نشر موقع " الجزيرة نت" تقريراً جديداً كشف فيه تفاصيل ومعلومات عن غياث دلا الذي يعتبر مُدبر أحداث الساحل السوري التي حصلت مؤخراً.
ويقول التقرير إن دلا يعتبر من أبرز القادة العسكريين في جيش النظام السوري السابق، كما أنه قاد اللواء 42 المعروف بـ"قوات الغيث" وانخرط في الحملة العسكرية ضد الثورة
السورية عام 2011، واتهم بارتكاب مجازر وانتهاكات واسعة لحقوق الإنسان، خاصة في داريا ومعضمية الشام، ثم أسّس مليشيا خاصة به بدعم مباشر من
إيران ، وعقب سقوط النظام شكّل تحالفا عسكريا سماه "المجلس العسكري لتحرير
سوريا ".
وولد غياث سليمان دلا في قرية بيت ياشوط التابعة لمدينة جبلة الساحلية في محافظة اللاذقية، وينحدر من عائلة علوية عرفت بولائها المطلق لعائلة ونظام
الأسد .
وبدأ دلا تجربته العسكرية باكراً، والتحق بالفرقة الرابعة التابعة للواء 42 دبابات، الذي كان يقوده ماهر الأسد (شقيق بشار الأسد) حينئذ قبل توليه الفرقة.
ترقى دلا في السلم العسكري حتى عيّن رئيسا لأركان الفرقة الرابعة عام 2004، وعمل إلى جانب ماهر الأسد منفذا سياسته القمعية، خاصة إبان الثورة السورية عام 2011، وعرف حينئذ بلقب "ذراع ماهر الأسد الضاربة" لأسلوبه الوحشي ضد المدنيين.
ومع اندلاع الثورة السورية في آذار 2011، تحوّل غياث دلا إلى أحد أبرز قادة العمليات العسكرية التي شنها النظام ضد الحراك الشعبي.
وشارك إلى جانب الفرقة الرابعة في اقتحام مدن داريا ومعضمية الشام، وهي الهجمات التي أسفرت عن مئات القتلى وآلاف المعتقلين، ووثقت مجازرها منظمات حقوقية.
وحاصرت الفرقة الرابعة -بمشاركة دلا- معضمية الشام في التاسع من أيار 2011، ثم اقتحمتها بالآليات الثقيلة والدبابات ونشرت القناصة على أسطح مبانيها، وقنصت كل من حاول الدخول لها أو الخروج منها.
وارتكب جنود الفرقة مجزرة في معضمية الشام راح ضحيتها أكثر من ألفي مدني، كما قطعوا عن أهلها الطعام والشراب، حتى اضطروا لأكل ورق الشجر، وفقا لمنظمة "هيومن رايتس ووتش".
وأعادت الفرقة حصار المدينة التابعة لريف دمشق مرة أخرى عام 2013، وشنت عليها حملة أقسى وقتلت فيها مئات المدنيين، بينهم 60 سيدة و100 طفل، كما تسببت بإصابة 3 آلاف شخص بعاهات مستديمة.
ولغياث دلا تاريخ حافل بالمجازر ضد المدنيين، إذ شارك إلى جانب فرقته في مجزرة راح فيها 86 مدنيا في 21 آب 2012، وأخرى في داريا الكبرى وقتل فيها أكثر من 700، بينهم عوائل كاملة فيها نساء وأطفال، ومجزرة أخرى قتل فيها 80 مدنيا في تموز 2012.
ولم يسلم حي القابون من تجاوزات الفرقة الرابعة، إذ اقتحمه دلا وعناصر الفرقة في تموز 2011، وطوقوه ونشروا فيه الأسلحة الثقيلة، واعتقلوا منه نحو 1500 مدني، ردا على مشاركة سكانه في مظاهرات طالبت بإسقاط النظام.
وعادت الفرقة لحصار الحي في العام التالي وقصفته بالدبابات ما أسفر عن تهجير 90% من أهل الحي وتجريف أرضه، وقتل في العملية -التي استمرت 5 أيام- 100 مدني واعتقل المئات، كما نهبوا منازل أهلها ودمروا البنية التحتية والصناعية للحي.
وتحت قيادة دلا، حاصرت الفرقة الرابعة منطقة المليحة 40 يوما، وسيطرت عليها في النهاية بعد تدميرها بالكامل.
واستمر دلا وقواته في القتال على الجبهات العسكرية في إدلب حتى الفترة التي سبقت سقوط قوات الأسد، وبعد سقوطها في الثامن من كانون الأول 2024، توارى عن الأنظار.
أحداث الساحل
عاد دلا إلى الساحة مجددا في آذار 2025، معلنا تشكيل وقيادة ما سماه "المجلس العسكري لتحرير سوريا"، وتبنّى هجمات في ريف اللاذقية ، وأعلن أن هدفه "تحرير سوريا من المحتلين" وإسقاط النظام الجديد".
وقالت السلطات السورية الجديدة إن المجلس ما هو إلا غطاء لإعادة نفوذ طهران وموسكو في الساحل، عبر استغلال الفراغ الأمني عقب سقوط نظام الأسد.
وقال مصدر أمني للجزيرة إن المجلس العسكري الذي شكّله دلا بدأ في توسيع نفوذه على الأرض، وأنشأ تحالفات مع قيادات سابقة في جيش الرئيس المخلوع، من بينهم محمد محرز جابر، قائد قوات ما تعرف بـ"صقور الصحراء" سابقا، وياسر رمضان الحجل الذي كان قائدا ميدانيا ضمن مجموعات سهيل الحسن.
وأوضح أن المجلس العسكري بقيادة غياث دلا تلقى دعماً مالياً من "
حزب الله اللبناني" والجماعات
العراقية ، كما حصل على تسهيلات لوجستية من قوات سوريا
الديمقراطية .
ووفق تقرير بثته الجزيرة، فإن التمرد المسلح كان أقرب لمحاولة انقلاب منظم، إذ قسم قائد أركان الفرقة الرابعة في جيش النظام السابق غياث دلا قواته إلى 3 مجموعات هي: "درع الأسد"، و"لواء الجبل"، و"درع الساحل".
وتكبدت القوى الأمنية التابعة للإدارة السورية الجديدة خسائر بشرية كبيرة، تمثلت بمقتل قرابة 250 عنصرا وجنديا في حصيلة غير نهائية مع وجود مفقودين، والعثور على مقابر جماعية تحتوي على عشرات القتلى من القوات التابعة لوزارة الداخلية السورية.
ولمواجهة ذلك، احتاجت
الأجهزة الأمنية والعسكرية إلى عملية مضادة من مرحلتين، تمثلت الأولى باستعادة الأمن في مدن الساحل ذات الكثافة السكانية، لا سيما طرطوس واللاذقية وجبلة وبانياس والقرداحة.
وبعد ذلك قالت
وزارة الدفاع السورية إنها بدأت المرحلة الثانية من العملية العسكرية ضد فلول النظام السابق، وتتمثل في تمشيط القرى الجبلية، وهي المرحلة الأطول نظرا لصعوبة التضاريس. (الجزيرة نت)