آخر الأخبار

الخطيب جدد مطالبته رئيس الجمهورية الدعوة الى حوار لمناقشة موضوع السلاح

شارك
أدى نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الاعلى العلامة الشيخ علي الخطيب الصلاة في مقر المجلس في طريق المطار، وألقى خطبة الجمعة التي قال فيها:
يقول الله تعالى في كتابه العزيز، ( وَسَكَنتُمۡ فِي مَسَٰكِنِ ٱلَّذِينَ ظَلَمُوٓاْ أَنفُسَهُمۡ وَتَبَيَّنَ لَكُمۡ كَيۡفَ فَعَلۡنَا بِهِمۡ وَضَرَبۡنَا لَكُمُ ٱلۡأَمۡثَالَ )
يحث الله سبحانه وتعالى على التعرف على تجارب الامم السابقة في حياتها الاجتماعية واستخلاص النتائج منها والاعتبار بها. وفي هذه التجارب القليل من النجاحات والكثير من الإخفاقات، كما تشير الاية المباركة ويظهره الخطاب الذي يوجه فيه اللوم لهؤلاء الذين لم يستفيدوا من تجارب من سبق ان سكنوا ديارهم، وكان جديرا بهم ان يتعظوا بما صاروا اليه:
﴿ أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ ۚ كَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَأَثَارُوا الْأَرْضَ وَعَمَرُوهَا أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوهَا وَجَاءَتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ ۖ فَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَٰكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ﴾ ( سورة الروم)
والاستفهام هنا استفهام استنكاري. فالله تعالى يلومهم ويستنكر عليهم انهم لم يستفيدوا ولم يعتبروا ولم يُعمِلوا عقولهم في وقائع يعيشونها وهي امام اعينهم، فالارض التي يسكنونها كانت قد سكنت من اقوام سبقت، وكانت اكثر قوة وغنى مما هم عليه. ولكن كل ذلك الاقتدار الذي غشّهم الاستناد اليه فأغشيت اعينهم عن حسابات المستقبل فطغوا وبغوا وظلموا، كان رهانا خاسرا اذ لم تُغنِ عنهم من الله شيئا ( كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء حتى اذا جاءه لم يجده شيئا ووجد الله عنده فوفاه حسابه )
هم عاشوا اللحظة لحظة الاقتدار او الامن او الغنى او كل ذلك فتصرفوا وفق اللحظة، وما اوحته لهم شياطينهم دون حساب للعواقب.
وَلِلَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِمۡ عَذَابُ جَهَنَّمَۖ وَبِئۡسَ ٱلۡمَصِيرُ (6) إِذَآ أُلۡقُواْ فِيهَا سَمِعُواْ لَهَا شَهِيقٗا وَهِيَ تَفُورُ (7) تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ ٱلۡغَيۡظِۖ كُلَّمَآ أُلۡقِيَ فِيهَا فَوۡجٞ سَأَلَهُمۡ خَزَنَتُهَآ أَلَمۡ يَأۡتِكُمۡ نَذِيرٞ (8) قَالُواْ بَلَىٰ قَدۡ جَآءَنَا نَذِيرٞ فَكَذَّبۡنَا وَقُلۡنَا مَا نَزَّلَ ٱللَّهُ مِن شَيۡءٍ إِنۡ أَنتُمۡ إِلَّا فِي ضَلَٰلٖ كَبِيرٖ (9) وَقَالُواْ لَوۡ كُنَّا نَسۡمَعُ أَوۡ نَعۡقِلُ مَا كُنَّا فِيٓ أَصۡحَٰبِ ٱلسَّعِيرِ (10) فَٱعۡتَرَفُواْ بِذَنۢبِهِمۡ فَسُحۡقٗا لِّأَصۡحَٰبِ ٱلسَّعِيرِ (11
سيقرون انهم لم يعيروا اذنا صاغية لصوت الحق ولم يعقلوا الامور ويتفكروا في النتائج.
كما لم يعقلوا ويعتبروا مما رأوه ويتدبروا ويستخلصوا العبر من التاريخ ومصائر الامم التي سبقتهم، ولو انهم فعلوا لما آل مصيرهم الى الخسران والخزي حيث يصطرخون في جهنم طالبين الاسترحام فيأتيهم الجواب من ربهم (اخسؤوا فيها ولا تكلمون ).
لم يستحقوا الانصات والإجابة بالعفو والرحمة، اذ لم يستمعوا لصوت العقل ولم يستجيبوا لنداء الأنبياء، وغرّتهم الحياة الدنيا واستجابوا لصوت الغريزة والهوى ودعوة الشيطان:
( قل هل ادلكم على الاخسرين اعمالا الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون انهم يحسنون صنعا ).

أضاف :"انها الادارة السيئة والاستثمار الخاطئ لاثمن الاشياء التي يملكها البشر وهي الحياة، فقد يخسر الانسان او تخسر الامم بحسابات خاطئة شيئا من رصيدها المادي، ولكن ربما تستطيع التعويض عنه وجبرانه بعد اعادة النظر وتعديل الخطط، وربما يكون ذلك امرا يسيرا طالما أن الاسس التي بنيت عليها كانت قوية ومتينة، ولكنها لن تكون كذلك اذا فقدت هذا الشرط، وهي الاسس والقواعد الفكرية والفلسفية التي هي بمثابة القواعد العلمية والهندسية التي يجب اعتمادها لدى التخطيط لبناء منزل، فضلا عن التخطيط لبناء مدينة، لو انها اغفلت وبنيت بشكل عشوائي يمثل له الله تعالى له بقوله: ﴿ أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَىٰ تَقْوَىٰ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَم مَّنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَىٰ شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ ۗ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ }
ان بناء البيت بشكل عشوائي او المدينة تتشكل على مر الزمن وتحت وطأة الحاجة من دون تخطيط او دراسة، ربما لا يحتاج الى كلفة مادية كبيرة، ولكنها حتما لن تؤدي الخدمة لأهلها بشكل صحيح، وتنشأ عنها مشاكل يحتاج حلها ربما الى هدمها وبنائها من جديد، وهو ما يُرتِّب على اهلها او الادارة المختصة مبالغ مضاعفة، او تكون ابنيتها معرضة للسقوط والخراب عند حدوث زلزال يسقط معه الضحايا ويتحول الى عِبء على الدولة والمجتمع".
وتابع :"واذا كانت امثال هذه القضايا تدفعنا للاخذ بافضل نتائج الجهد البشري في العمران المادي، فإن الحاجة تكون اكبر في العمران البشري الفكري والمعنوي الذي هو بمثابة الأساس والقاعدة التي يقوم على أساسها البناء المادي، وكيف يجب ان يكون استخدامه.
يقول الله تعالى: ﴿ أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَٰهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَىٰ عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَىٰ سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَىٰ بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَن يَهْدِيهِ مِن بَعْدِ اللَّهِ ۚ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ﴾
فالترابط بين البناء الفكري والفلسفي والرؤية الاجتماعية وبين البناء المادي هو ترابط وثيق. فإن صح البناء والتوجه الفكري قام البناء الاجتماعي على اساس متين، والا انهار كما المنزل الذي بني عشوائيا على غير أساس هندسي سليم ،حيث مصيره الانهيار على ساكنيه وان يودي بهم الى الهلاك. وقد عبر الله تعالى عن الاساس بالهوى ونتائجه الضلال والغشاوة والعمى".

وإستطرد الخطيب : "نسأل اليوم وباستغراب عن هذا البناء لهذه الامة، كيف تصدعت جدرانه وكيف ضعف وظهر فيه الخوار وتلاشت قوته وذهبت مهابته وتمزقت وحدته ،حينما هدمت عواملها واسسها وانتهكت مبادؤها وقام حكمها على سلطة المال وسلطان السيف وتحولت الى قيصرية وكسروية، لا تؤمن على شيء من دين الامة ودنياها . اتخذت مال الله دولا وعباده خولا.
نواجه كعرب ومسلمين اليوم تحولات دولية كبرى لصياغة عالم جديد وعلى اساس موازين قوى جديدة على حساب مصالحنا ووجودنا، يراد لنا فيه من جديد ان ندفع فاتورته الجديدة بعد ان قام النظام العالمي الذي انتهى وانتهى معه ميثاق الامم المتحدة، لم ننل منه غير السراب، وما تزال جراحنا تنزف في فلسطين وفي لبنان والعالم العربي والاسلامي وفي كل بقعة من بقاع المستضعفين في العالم حيث نسلِّم له مصائرنا".

وقال :"لقد جرت على مدى القرن الماضي محاولات من الامة للخروج على هذا الواقع والتمرد عليه،وقد اثمر اخيرا قيام الجمهورية الاسلامية الايرانية التي اعطت دفعا قويا للامة وحركات المقاومة التي حققت انجازا مهما في لبنان، حيث استطاعت اخراج العدو بقوة السلاح وتحرير الارض والأسرى، وفي فلسطين حيث تخوض المقاومة الفلسطينية في غزة اشرس المعارك مع الغرب الذي هبّ مجتمعا لنجدة قاعدته المتقدمة في فلسطين المحتلة، بعد ان زلزل كيانها السابع من تشرين بطوفان الأقصى. ويحاول العدو اليوم التخلص من اثاره بحرب وحشية يمارس فيها الابادة ضد المدنيين الفلسطينيين في محاولة لتهجيرهم من ارضهم، ولكنهم ثابتو القدم وقد وطنوا أنفسهم على الصمود مهما كانت الاثمان، وحيث يستكمل العدو حربه على المقاومة في لبنان بعد ان عجز عن الحاق الهزيمة بها واضطر مرغما على طلب وقف اطلاق النار والقبول بتطبيق القرار الاممي ١٧٠١، ما شكل فرصة نادرة للامة ان تنهض من جديد وتستعيد موقعها بين الامم بدل ان تكون ذيلا تابعا للغرب، يديرها ازلامه الصهاينة بقيادة نتنياهو الذي يطمح إلى تحقيق "اسرائيل الكبرى".

وأ{دف الخطيب :"ان الغرب وبعض خدامه يشنون حربا اعلامية شعواء على المقاومة وبيئتها عبر التحريض والتشويه والتنمر والاساءة اللاأخلاقية لمعتقداتها ومقدساتها بدفع مبالغ مالية طائلة.
ان المقاومة في لبنان اليوم تخوض معركة الامة المصيرية في لحظة تاريخية على خطين،ما يستلزم وقوف العرب والمسلمين الى جانبها بدل التآمر عليها داخليا وخارجيا:
الاولى معركة تحرير الارض واجبار العدو على وقف الحرب وتطبيق القرار الاممي ١٧٠١ وتحرير الاسرى واعادة الاعمار.
والثانية معركة الوحدة الوطنية، حيث يعمل العدو على تهديدها بتحريك عناصر الفتنة الشيطانية وبالضغط على الحكومة لاجبارها على نزع سلاح المقاومة التي شرعت باتخاذ اجراءات اولية للسير بهذا الاتجاه، عبر اقرارها بند حصر السلاح في مدة زمنية محددة، ثم تكليف الجيش اللبناني بوضع خطة لتنفيذ هذا القرار الخطيئة، وهو مشروع لاحداث فتنة داخلية نتمنى تفاديها عبر مخرج يتولاه فخامة رئيس الجمهورية وقيادة الجيش، يحفظ البلد وينقذه من التبعات والاخطار التي لا تخدم سوى العدو، حيث يزمع مجلس الوزراء الانعقاد اليوم، وان يسود التعقل والحكمة دفعا للشر وحفاظا على السلم الأهلي، والا يكون التهديد بتجديد الحرب من قبل العدو ذريعة للسير بقرار الفتنة، فنستبدل العدوان الخارجي بارتكاب خطيئة اعظم".

وجدد العلامة الخطيب، مطالبته "فخامة رئيس الجمهورية المؤتمن على البلاد والدستور وحفظ السلم الاهلي والعيش المشترك، بالدعوة الى حوار وطني لمناقشة موضوع السلاح والخروج بحل يحقق المصلحة الوطنية ويضع حدا لطروحات الفتنة التي يحاول البعض جر البلد اليها، تحقيقا لاهداف العدو التي عجز عن تحقيقها بالحرب". وقال :"ان التهديد الصهيوني للبنان يتطلب توحد اللبنانيين جميعا تحت كنف الدولة القوية العادلة، لا شهر السيوف على من ضحى باغلى ما لديه ووقف امام العدو حفظا لسيادته وكرامة شعبه".

ورأى ان" الحكومة اللبنانية اليوم أمام مفصل تاريخي، فلتستفد من التجارب السابقة التي أودت بالبلد إلى مهالك مكلفة بشريا وماديا،إستنادا إلى ما بدأنا به هذه الخطبة ،من قوله تعالى :
( وَسَكَنتُمۡ فِي مَسَٰكِنِ ٱلَّذِينَ ظَلَمُوٓاْ أَنفُسَهُمۡ وَتَبَيَّنَ لَكُمۡ كَيۡفَ فَعَلۡنَا بِهِمۡ وَضَرَبۡنَا لَكُمُ ٱلۡأَمۡثَالَ )
والسلام على من اتبع الهدى!".
لبنان ٢٤ المصدر: لبنان ٢٤
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا