آخر الأخبار

هل تساهم غارة الدوحة في تحوّلات المنطقة؟

شارك
في ظل المشهد المليء بالتحولات في المنطقة، تبدو التطورات الأخيرة وكأنها بداية لمرحلة مختلفة تمامًا. الغارة التي استهدفت قيادة حركة حماس في قطر، وإن كانت في ظاهرها عملية عسكرية موجهة ضد طرف محدد، إلا أنها تفتح الباب على احتمالات أكبر بكثير. فما جرى لا يمكن عزله عن سياق إقليمي متشابك، حيث باتت السياسة والحروب والاصطفافات متداخلة بشكل يفرض على جميع الأطراف إعادة النظر في حساباتها.

التغول الإسرائيلي الذي وصل إلى حدود لم يعد العقل السياسي العربي يتخيلها، يعكس واقعًا جديدًا من الانفلات. لم يعد الأمر مقتصرًا على مواجهة في غزة أو مناوشة على الحدود، بل أصبح الخطر حاضرًا في أي عاصمة عربية قد يقرر نتنياهو أو حكومته استهدافها. فإذا كان بالإمكان ضرب قيادة حماس في الدوحة، فما الذي يمنع من ضرب أطراف أخرى في بيروت أو دمشق او القاهرة أو حتى في عواصم خليجية؟ هنا يكمن جوهر القلق: إسرائيل لم تعد ترى أي قيود أو حدود لتحركها.

الأمر الأخطر هو أن هذه الممارسات لا تأتي بمعزل عن الغطاء الأميركي. فالمباركة الضمنية أو العلنية من واشنطن تمنح تل أبيب هامشًا واسعًا للمناورة وتضفي على عملياتها شيئًا من الشرعية. وهذا يضع الدول العربية أمام معضلة حقيقية: هل تبقى مجرد متفرج على عمليات إسرائيلية متكررة، أم تعيد تموضعها وتبحث عن بدائل في تحالفاتها بما يحميها من التمدد الإسرائيلي؟

العديد من العواصم العربية بدأت تلمس هذا الخطر، فالمعادلة لم تعد مجرد خلاف فلسطيني – إسرائيلي. نحن أمام حالة يمكن أن تطال كل نظام وكل دولة. وهذا قد يدفع باتجاه بروز تقاطعات جديدة بين قوى متضررة من الغطرسة الإسرائيلية ، حتى وإن كانت بينها خصومات أو تناقضات عميقة.

لا شك أن الواقع السوري وما أصابه من انهيار، إضافة إلى التراجع الكبير في قوة حزب الله ، شكّل عاملًا مشجعًا لإسرائيل لتوسيع عملياتها. فالتفلت الراهن ما كان ليحصل لو لم تدرك تل أبيب أن ميزان القوى تغيّر لصالحها. لكن السؤال الذي يطرح نفسه اليوم: هل هذا التقدم سيستمر بلا رادع، أم أن مرحلة جديدة من التحالفات قد تعيد رسم التوازنات؟

الجواب ليس محسومًا بعد. إلا أن المؤكد أن ما جرى في قطر ليس حادثًا عابرًا، بل جرس إنذار مبكر لدول المنطقة بأن اللعبة لم تعد كما كانت. الخيار المطروح أمام الجميع اليوم هو إما البقاء في دائرة العجز والتفرج، أو الدخول في مسارات تفاهم جديدة تُرسم على قاعدة مواجهة خطر إسرائيلي لم يعد يعرف حدودًا. هذه اللحظة قد تكون بداية تحول استراتيجي يعيد خلط الأوراق ويضع حدًا للتفلت الإسرائيلي الذي يهدد الجميع.
لبنان ٢٤ المصدر: لبنان ٢٤
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا