تحت عنوان "أجوب
لبنان من أجل الحبّ والسلام"، تجوب ذخائر القديسة تريزيا الطفل يسوع ارض لبنان، حاملة معها رسالة الإيمان والمحبة لهذا البلد الذي لم تزل تطوقه الأزمات والحروب.
بعد 23 عامًا على زيارتها الأولى عام 2002، تعود الذخائر إلى الأرض التي عشقتها، متنقلة بين
الشمال والجنوب، ناشرة عطر قداستها في مختلف المناطق
اللبنانية . تبدأ هذه الرحلة الروحية اعتبارًا من 13 حزيران ولغاية 19 تمّوز 2025، وتتضمن برنامجًا حافلًا بالمحطات الدينية واللقاءات الروحية.
زيارة روحية
وفي هذا الإطار، يعتبر عضو اللجنة المنظمة للزيارة الاب ميشال عبود في حديث عبر "لبنان ٢٤" ان زيارة ذخائر القدّيسة تيريزيا الطفل يسوع إلى لبنان تأتي في إطار الاحتفال بالمئوية الأولى لإعلان قداستها، وهي الزيارة الثانية بعد مرور ثلاث وعشرين سنة على زيارتها الأولى التي تركت أثرًا روحيًا عميقًا في قلوب المؤمنين.
وقال: ان هذه الزيارة جاءت بطلب من غبطة أبينا البطريرك
الراعي إلى أبرشية ليزيو وإدارة بازيليك القدّيسة تيريزيا الطفل يسوع، وتمّ التنسيق بشأنها مع الأب أوليفي، النائب الأسقفي لأبرشية بيّو – ليزيو، من خلال السيّد فادي فياض.
واعتبر ان هذه الزيارة هي رسالة حياة تتخطّى الجدران واستجابة لرغبة القدّيسة ذاتها، التي قالت: "سأقضي سمائي في عمل الخير على الأرض." وقال: "هذه الراهبة الكرمليّة المحصّنة، التي لم تغادر ديرها يومًا، أعلنتها الكنيسة شفيعة المرسلين، ومعلمة في الحياة الروحية، رغم أنّها لم تُكمل الصف الخامس الابتدائي.
كانت تيريزيا تحلم أن تكون مرسلة وكاهنًا لتعلن اسم يسوع في أقاصي الأرض. كتبت سيرتها الذاتية "قصة نفس" طاعةً لأوامر رؤسائها، فسطّرت فيها طريقًا صغيرًا يدلّ النفوس إلى حبّ الله. واكتشفت، من خلال ضعفها الشخصي، عظمة الرحمة الإلهية التي تطلب القلب المتواضع المُحبّ أكثر من الأعمال العظيمة."
ولفت الاب عبود الى ان الذخائر علامة حسية للاتحاد بين الأرض والسماء، فذخائر القدّيسين ليست مجرّد بقايا مقدّسة، بل علامات حسية تدلّ على ترابط حقيقي بين كنيسة الأرض وكنيسة السماء. والقدّيس ليس هدفًا بل علامة. كما يقول المثل: "الأصبع يدلّ إلى السماء، والجاهل ينظر إلى الأصبع." والقدّيسون، مثل بولس، يقولون لنا: "اقتدوا بي كما أقتدي أنا بالمسيح."
من خلالهم، نتعلّم أنّ طريق القداسة متاح لكلّ إنسان يحمل الإنجيل، يؤمن بيسوع، ويتغذّى من
القربان . إنهم يذكّروننا بأنّ ملكوت الله حاضر في داخلنا، ونحن مدعوّون لاكتشافه والعيش فيه منذ هذه الأرض."
وعن محطّات الزيارة وبرنامجها الروحي اشار الاب عبود الى ان اللجنة المنظّمة، المؤلّفة من السيّد فادي فياض (المنسّق)، والأب هادي ضو (أمين سر البطريرك)، والأب شارل صوايا، والأب ميشال عبود، بدأت بالتواصل مع الأساقفة من خلال مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك، والرؤساء العامين والراهبات العامّات. وقد وُجّهت دعوة لتسمية مندوبين لتنسيق الزيارة في كلّ أبرشية أو رهبنة، وتمّ إعداد البرنامج الروحي واللوجستي الذي يشمل معظم المناطق اللبنانية وهذه الزيارة هي دعوة إلى الصلاة لا إلى التجمهر، متمنيا على جميع المؤمنين الالتزام بالبرنامج الروحي داخل الكنائس والأديار، وعدم التجمهر على الطرقات. فالغاية من الزيارة ليست الاحتفالات الخارجية بل العودة إلى عمق الروحانية التيريزية: البساطة، الطفولة الروحية، والثقة الكاملة بحبّ الله."
وقال: "ثمار الزيارة الأولى... رجاء متجدّد فقبل 23 سنة، شكّلت زيارة القدّيسة الأولى عرسًا روحيًا للبنان. آلاف المؤمنين توافدوا إلى الكنائس والأديار والطرقات، واختبر كثيرون نعمة الشفاء الداخلي وعودة الإيمان إلى قلوبهم. كانت لحظات نعمة كشفت للكثيرين حبّ الله غير المشروط."
وختم قائلا: "القدّيسون أصدقاء
على الطريق ، فهم لم يمتلكوا ما لا نمتلكه نحن اليوم. كان لهم الإنجيل، القربان، والإيمان بيسوع المسيح... وهو ما بين أيدينا نحن أيضًا. الفارق الوحيد أنّهم فتحوا قلوبهم لهذا الكنز العظيم، ونحن اليوم مدعوّون لأن نفتح قلوبنا على مثالهم. فلنستقبل ذخائر القدّيسة تيريزيا الطفل يسوع بإيمان وفرح عميقين، ولنتركها تقودنا إلى ذاك الذي أحبّنا حتّى الموت: يسوع المسيح، فادينا ومخلّصنا."
برنامج الزيارة
اما عن برنامج الزيارة فيشير لمنسق لجنة التحضير فادي فياض، الى ان الذخائر تصل إلى مطار
رفيق الحريري الدولي صباح الجمعة 13 حزيران، حيث ستُستقبل بقداس ديني حاشد، على أن تكون الزيارة ذات طابع رعوي بعيدًا عن الدعوات الرسمية.
ومن
المطار ، تنتقل الذخائر إلى سهيلة، حيث تحتضنها أول دير في العالم يحمل اسم القديسة تريزيا الطفل يسوع، قبل أن تحلّ في بكركي يوم 15 حزيران، حيث يترأس البطريرك الماروني
مار بشارة بطرس الراعي قداسًا بحضور لفيف من المطارنة، بالتزامن مع ختام السينودس الماروني. يلي ذلك أمسية روحية مع الشبيبة تصدح فيها الترانيم.
في اليوم التالي، تزور الذخائر دير راهبات الكرمل الحبيسات ثم دير الكرمل في غوسطا، حيث تمثال جبل الرحمة الإلهية.
اعتبارًا من 16 حزيران، تبدأ جولة الذخائر في المناطق اللبنانية، بدءًا من كسروان وجبيل والبترون، مع محطات في المدارس قبل نهاية العام الدراسي. وتستمر الزيارة سبعة أيام في الشمال، وأربعة أيام في
البقاع وبعلبك وزحلة، وثلاثة أيام في الشوف، قبل الانتقال إلى الجنوب لمدة أربعة إلى خمسة أيام، متنقلة بين
صيدا وصور ومرجعيون وجزين والمناطق الحدودية.
تحمل زيارة الذخائر إلى الجنوب رسائل محبة وسلام، خاصة بعد الحرب الأخيرة التي ألمّت بالمنطقة. كما تشمل الجولة زيارة القرى الحدودية المتضررة، حيث يستعد أهالي المنطقة بمختلف طوائفهم لاستقبال الذخائر، بالإضافة إلى زيارة مقر اليونيفيل.
وفي ختام الزيارة يوم 19 تمّوز، يشهد لبنان حدثًا استثنائيًا في كنيسة الأيقونة العجائبية في العازارية - الأشرفية، حيث يقام حفل الوداع الرسمي، على أن يُعلن عن تفاصيله لاحقًا.
لبنان على موعد مع الإيمان والرجاء مجددًا، في رحلة تحمل معها نفحات القداسة، وتعيد الأمل لشعب أنهكته الحروب، إذ تجوب ذخائر القديسة تريزيا الطفل يسوع أراضيه للمرة الثانية، بعد أن زارت أكثر من 170 دولة حول العالم.