ولعل البارز في هذا السياق، أنه فيما رصدت الأصداء الخارجية ولا سيما منها الأميركية والخليجية للخطة وقرارات
مجلس الوزراء
الأخيرة ، تلقت الحكومة والجيش في الساعات الأخيرة جرعات دعم قوية، أبرزها داخلياً من رئيس حزب "
القوات
اللبنانية " سمير جعجع الذي ألقى أمس خطاباً نوعياً استثنائياً أبرز فيه التطورات التاريخية التي أدت إلى استعادة
لبنان مساره السيادي، في حين برز الدفع الأميركي لتعويم وتفعيل عمل لجنة الإشراف على تطبيق اتفاق وقف الأعمال العدائية بين لبنان وإسرائيل بما شكّل رسالة بارزة وجرعة أميركية واضحة لإسناد خطة
الجيش اللبناني بتعزيز الجهد لوقف الأعمال العدائية بما يدفع مهمة الجيش قدماً في خطته. وهذه الانطباعات والمعطيات عززها حضور الموفدة الأميركية مورغان أورتاغوس خصيصاً إلى
بيروت والناقورة ومشاركتها في اجتماع اللجنة، ولو أنها لم تعقد أي لقاءات مع المسؤولين السياسيين بما شكّل تطوراً لافتاً حيال تخصيصها زيارتها بالملف الأمني العسكري وحده. كما أن حضور الجنرال براد كوبر لهذه الغاية ترك انطباعاً قوياً عن جدية واشنطن في تعزيز اتفاق وقف الأعمال العدائية الذي شكل مطلباً أساسياً للحكومة اللبنانية .
وقد عقد في رأس النّاقورة اجتماع لجنة الإشراف على تطبيق اتّفاق وقف إطلاق النّار، بحضور أورتاغوس، وقائد المنطقة الوسطى في الجيش الأميركيّ الأميرال براد كوبر. وقد تبلّغ لبنان تغيير رئاسة لجنة مراقبة وقف إطلاق النّار .
وأفيد عن اتفاق على تفعيل دور الـ mechanism لمراقبة الخروقات والتحرك بعد فترة من البطء .
كما أفادت معلومات أخرى أن الوفد الأميركي استمع إلى خطة الجيش اللبناني في شأن حصرية السلاح في يد الدولة واعتبر الخطة ايجابية شرط التنفيذ .
ونقلت معلومات عن مطّلعين على اجتماع لجنة مراقبة وقف اطلاق النار أنهم لاحظوا بعض الليونة في ما خص الموقف
الإسرائيلي تجاه لبنان من دون وجود أي خطوة عملية حتى الآن، ولا وعود وصلت بعد بشأن المساعدات المطلوبة لتطبيق خطة الجيش، علماً أن الموقف الأميركي كان داعماً لموقف الجيش ومرحباً بخطته ومتفهماً لضرورة إقدام
إسرائيل على خطوات إيجابية مقابل الخطوات اللبنانية .
ووفق المعلومات، فإنّ الرّئيس الأميركي الجديد للّجنة الاشراف سيصل بعد خمسة عشر يومًا، وهو جنرال في قوّات "المارينز ".
وبعد انتهاء الاجتماع في الناقورة، جال الأدميرال كوبر وأورتاغوس فوق المنطقة الحدوديّة بين القطاعين الأوسط والغربيّ على متن طوافة عسكريّة للجيش اللبنانيّ للإطلاع على الواقع الميدانيّ في المنطقة ثم عادا إلى بيروت .
وكانت الموفدة الأميركيّة مورغان أورتاغوس وصلت إلى مطار بيروت الدّوليّ،
صباح أمس .
وفي غضون ذلك، كشفت أوساط معنية أن الساعات الثماني والأربعين التي اعقبت جلسة مجلس الوزراء شهدت اتصالات على قدر عالٍ من الأهمية داخلياً وخارجياً تخللتها توضيحات وضعت حداً للغط المتعمد الذي أعقب الجلسة وصوّر الامور بما يخدم توظيف "
حزب الله " للمرونة الميدانية التي تركت للجيش وكأنها تراجع عن قرار حصرية السلاح. ووفق معلومات موثوقة لـ"النهار"،فإن ما انتهت إليه قرارات الجلسة بعد عرض قائد الجيش للخطة العملانية يثبت مهلة ثلاثة أشهر لإنجاز حصرية السلاح بالكامل في منطقة جنوب الليطاني، وفي الوقت نفسه، وهنا أهمية الأمر، يتولى الجيش في كل المناطق اللبنانية خلال هذه المهلة إياها منع أي حمل أو أي نقل للسلاح وفق آلية احتواء السلاح. بذلك ستكون المرحلة الأولى منطلقاً لحصرية السلاح وتنظيف جنوب الليطاني أي قبل شهر واحد من نهاية السنة، ومن ثم تبدأ المرحلة الثانية ما بين جنوب الليطاني والأولي وتباعاً المراحل الأخرى. وتشير معلومات "النهار" إلى ان مجلس الوزراء اطلع من قائد الجيش على أنه من الصعوبة بمكان تحديد مهل استباقية لكل مرحلة بعد المرحلة الأولى، لأن الأمر سيبنى على تقديرات وليس على وقائع ثابتة على
الأرض تحتاج إلى آليات استطلاع ميدانية عسكرية واستخباراتية دقيقة. ولذا، فإن الأساس هو التزام قرار وخطة حصرية السلاح اللذين سيبدأ تنفيذهما فوراً. وفي موازاة ذلك، فإن مجلس الوزراء طلب من قائد الجيش تقريراً شهرياً حول مسار التنفيذ، وهو أمر مهم للغاية لأنه سيعد بمثابة التزام قاطع بإقلاع خطة حصرية السلاح بلا أي تهاون .
أما خطاب جعجع بعد القداس السنوي الحاشد الذي أقامته "القوات اللبنانية" في ذكرى "شهداء المقاومة اللبنانية" في معراب، فتميز بالدفاع القوي عن الرئيسين جوزف عون ونواف سلام وبتوجيهه أعنف الردود إلى "حزب
الله " والممانعين، كما بتوجهه إلى الطائفة الشيعية بنبرة التضامن والحضّ على الانضمام إلى الدولة والتخلي عن السلاح. وقال جعجع، إن "المواجهة المستمرّة كانت شعارنا كلّ يوم وفي كلّ مناسبة وفي كل الظّروف ومهما كان الثّمن إلى أن دار التاريخ دورته الكاملة وأثمرت مواجهاتنا المستمرّة انتصارات كاملة وفي كلّ الاتّجاهات ولن نقبل بعد الآن إلا أن يكون القرار لبنانيًا مئة في المئة ".
وتوجّه إلى محور الممانعة قائلاً: "لقد أمسكتم وبقوّة السّلاح والإرهاب برقاب اللبنانيّين لسنوات طويلة ودمّرتم أحلامهم ومؤسّساتهم وأردتم فرض مشروعكم على حساب مشروع الدّولة... خسرتم الحرب التي كشفت عن ضعفكم وعن اختراقات
واسعة في صفوفكم، وافقتم على اتّفاق وقف إطلاق النّار مع علمكم أنّه تسليم واستسلام، وبعد كلّ ذلك تكابرون وتنكرون الخسارة والواقع الجديد وتتكبّرون على الدولة وتتّهمونها هي بالتّخاذل وتحمّلونها مسؤوليّة ما آلت إليه أوضاعكم وأوضاع البلد، وتتذرّعون دائمًا أبدًا باتّفاق وقف إطلاق النّار وبأنّكم التزمتم بينما إسرائيل لم تلتزم ولا قيام لدولة فعلية في لبنان بوجود سلاح غير شرعي في داخلها... تُشارِكونَ في الحُكومَةِ وتُوافِقونَ على بَيانِها الوِزاريِّ ثُمَّ تَنقَلِبونَ عَلَيها وتَرفُضونَ حَصرَ السِّلاحِ عندما دقّت ساعَةُ الحَقيقَةِ وحانَ الوَقتُ لِوَضعِ هذا المَبدأِ مَوضِعَ التَّنفيذِ... اذا كنتم تهربون من حرب مع إسرائيل إلى حرب في الداخل فأنتم ترتكبون خطأ وخطيئة وخيمة العواقب لا تغتفر... لا لحرب أهلية ولا أحد يريدها وإذا اردتموها من طرف واحد فجميع اللبنانيين مع الدولة والشرعية ... لا 7 أيّار من جديد ولا من يحزنون ولا من يطوّقون السّرايا". واعتبر أن "سلاح حزب الله لا يحمي الشيعة إنما يحتمي بهم ويتخذ منهم متراساً". وتوجه للشيعة قائلاً: "أنتم مكوّن أساسي من المكوّنات اللبنانية في هذا
الوطن الذي أكّد عليه الإمام موسى الصدر وطناً نهائياً والتزمتم به كذلك في الدستور المنبثق عن اتفاق الطائف، لا تصدقوا أن السلاح يحميكم ويحصّل حقوقكم وشرفكم، ولكم في الحرب الأخيرة دليل ساطع وواقع لا مجال لإنكاره. لم يأت الشيعة إلى لبنان مع حزب الله ومن المؤكد أنهم لن يذهبوا معه، فطالما هناك لبنان هناك شيعة في لبنان إن كان بوجود هذا الحزب أو من دونه، وإذا كان حزب الله يتهرّب من تسليم السلاح على اعتبار أنه استسلام، فهو يتهرب من الاستسلام إلى الانتحار. آن الأوان للشيعة أن يفكوا أسرهم بأيديهم