كتب رامي الريس في" الشرق الاوسط": أخذت المعضلة
اللبنانية أبعادًا جديدة بعد تحفظ «حزب الله» على الخطوات السياسية التي تخطها الحكومة اللبنانية من خلال تأكيدها قرار حصر السلاح بيد الشرعية اللبنانية من دون سواها، ومن ثم من خلال إقرار ما ورد في الورقة الأميركية التي أرسلها المبعوث الرئاسي الأميركي توم براك إلى الجهات الرسمية بدءًا برئيس الجمهورية اللبنانية، مرورًا برئيس المجلس النيابي، وصولًا إلى رئيس الحكومة.
وإذا كان الحزب قد عبّر بخفر وخجل عن رفضه تسليم سلاحه، فإنه تخلّى عن هذا الخطاب، وسلك درب التصعيد والرفض العلني والمطلق والمباشر، ولم يتأخر عن تسيير «دورياته» من الدراجات النارية التي تلوّح بالأعلام الصفر في أنحاء العاصمة اللبنانية
بيروت ، في خطوة استفزازية لأهالي المدينة وسكانها، وصولًا إلى حرم مطار رفيق
الحريري الدولي في سلوك غير مبرر أيضًا.
لا شك في أن ما خبره الحزب وبيئته الاجتماعية خلال الأشهر المنصرمة فاق كل التقديرات وكل التوقعات، خصوصًا مع انهيار مقولة «توازن الردع»، وسقوط كل الشعارات التي رُفعت على مدى سنوات طوال، فجاءت ضربة أجهزة الاتصال (البيجرز) قاسية، بالإضافة إلى ضحايا هذه الضربة، وأثرت على المعنويات في الصميم، وأكدت أن تلك القوة الجبارة التي ظن الكثيرون، أنها غير قابلة للمس، قد تعرضت لاهتزاز كبير وغير مسبوق.
قد تكون مفهومة تحفظات الحزب وبيئته على تسليم السلاح، ولكنها ليست مبررة. فشعار مائة ألف صاروخ الذي فاخر به الحزب لسنوات لم يشفع له أو لبيئته أو للبنان عمومًا خلال الحرب
الإسرائيلية الأخيرة، فدُمرت الجنوب والبقاع وأجزاء واسعة من الضاحية الجنوبية، ولم يحصل ردع لإسرائيل كما كان متوقعًا.
واضح أن احتفاظ «حزب الله» بسلاحه بات مسألة صعبة، خصوصًا مع التساقط التدريجي للدعم السياسي الذي كان يحظى به في السابق من الكثير من القوى السياسية اللبنانية التي راحت تتنصل منه الواحدة تلو الأخرى. وواضح أن القرار الدولي الكبير، لا سيما الأميركي، لن يشهد تراخيًا أو تراجعًا في الفترة المقبلة. والواضح أيضًا أن موازين القوى الجديدة في
الشرق الأوسط لا بد أن تنعكس نفسها بشكل أو بآخر على المعادلة الداخلية اللبنانية.