كتب داوود رمال في" الانباء الكويتية":جلسة
مجلس الوزراء غدا ليست كسابقاتها، بل تمثل لحظة اختبار حقيقية لمدى
التزام القوى السياسية، وتحديدا «حزب الله»، بالتحول من مرحلة التعهدات النظرية ببسط سيادة
الدولة اللبنانية على كل أراضيها بقواها الذاتية حصرا، إلى التنفيذ العملي الذي لم يعد يحتمل التأجيل.فالمبدأ المطروح للنقاش، أي حصرية السلاح بيد الدولة، لم يكن يوما مرفوضا من قبل «الحزب»، بل سبق أن أقره ووافق عليه خلال حكومة
الرئيس نجيب ميقاتي ، ليعود ويمنح على أساسه الثقة لحكومة الرئيس نواف سلام في جلسة 26 شباط 2025. هذا التسلسل
الزمني يضع الأمور في نصابها: ما هو مطروح اليوم ليس أكثر من تنفيذ لما سبق الالتزام به، لا مفاجآت ولا انقلابات سياسية، إنما ترجمة لبيان وزاري وقع عليه الجميع وتبناه المجلس النيابي.
ووفق ما أكد مصدر سياسي لبناني رفيع فإن الجلسة المقبلة «لن تكون جلسة نقاش مفتوح أو مائدة تفاوض جديدة، بل محطة مقررة للمضي قدما في آلية تنفيذية وضعت على الطاولة منذ شهور، واليوم باتت محكومة باللحظة السياسية والفرصة النادرة التي تتاح أمام
لبنان للخروج من مأزقه المزمن، والمطلوب هو الذهاب إلى مجلس الوزراء لإقرار هذا المبدأ نهائيا، لا بالمواجهة ولا بالفرض، بل بالتوافق الوطني الكامل، بما يضمن تثبيت مفهوم الدولة الواحدة والسلاح الواحد والقرار الواحد».
وشدد المصدر على «أن البلاد أمام خيارين لا ثالث لهما، والمسار المطروح واضح: إما أن يختار اللبنانيون سلوك طريق الدولة، فيحصلون على مجموعة من المكاسب الوطنية والاستراتيجية غير المسبوقة، أو يتركون البلاد تسلك درب الانهيار والعزلة. والحل المطروح اليوم يتضمن في شقه الأول حزمة متكاملة من الضمانات والمكاسب للبنان: انسحاب إسرائيلي شامل من الأراضي المتنازع عليها، إطلاق الأسرى، تثبيت الحدود البرية، إطلاق مؤتمر دولي لإعادة إعمار ما تهدم، مقاربة جدية ومنسقة مع سورية لمعالجة ملف الحدود للمرة الأولى في تاريخ البلدين، وخطة شاملة لحل أزمة النزوح السوري، إلى جانب انفتاح عربي ودولي واسع النطاق، سياسيا وماليا واقتصاديا، يعيد إدماج لبنان في محيطه ويمنحه فرصة النهوض من كبوته.
وفي المقابل، حذر المصدر نفسه من أن الفشل في الالتزام بمبدأ حصرية السلاح لن يبقي للبنان أي غطاء خارجي. فالدعم العربي والدولي سيتوقف كليا، والمجتمع الدولي سيعتبر
أن الدولة اللبنانية تخلت طوعا عن مسؤولياتها السيادية، ما يفتح الباب أمام عزلة خانقة قد تشمل وقف المساعدات المالية، تعليق التعاون مع المؤسسات الدولية، وتحول الداخل اللبناني إلى ساحة انقسام خطير، يكون فيه «حزب الله» في مواجهة الداخل اللبناني كله وليس فقط خصومه التقليديين.