في تطور خطير ومتسارع، بلغ التصعيد العسكري بين
إيران وإسرائيل مستوىً غير مسبوق، يتجاوز إطار المواجهات التقليدية والردود المحسوبة. فالساعات الأخيرة حملت مؤشرات واضحة على أن إيران باتت توازن بين توجيه ضربات مؤلمة لإسرائيل وبين تقنين استخدام صواريخها بعناية، في ما يبدو أنه استعداد لمعركة أطول وأوسع قد تشمل مواجهة مباشرة مع
الولايات المتحدة الاميركية.
مصادر مطلعة على التفكير الاستراتيجي
الإيراني تشير إلى أن
طهران بدأت تُدخل في حساباتها احتمال التورط في صراع طويل الأمد مع
واشنطن ، خصوصًا مع تزايد التهديدات الأميركية والتصريحات التي تؤكد اتجاه الولايات المتحدة لاستهداف
ايران . وفي هذا السياق، يبدو أن إيران لم تعد ترى المعركة محصورة بالجبهة
الإسرائيلية فقط، بل باتت تضع القواعد الأميركية المنتشرة في المنطقة ضمن بنك أهدافها المحتمل.
هذه المعطيات تعكس تحوّلًا كبيرًا في طبيعة المواجهة، من حرب رسائل إلى حرب استنزاف طويلة. فإيران تدرك أن أي تدخل أميركي عسكري مباشر سيغير قواعد الاشتباك بالكامل، ما يستدعي منها إعادة توزيع مواردها الصاروخية على جبهات متعددة، وعدم استنزافها بشكل مبكر في المعركة مع
إسرائيل فقط.
في المقابل، تبدو المطالب الأميركية تجاه إيران شديدة التعقيد والارتفاع، لا سيما في ما يتعلق ببرنامجها
النووي ، ونفوذها الإقليمي، ودورها في دعم حلفائها. وهي مطالب تعتبرها طهران تعجيزية ولا يمكن القبول بها من دون التفريط بمكاسب استراتيجية راكمتها طيلة السنوات الماضية.
كل هذه المؤشرات تدل على أن المنطقة تتجه نحو صراع طويل نسبياً، لن تُحسم فصوله بسرعة، خاصة في ظل تمسك كل طرف بخطوطه الحمر، وغياب أي أفق لحل سياسي قريب. معركة قد تتجاوز إسرائيل وتطال كامل البنية الأمنية والعسكرية الأميركية في
الشرق الأوسط ، وهو ما يجعل المرحلة المقبلة شديدة الحساسية والتعقيد.