مقاربة هذا الملف وبالتحديد لجهة تشدد الاخير بتطبيق قرار الحكومة بحصرية السلاح لاعتباره ان ذلك ينزع المبررات التي تقدمها اسرائيل لمواصلة اعتداءاتها، الا انه يبدو وكأنهما وكّلا قيادة الجيش بأن تكون بالواجهة في هذا الملف. اذ تقول مصادر مطلعة لـ "الديار" ان "اللغة الحاسمة التي وردت في البيان الاخير المرتبط بالوضع في الجنوب، تظهر بوضوح نمطا وسياسة لبنانية جديدة في التعامل مع الاعتداءات الاسرائيلية"، معتبرة ان "ذلك لا يعني ان العدو سيرتدع لا بل بالعكس هو قد يكثّف ويوسّع حملاته العسكرية، لكن ما يؤكده لبنان بهذا الموقف انه ليس ذليلا ومستسلما وانه يدرس خيارات اخرى للتعامل مع الواقع الراهن".
وفي هذا الاطار، يشدد العميد المتقاعد حسن جوني على ان ما ورد في بيان الجيش لا يؤشر ابدا الى وجود "ارادة لدى قيادة المؤسسة العسكرية لعرقلة تنفيذ خطتها لحصر السلاح، فهي ملتزمة امام الحكومة والعهد واللبنانيين بتطبيق هذه الخطة التي ضمنتها لحد ما شرطا معينا لنجاحها يتعلق باستكمال انسحاب جيش الاحتلال الاسرائيلي من جنوب لبنان لكي يتم تطبيق كامل الخطة بخاصة في منطقة جنوب الليطاني". ويرى جوني في حديث لـ "الديار" ان "بيان الجيش ينسجم مع مضمون الخطة التي رفعها الى
مجلس الوزراء ولا يتعارض معها لكنه يؤكد ايضا ان هذه الاعتداءات والخروقات الاسرائيلية والاستمرار بالاحتلال سيؤدي بشكل او بآخر الى اعاقة تنفيذ هذه الخطة"، لافتا الى ان ما يندرج باطار "التذكير بوجوب معالجة هذه الامور لاستكمال تطبيق الخطة كما يوجه رسالة للاسرائيليين والأميركيين مفادها انه اذا لم يكن بالامكان الرد على هذه الاعتداءات بالقوة العسكرية فانه من غير الطبيعي متابعة اجراءات حصرية السلاح طالما هذه الاعتداءات قائمة". ويعتبر جوني انه "بعد عرض قيادة الجيش خطتها على مجلس الوزراء بردت الاجواء في البلد وبرزت اشارات رضا من حزب الله وحركة أمل"، لافتا الى ان "مسؤولية الجيش راهنا كبيرة وهي تصبح اكبر مع مرور الوقت، فهو يحاول ردم الهوة التي تكونت بين قرار الحكومة بحصر السلاح ورفض حزب الله التعاون"..