آخر الأخبار

قبلان: البلد لا يمكن أن يعيش إلا بشراكة أهله

شارك
أصدر المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان البيان الاتي: " لبنان ليس ملكاً لجيل دون جيل، وهو هبة الرب ومهد الأديان ومهر التاريخ والإنسان، وهذا البلد لا يمكن أن يعيش إلا بشراكة أهله، لأن طبيعته توافقية بالتكوين، وكسر هذه الشراكة قتل للبنان، خاصة أن أزماته غالبيتها خارجي، ولا حل لها إلا بالتفاهم. وكما يقول الرئيس نبيه بري : "لبنان مثل الذرة إذا انضغط انفجر"، والخارج شديد الحقد والأنانية ولا يهمه خراب البلد وإبادة أهله ومؤسساته، واللحظة لنا كلبنانيين جميعاً بعيداً عن لعبة الإقليم والعالم، ومفتاح الحل يكمن بالواقعية والمكاشفة الصريحة لعرض الحقائق والهواجس والتهديدات الوطنية للخروج بصيغة تفاهم ضامن للبنان وسيادته ومكوناته، بعيداً عن مصيدة الخارج وهوس بعض المجانين".


وتابع: "إنّ موضوع السيادة الوطنية أكبر أولويات البلد، لأن لبنان يقع بقلب منطقة يغلي فيها العدوان الإسرائيلي بالاحتلال والقتل والخراب، حتى أنّ نتنياهو خرج يفاخر بخطوات استراتيجية على طريق تحقيق " إسرائيل الكبرى"، وهذا يفترض تقديم الأمن الوطني على كل الأولويات، فالدولة والأمن الوطني وجود واحد، والتجربة مع الاحتلال الإسرائيلي ومجلس الأمن والأصدقاء والأشقاء مخزية، ما يضعنا في حاجة قصوى لبعضنا البعض، وللقدرات الداخلية وما يلزم من إمكانات ومهارات وطنية تساعد على تحقيق الإستراتيجية الدفاعية. من هنا فإن الواجب الوطني يفرض تشكيل خرائط دفاع تخدم الهدف السيادي، لا التخلي عن القوة الوطنية أو تدميرها مقابل وعود من ورق وسط بؤرة عدوان لا يكفّ عن ابتلاع البلاد، وهنا تظهر ضرورة الاستفادة من المقاومة التي أثبتت خلال نصف قرن أنها قدرة استراتيجية بوجه أعتى ترسانة صهيونية مدعومة من أكبر قوة بالأرض، والقتال الذي جرى ببلدة الخيام وباقي القرى الحدودية دليل مطلق على هذه الحقيقة. اللحظة الوطنية تفترض النقاش بالخرائط الدفاعية وهيكلياتها وطبيعة روابطها وتنوع أدوارها وليونة إمرتها الوطنية، وكيف نستفيد من القوة وتنظيمها وضبطها وتأمينها لا شطبها وسط منطقة تغلي بالخراب، ولا يمكن طمر الرأس بالرمل أو القبول بالانتحار السيادي، وما ليس مشروعاً بالظروف العادية يصبح ضرورة عليا بالظروف الاستثنائية، والقضية حماية لبنان لا البكاء على الأطلال كما حصل زمن احتلال بيروت ، حيث ابتلعت إسرائيل البلد ولم يكن ضامن إنقاذي إلا المقاومة، ولولاها لم يبقَ شيء اسمه لبنان، هذه حقيقة ليس للتعريض أو الإنتقام بل لبيان حقيقة الواقع وما يجب أن ننتبه له وسط أسوأ إبادة تطال المنطقة برمّتها، هنا تصبح مقاربة قضية المقاومة بما هي مقاومة ضرورة وطنية عليا، فهي الضمانة الرئيسية التي استعادت لبنان وما زالت تحميه بتضحياتها، ولا يمكن القبول بنزعها أو تبديدها مقابل وعود من وحش لا يشبع من خراب الأوطان. ولا يمكن التعويل على واشنطن أو أي ضمانات إقليمية أو دولية، فالعاقل لا يُلدغ من جحر مرتين، وقد لدغنا طيلة عشرات السنين، واليوم واشنطن نفسها تتبنى فكرة الترسانة الثقيلة وتنوع القوة لحماية أوكرانيا بعيداً عن ضمانات مجلس الأمن ، وهو دليل على ما نقول في لبنان، فالهاجس نفسه هناك هو نفسه هنا: "لا ضامن إلا القوة". خلاصة القول أيها اللبنانيون: اللحظة للأمن الوطني و"لبنان الشراكة" لا لبنان الطائفة والزواريب. البلد يعاني من قلة الإمكانات وسط طاحونة دولية لا تؤتمن على رغيف خبز فضلاً عن وطن وشعب يعاني يومياً من وحشية الاحتلال والعدوان. والقضية لبنان ووجوده بعيداً عن قصة "غالب ومغلوب" التي ينفخ بها البعض".

واضاف: "إن شراكة لبنان ومصالحه قضية تهم كل اللبنانيين، والخطورة في السياسات الكيدية وخيارات البعض الذي يريد تمرير صفقة على حساب بلده. لذلك، التفاهم اللبناني – اللبناني خيار وجودي وضرورة بقائية، والعائلة الوطنية مهددة والتضامن اللبناني ضرورة تاريخية ومصيرية، وإلغاء الآخر أمر كارثي، والتجارب السابقة شاهدة، ولا يمكن لأي مشروع وطني أو سياسات حكومية استراتيجية أن تنجح بلا توافق داخلي وسط أزمة ثقة كبرى، والحقيقة التاريخية تقول: التفاهمات الظرفية مهمتها ظرفية فقط، والتفاهمات الخارجية على حساب البلد تضعنا بقلب الخراب، فقط قيمة لبنان من قيمة تفاهماته الداخلية الإستراتيجية وهي أصل تكوين صيغة لبنان الدستورية، ودون ذلك يتحول البلد إلى صفقة، ولا يمكن المشي بأي صفقة تضرب مصالح لبنان، والبلد تسويات وطنية ومصالح مشتركة والحسم على حساب البلد خراب، وبلا تفاهم سياسي البلد من كارثة إلى كارثة، فالأمن والاقتصاد والاستقرار والنهوض كلها ترتبط بالتفاهم السياسي الداخلي. لذلك أخطر عدو للبنان ليس الخارج بل غياب التفاهم الداخلي، ومع كل تفاهم داخلي يولد لبنان المستقر من جديد".

وختم قبلان: "المسيحية بالنسبة لنا ضرورة وجودية وروحية وأخلاقية، ولبنان مهد الرب للمسيحية والإسلام. والخطر من الخارج، فيما الأبواق المدفوعة وبعض الموتورين يريدون خراب لبنان. وعلى السلطة أن تنتبه للمصيدة المنصوبة، فالنار تلتهم الإقليم وتضع العالم على حافة كوارث كبرى، وأي قوة دولية أو إقليمية تمنع اللبنانيين من التفاهم إنما تدفعهم إلى الحرب. وأي قوة تفرض لوائحها الاستسلامية على لبنان إنما تريد خراب البلد. الحل الوحيد لحماية لبنان واستقراره يمرّ بتفاهم داخلي وثيق. إن تاريخنا كمسلمين ومسيحيين إذا عزلنا لعبة الخارج، هو تاريخ عائلة وطنية تحب بعضها وتتفانى لأجل ذلك، وهو ما نريده بالصميم، لذلك كنا السباقين بالدعوة لمناقشة السياسة الدفاعية كإطار لفهم المخاطر وحماية لبنان ضمن صيغة وطنية فوق لعبة الأمم وبعيداً عن المزايدات وأرباح فريق على آخر. وتاريخنا بهذا المجال واضح، والرئيس نبيه بري نموذج وطني يجيد ابتكار الحلول العليا للمصالح الوطنية بعيداً عن النزعات الحزبية والحساسيات الطائفية".
لبنان ٢٤ المصدر: لبنان ٢٤
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا