كتب نبيل بو منصف في" النهار": ما أصاب تسمية "الحوار" من ابتذال بفعل الإمعان المفرط في تسخيره قياما وقعوداً، عند كل هبة حشرة أو تنافس أو تبدل في أحوال الارتباطات الخارجية، لا يخرج عن عشرات التجارب القاتلة لمفهوم الحوار الحقيقي الجدي وجوهره حين يغدو حاجة وطن بكل معايير الحاجة المصيرية إلى الحوار. مُسخ مفهوم الحوار في أوقات كانت الدماء تسيل في الشوارع، ومُسخ في أزمنة الاحتلالات والوصايات حين كانت طبقات سياسية متعاقبة تمعن في العمالة "الحقيقية" هنا بتحويل الحوار شكلا ممسوخا يخدم المحتل والوصي، ومُسخ يوم مزق الميثاق فعلا وديس به في الأرض لأهداف غالباً ما أدت في نهايات معارجها إلى فتن إضافية.
تبعا لذلك كله، لا غرابة إن وقف اللبنانيون بغالبيتهم الساحقة اليوم، أمام الخشية الكبيرة على مشروع ناشئ طري يقلع أمام ناظريهم بشق النفس وعلى رؤوس الأصابع، هو مشروع إعادة الاعتبار الكاملة إلى الدولة الموعودة بالاكتمال، ليس عبر نزع السلاح غير الشرعي في كل مكان ومع أي طرف لبناني وغير لبناني فحسب، بل أيضاً عبر فرض مهابة قرارات الدولة المستندة إلى الشرعية الدستورية والميثاقية داخلياً، وقانوناً دولياً وقرارات دولية خارجياً. ولذا ترانا لا نجد تفسيرا منطقيا لامتناع أهل الشرعية أنفسهم عن الرد على مسلك سياسي حزبي طائفي يعمم عبر هجوم دعائي مركز ومكثف، بتصوير إجراء يتخذه
مجلس الوزراء بالمصادقة على خطة الجيش لتنفيذ سحب السلاح من "
حزب الله " والفصائل
الفلسطينية في سائر أنحاء
لبنان ، إشعالاً لحرب أهلية...
بلغ الأمر بالفريق الذي يحرم على الدولة أن تعود دولة، وعلى الجيش أن يفرض أحادية السلاح الشرعي وحده دون منافس بعد عقود من استباحة الشرعية والدولة، أن استسهل التلاعب بكل ما نشأ منذ بداية
العهد الحالي والحكومة الحالية وراح في اتجاه حرب إلغاء الدولة كلها مجددا.
يراد للجيش أن يقدم خطة منزوعة العصب، بلا برمجة زمنية لنزع السلاح، بل لعلها خطة "دايت" بلا دسم لإضعاف السلطة الجديدة ودفعها إلى الانهزام تحت وطأة "انتصار" الفريق الذي يمجد سلاحه ويعليه فوق إرادة الأكثرية الساحقة من اللبنانيين.