ما كان مُنتظراً حصل. مخيم عين الحلوة في صيدا "سلّم أسلحة ثقيلة" كانت موجودة داخله للجيش، ومن قام بتلك الخطوة هي منظمة التحرير الفلسطينية حصراً، بينما باقي الفصائل لم تنفذ ذلك.
صباح السبت، حضرت 5 شاحنات إلى طريق عسكرية مُستحدثة مؤخراً من قبل الجيش، وتصل إلى منطقة جبل الحليب في المخيم حيث جرى تجميع قذائف صاروخية ورشاشات ثقيلة. الخطة كانت تتمحور في اعتماد "فتح" تلك النقطة لإتمام عملية التسليم، كونها تعتبرُ مناسبة لذلك، ويمكن السيطرة على عملية النقل بعيداً عن الإعلام أو المواطنين، ذلك أن أي خطوة ستحصلُ قرب مستشفى صيدا الحكومي ستكون واضحة للعيان ومكشوفة.
لذلك، وبعيداً عن الكاميرات، تم التسليم، وخرجت الشاحنات عبر تلك الطريق، وما حصل يمثل "خطوة أولى" في إطار عملية التسليم، وأي سلاحٍ سيظهر مُجدداً لدى مناطق نفوذ "فتح" سيجري تسليمه. القرارُ بهذا الإطار محسوم ولا تراجع، وفق ما تؤكد مصادر الحركة لـ
"لبنان24".
أسلحة قديمة وقذائف
السلاح الذي تم تسليمه يشملُ قطعاً قديمة إلى جانب قذائف صاروخية أبرزها من نوع "فراغي" و "شامل" و "غراد". كذلك، تم تسليم عدد من الدوشكات مع رشاشين من نوع 500 وقذائف آربي بي جي وذخائر".
هذه الأسلحة التي تقدر أعدادها بالعشرات كانت موجودة بحوزة "فتح" فقط، لكن المناطق التي تسيطر عليها الجماعات المسلحة أو فصائل فلسطينية أخرى، لم تشهد أيّ تسليم. الأمرُ هذا يعني أنَّ سلاح تلك الجماعات والفصائل لم يُنزع، بينما الجهود والاتصالات لاحتوائه مستمرة ولم تتوقف.
بدوره، قال مسؤول العلاقات العامة والإعلام في قوات "الأمن الوطني الفلسطيني" المُقدم عبد الهادي الأسدي لـ
"لبنان24" إنّه "تمت اليوم عملية استكمال تسليم السلاح الفلسطيني من مُخيمي عين الحلوة والبداوي إلى الجيش"، مؤكداً أنَّ "العملية جرت بسلاسة وهدوء تام خلافاً لما كان تُراهن عليه بعض الجهات التي سعت للتشويش على عملية التسليم".
وذكر الأسدي أنَّ عملية التسليم هذه تأتي استكمالاً لعملية تسليم السلاح الموجود بحوزة منظمة التحرير الفلسطينية في المُخيمات، تنفيذاً للقرارات الرئاسية الصادرة عن رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس.
وأكد الأسدي أنه جرى تسليم 3 شاحنات من مُخيم البداوي بالإضافة إلى 5 شاحنات من مُخيم عين الحلوة، وأضاف: "بذلك، سيكون الرئيس عباس قد وفى بما وعدَ به الدولة
اللبنانية بمعالجة ملف سلاح المخيمات، على أن يتمّ العمل على إعطاء
الفلسطينيين في
لبنان حقوق العمل والتملك والحقوق الإنسانية والإجتماعية إلى حين العودة".
ورداً على سؤال عما إذا كانت هناك من أسلحة متبقية داخل المخيم، قال الأسدي: "للعلم، فإن من سلّم السلاح هو منظمة التحرير الفلسطينية وما من فصيل آخر قام بهذه الخطوة.. في حال وُجد أي سلاح آخر داخل المخيم سيتم جمعه وتسليمه فوراً للجيش".
وأضاف: "نحنُ نعتبر أنَّ ما جرى هو خطوة
على الطريق الصحيح، ومن الممكن أن نشهد لاحقاً استكمالاً لعملية التسليم وحركة فتح على تعاون وتنسيق مفتوحٍ ودائم مع الدّولة اللبنانية".
اتصالات بشأن المطلوبين
وفي ظل عملية التسليم التي حصلت في عين الحلوة وما قد يتبعها من خطوات مماثلة أخرى، تحدثت معلومات "لبنان24" في وقتٍ سابق عن وساطة فلسطينية جديدة بدأت مؤخراً لتسوية أوضاع أشخاص مطلوبين للدولة اللبنانية يمكثون داخل المخيم.
تحدثت المصادر عن أن هذه الوساطة ترتبطُ بخطوة فتح ملفات الكثير من المطلوبين لإعادة النظر بها وتحديد ماهيتها وسبل تسويتها، مشيرة إلى أنَّ اجتماعات عديدة حصلت في الآونة الأخيرة لدرس الأمر من دون الوصول إلى نتائج نهائية حتى الآن.
المصادر قالت إنَّ حركة "
حماس " دخلت على خط تلك الوساطة بشكلٍ أساسي، إذ عزّزت تواصلها مع تنظيميْ "عصبة
الأنصار " و "الحركة الإسلامية المُجاهدة" داخل عين الحلوة للبحث في ملف المطلوبين والتسوية المرتبطة بهم.
المعلومات تكشف أنَّ ممثل حركة "حماس" في لبنان أحمد عبد الهادي (أبو ياسر)، زار المخيم قبل أيامٍ قليلة والتقى في حيّ الزيب، المطلوب البارز أحمد عبد
الكريم السعدي، المعروف بـ"أبو محجن"، أمير "عصبة الأنصار"، لدراسة المسألة المطروحة والسعي لإيجاد مخارج لها.
"لبنان24" اتصل بمصادر قيادية في "حماس" للوقوف عند الأمر، فهي لم تؤكد أو تنفي المعلومة المطروحة بشأن انخراط عبد الهادي على صعيد الوساطة، لكنها أشارت إلى أنَّ الأخير، والذي حاول "لبنان24" الاتصال به من دون حصول رد، يزورُ المُخيم باستمرار حيث يعقد لقاءات عائلية واجتماعية دورية، كما أنهُ يلتقي بين الحين والآخر ممثلين عن التنظيمات الإسلامية في عين الحلوة، وتُضيف: "لهذا، فإن مسألة زيارة عبد الهادي إلى المخيم ليست أمراً مُريباً، بل هي طبيعية وبديهية وتحصل باستمرار".
ومع أنَّ ملف المطلوبين في المُخيم هو "النقطة الأكثر خطورة"، تقول المعلومات إنَّ ملف كل مطلوب سيُدرس على حدة للبت به، موضحة أنَّ أي خطوة على صعيد "تسوية الأوضاع" قد لا تشملُ "المطلوبين الخطيرين جداً" أو الذين يقودون جماعات مسلحة وتورطوا باشتباكات مباشرة ضّد الجيش.
وعليه، فإن هؤلاء إما سيبقون داخل المخيم مع الاحتفاظ بسلاحهم وفتح معركة للاحتفاظ به، في حين أن هناك سيناريو تم التلميح إليه، ويفيد بـ"تأمين طريق خروج لهؤلاء المطلوبين وترحيلهم من لبنان، وقد تكونُ الوجهة لهم هي
سوريا ".
لذلك، فإنّ مسألة معالجة ملف المطلوبين تحتاجُ إلى الكثير من الدقة، لكن الثابت حتى الآن هو أنّ هناك تسوية يتم العملُ عليها "خلف الكواليس"، إلا أن نتائجها غير مضمونة إطلاقاً.