بانتظار الرد الأميركي على ورقة الملاحظات
اللبنانية على ورقة المبعوث الأميركي توم براك الذي سيعود خلال أسبوعين إلى
لبنان حاملاً معه الجواب الأميركي، تملأ الدولة اللبنانية الوقت الضائع بحسم مجموعة من الملفات في
مجلس الوزراء إلى جانب تفعيل عمل مجلس النواب لإقرار مجموعة من القوانين إلى جانب جلسة خاصة لمساءلة الحكومة الثلاثاء المقبل.
ووفق المعلومات فإن الوفد الأميركي المرافق لتوم باراك زار بعبدا الثلاثاء الماضي والتقى فريق عمل رئيس الجمهورية، وطرح مجموعة من الأسئلة المتعلقة بالرد اللبناني، كما عقد الوفد الأميركي اجتماعاً آخر في اليوم نفسه مع مستشار
رئيس مجلس النواب نبيه بري علي حمدان، بهدف تزويد باراك ببعض الاستيضاحات لنقلها إلى الإدارة الأميركية للعودة بأجوبة خلال خمسة عشر يوماً.
وكشفت مصادر بارزة لـ«الأخبار» أن جهات دبلوماسية أوروبية نقلت إلى مسؤولين لبنانيين كلاماً مفاده أن الإدارة الأميركية لم تكن راضية عن كلام برّاك ولا عن المقاربة الهادئة التي اعتمدها في شرح الموقف الأميركي، وبدا ذلك وكأنه تراجعٌ عن الموقف الأول، ولا سيما في ما يتعلّق بحزب الله والحديث عن جناحيْن: سياسي وعسكري، وأن ما كانَ مطلوباً من المبعوث الأميركي تكرار موقف إدارته وتذكير المسؤولين اللبنانيين بما عليهم فعله»، وهذا ما دفع إلى صدور موقف عن
وزارة الخارجية الأميركية، عبّرت فيه المتحدّثة باسم الوزارة، تامي بروس عن موقف أكثر وضوحاً، إذ قالت إن «موقفنا من
حزب الله لم يتغيّر ونحن نعتبر أنه منظّمة إرهابية ولا نفرّق بين جناحه السياسي وجناحه العسكري ولا نريد أن نراه يستعيد قدراته في لبنان».
وفيما استبعدت المصادر حصول تصعيد إسرائيلي في الفترة الفاصلة عن موعد عودة برّاك في 23 تموز الجاري، لفتت إلى أن المبعوث الأميركي في حال عاد، فإن زيارته لن تتّسم بالإيجابية نفسها حيث إنه سمع ملاحظات كثيرة على المواقف التي أطلقها، ومنها حين قال إن «مسألة حزب الله هي شأن لبناني، وعلى اللبنانيين أن يتعاملوا معها»، إذ علّقت الجهات الدبلوماسية على هذا الكلام بالقول: «إذا كان الأمر كذلك لماذا يأتي الأميركيون إلى لبنان»؟ مستغربة ما إذا كانَ ما حصل يعبّر عن «وجهات نظر مختلفة داخل
الولايات المتحدة أم يعود إلى شخصية برّاك ذاته؟».
ونقلت "نداء الوطن" عن أوساط دبلوماسية فحوى الرد الأميركي على جواب المسؤولين اللبنانيين على ورقة الموفد الرئاسي توم براك. وقد تسلم الأخير هذا الجواب خلال زيارته الأخيرة لبيروت. ووفق هذه الأوساط ،"تبين للإدارة الأميركية أن الدولة اللبنانية عاجزة وغير قادرة على أن تبسط سيادتها ولا تريد أن تحتكر السلاح إلا بالتفاهم مع "حزب الله"، في وقت أكد "الحزب" أنه ليس في وارد تسليم سلاحه وأقصى ما يوافق عليه هو تنظيم وضعيته جنوب الليطاني وهو ما لا توافق عليه الولايات المتحدة الأميركية ولا
إسرائيل ، ما يعني أن الأمر خرج من يد اللبنانيين وبات مفتوحًا على شتى الاحتمالات". أضافت: "لم تعد المسألة داخلية بعد رد المسؤولين اللبنانيين. فقد أصبح القرار وللأسف خارج لبنان".
وتابعت الأوساط نفسها: "اعتاد "حزب الله" على أن الموقف الرسمي هو لفظي ليس إلا، ولن يصل إلى الترجمة والتنفيذ، ما جعل "الحزب" يتطبع مع هذا الموقف واعتاد عليه، وهذا أمر خطير للغاية. وقد حان الوقت للانتقال في لبنان من الموقف إلى التنفيذ".
ولفتت إلى أنه "تردد في لبنان أن هناك مقايضة، وأن واشنطن ستحاور "حزب الله" حول دور مستقبلي وهذا غير صحيح. فالولايات المتحدة واضحة في موقفها، والبيان الذي صدر عن الخارجية الأميركية ركز على مسألة أساسية وهي أن لا سلاح لـ "حزب الله" في لبنان. ولو كان بيد "الحزب" ورقة للمقايضة وبيعها، فقد كان ذلك ممكنًا في 6 تشرين الأول 2023، أي قبل أن ينتهي سلاح "الحزب" في حرب الإسناد لاحقًا. وكان قبل تلك الحرب لدى "الحزب" بضاعة ليبيعها لكن ذلك اليوم لم يعد لديه ما يعرضه للبيع".
وخلصت الأوساط إلى القول: "لا مقايضة ولا مفاوضة مع "حزب الله"، وعليه التزام الدستور اللبناني و"اتفاق الطائف" وتسليم سلاحه من دون أي مقابل".
وكانت وزارتا الخارجية والعدل في الولايات المتحدة الأميركية، عقدتا اجتماعاً مع منظّمة «يوروبول» حضره أعضاء فريق تنسيق إنفاذ القانون (LECG) بشأن مكافحة أنشطة حزب الله. شارك في هذا الاجتماع ممثلو أجهزة إنفاذ القانون، والمدّعون العامّون، وخبراء الشؤون المالية من حوالي 30 دولة من
الشرق الأوسط ، وأميركا الجنوبية، وأوروبا، وأفريقيا، وآسيا، وأميركا الشمالية.
شارك أيضاً في هذا الاجتماع مسؤولون من وزارة الخزانة والمركز الوطني الأميركي لمكافحة الإرهاب. وهو فريق أُسّس من قبل الحكومة الأميركية ومنظمة «يوروبول» في عام 2014، وقد وُصف يومها بأنه «منتدى عالمي يهدف إلى تعزيز التنسيق الدولي بين الحكومات في مختلف أنحاء العالم لمكافحة أنشطة حزب الله».
وبحسب بيان صادر عن وزارة الخارجية الأميركية فإن الاجتماع «استعرض قدرات حزب الله العالمية في مجال التخطيط للأعمال الإرهابية والقاتلة، وذلك في ضوء الضربات الكبيرة التي تلقّاها التنظيم خلال العام الماضي». وقال البيان إن المشاركين في الاجتماع «يقدّرون أن حزب الله لا يزال يشكّل تهديداً خطيراً، حيث يتمسّك بالحفاظ على وجوده الخارجي، ولديه القدرة على تنفيذ هجمات دون سابق إنذار، ضد أهداف في مختلف أنحاء العالم».
وبحسب البيان، فإن الاجتماع تطرّق إلى «الوضع المالي المهتزّ لحزب الله، وأنه قد يسعى إلى زيادة أنشطته في جمع الأموال وشراء المعدّات، ولا سيّما في نصف الكرة
الغربي ، وفي أفريقيا، ومناطق أخرى».