"سيادة رئيس الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية، الأخ
عبد المجيد
تبون ، بسعادةٍ أخويةٍ صادقة، وبروحِ تعاونٍ عربيٍ ضروريٍ وكامل، ألبّي اليومَ دعوتَكم الكريمة لزيارة
الجزائر الشقيقة.
في خطوةٍ تؤكدُ أهميةَ العلاقات بين بلدينا، وتهدفُ إلى تعزيزِ تعاونِنا، والتطلعِ معاً إلى عالم
عربي أكثرَ قوة وتضامناً.
إن العلاقاتِ بين لبنانَ والجزائر تاريخية. هي من عمرِ وجودِهما معاً، ومع سواهما من الأخوة العرب، على شاطئ المتوسط. جمعَنا الفينيقيون منذ آلافِ السنين. ويجب أنْ يجمعَنا نظامُ المصلحة
العربية المشتركة لسنين آتية. على قاعدةِ تحقيقِ خيرِ الإنسان في كلِ بلدٍ من بلداننا، وفي منطقتِنا، وفي عالمٍ كاملٍ نريدُ الانفتاحَ عليه والصداقة معه.
سيادة الأخ الرئيس، إن لبنانَ لا ينسى مواقفَ الجزائر الداعمة له دوماً. فهي لم تغبْ مرةً عن المساعي العربية الحميدة، لخروجِه من أزماتِه وإنهاءِ حروبِه المركّبة بين داخلِه والخارج. وكان للجزائر دائماً، دورٌ بارزٌ في تلك المهمة المشكورة. خصوصاً، يومَ شاركت ضمنَ اللجنة العربية العليا، مع كلٍ من البلدين الشقيقين العزيزين، المملكة السعودية والمملكة المغربية، في الجهودِ التي أدّت إلى إقرارِ وثيقةِ الوفاقِ الوطني في مدينةِ الطائف. والتي تحولت دستوراً لانتظامِنا السياسي وسِلمِنا الوطني وانتمائِنا
العربي وسيادتِنا الكاملة.
إنّ استذكارَ تلك
المحطة التاريخية، يزيدُنا إيماناً واقتناعاً، بأن التضامنَ العربي هو ضرورةٌ لقوةِ
لبنان . وهو يصلّبُ وحدتَه، ويحصّنُ سيادتَه واستقلالَه.
والجزائر ساعدت لبنانَ وما زالت، في مجالاتٍ كثيرة. من مواقفِها المؤيدة في مجلسِ الأمنِ والمحافلِ الدولية، إلى تقديمِها كلَّ دعمٍ عند كلِ أزمة. عند كارثةِ انفجارِ مرفأِ
بيروت ، وقبلَها وبعدها، وفي شتى المجالات.
وللجزائر موقفٌ أخويٌ تاريخيٌ مؤازرٌ لرسالةِ لبنان. رسالةُ الحياةِ الوطنية الحرة والكريمة والواحدة، في مناخات السيادةِ والحريةِ والتعدديةِ معاً. فلا نتخلى عن أيٍ من هذه الأقانيم الثلاثة، في تلازمِها لبقاءِ لبنان. وفي الانطلاقِ منها للانفتاحِ على كلِ العرب وكلِ
العالم . هذه هي صورةُ الجزائر عندنا، منذُ كان الأميرعبد القادر الجزائري في بيروت، عنواناً لوأدِ الفتن، والسعيِ إلى وحدةٍ وطنية، لا يحمي لبنانَ سواها، في مواجهةِ العواصف.
أزورُ الجزائرَ
اليوم ، تحدوني آمالٌ كبيرة في إنقاذِ بلدي من المخاطرِ المحيقة. وفي استعادةِ دولتِه، وإعادتِها دولةً كاملةَ الأوصافِ والمواصفات. وأولُها سيادتُها الكاملة وغيرُالمنتَقصة ولا المشترَكة مع أيٍ كان، على كاملِ أرضِها وكلِ شعبِها.
وهذه قضيةٌ لا شك أنّ كلَ عربيٍ صادقٍ يؤيدها. ويدعمُنا في سبيلِ تحقيقِها.
وأولُ مقتضياتِ الدعمِ العربي أنْ تكونَ البلدانُ العربية متضامنةً متآخيةً على الحقِ والخيرِ والسلام.
هكذا نأمل. وبهذا الدافعِ نطمَحُ إلى الدخولِ إلى كلِ بلدٍ عربيٍ شقيق، وإلى كلِ بيتٍ عربي، بالمحبة والأخُوّة. فلا نتدخّلُ في شأنِ أيٍ من أخوتِنا. ولا هم يتدخلون في شؤوننا، إلا بالمؤازرة على خيرِ كلٍ منا، وخيرِ كلِ بلداننا، ضمن مناخاتِ الاحترامِ الكامل والتعاونِ المطلق.
فكلما ارتفعَ منسوبُ التضامنِ العربي، كلما زادت أضعافاً مِنعةُ لبنانَ، وقوتُنا جميعاً.
سيادةَ الرئيسِ الأخِ العزيز،
إن مجالاتِ التعاونِ بين بلدينا كثيرة ومهمة جداً. في مجالاتِ الطاقة وقطاعاتِ الاقتصادِ كافة. من زراعة وتجارة وتربية وتعليمٍ وثقافةٍ وصحةٍ وسياحة وتكنولوجيا وغيرِها.
وخصوصاً في القضية المُلحة اليومَ في لبنان، ألا وهي مساعدتُنا على إعادةِ إعمارِ ما خلّفته الاعتداءاتُ والحروبُ
الأخيرة . على مستوى المنشآتِ الحكومية، والبنى التحتية، وبيوتِ الذين دُمرت منازلُهم. ولا نريدُ للوقتِ الضائع، ولا للخياراتِ الخاطئة، أن تدمرَ آمالَهم في العودة إلى أرضِهم، والبقاءِ فيها كِراماً أعزاء.
مجالاتُ التعاون هذه كلُها، نتطلعُ اليومَ في زيارتِنا، إلى إرساءِ بداياتِها مع مساعدتِكم المقدّرة جداً. فاتحين قلوبَنا وعقولَنا لكل شقيقٍ أو صديقٍ أو قادرٍ على مساعدتِنا ودعمِنا، من المتوسط إلى
الخليج ، وصولاً إلى كلِ الأرضِ من شرقٍ وغرب.
مع طموحِنا الثابتِ والأكيد بتعميمِ نموذجِ التعاونِ والتكاملِ الاقتصاديين، على كلِ البلدان العربية.
بهذا النهج، نحفظُ لدولِنا مكانَها ومكانتَها في عالمِنا المعاصر والمتطورِ بسرعة مذهلة. ونحققُ الحلولَ العادلة لقضايانا المحقة. بدءاً بقضيةِ الشعبِ الفلسطيني، كممرٍ إلزاميٍ لسلامٍ عادلٍ ثابتٍ وشامل. يكونُ سلامَ الشجعان والأسيادِ والأحرار. سلامَ الحياةِ والنموِ والازدهار. وصولاً إلى تجسيدِ أحلامِ أجيالِنا في مستقبلٍ يليقُ بهم، ويتخطى مآسيَ الحاضر.
سيادةَ الأخِ الرئيس، كلُ الشكرِ على الدعوةِ والحفاوة. وكلُ التمنّي المشتركِ حتماً، بزيارةٍ مثمرةٍ للجزائر وللبنان.
عاشت الجزائر
عاش لبنان".