آخر الأخبار

سوريا تتحضّر لورشة إعادة الإعمار.. طرابلس منصّة وبابٌ موصد بوجه لبنان

شارك
يمثّل رفع العقوبات الأميركيّة والأوروبيّة عن سوريا فرصة واعدة للبلاد، ونقطة تحوّل في مسار اقتصادها، بعد سنوات من العزلة، حيث تقف دمشق أمام مرحلة اقتصاديّة جديدة، لجهة جذب الاستثمارات والانطلاق بورشة إعادة الإعمار. لبنان البلد الجار الذي عانى من ويلات الحرب السوريّة ولا يزال، سيكون معنيًّا بالحقبة السورية الجديدة، خصوصًا أنّه يمتلك مقوّمات كثيرة تجعل منه منصّة لإعادة الإعمار في سوريا. فهل تتلقف بيروت مفاعيل التقاطع الدولي الإيجابي حيال سوريا، لإشراك لبنان في ورشة النهوض في المنطقة؟
ثلاثيّة طرابلس : مطار ومرفأ ومنصّة للنفط والغاز إلى أوروبا
بحكم الموقع الجغرافي، يمكن أن يلعب الشمال اللبناني، وتحديدًا طرابلس، دورًا محوريًّا في ورشة الإعمار في سوريا، انطلاقًا من إمكانياته اللوجستية، حيث يشكّل مرفأ طرابلس أقصر طريق لاستقدام المواد الأوليّة والبضائع وتأمين الإمدادات إلى الداخل السوري، ويمتاز بعمق مياهه وقدرته الاستيعابيّة، في حين أنّ المرافئ الساحليّة السوريّة غير مؤهّلة، وهناك عائق جغرافي بينها وبين الداخل السوري في التضاريس والجبال.
غرفة التجارة والصناعة في طرابلس، كانت قدّ أعدّت قبل سنوات مشروعًا متكاملاً لدعم الاقتصاد الوطني انطلاقًا من طرابلس الكبرى. رئيس غرفة التجارة والصناعة والزراعة في طرابلس والشمال توفيق دبوسي لفت في حديث لـ " لبنان 24 " إلى أنّ المشروع الذي أُنجز بالتعاون مع اختصاصيين على ضوء دراسات فنيّة وعلميّة، يهدف إلى جعل لبنان محورًا استراتيجيًّا يخدم اقتصادات العالم في شرق المتوسط، وهو حاجة ليس لطربلس فقط بل للمنطقة بأكملها، أي للبنان وسوريا والعراق وشرق المتوسط "يتضمّن المشروع مرفأً محوريًا (hub ports)، يبعد بضعة كيلومترات عن العمق السوري، ومطارًا محوريًّا، لا يشبهان المطارات والموانئ في لبنان وسوريا والعراق، إنّما يحاكيان الموانئ والمطارات في سينغافورة ودبي، كمشاريع متطوّرة ورقميّة تعتمد على الذكاء الاصطناعي، وعلينا أن ننطلق من المكان الذي وصل إليه الآخرون، لا أن نسترجع صورة سابقة تخطّاها الزمن، من هنا المطروح حاليَّا لمطار القليعات لا يجاري الرؤية الإنمائيّة المتطوّرة، بل هو مشروع خجول مقارنة بما يحصل في العالم من استثمارات ذكيّة. كما يتضمن المشروع النموذجي مصفاة محوريّة، فالعراق بحاجة إلى تصدير نفطه، ويمكن للبنان أن يستفيد من حاجة أوروبا إلى النفط والغاز، والأنابيب موجودة عبر سوريا، ومن خلال توقيع اتفاقيّة بهذا الصدد مع العراق ، نعيد للبنان دوره كمنصّة للنفط والغاز، مستفيدين من موقعه الاستراتيجي بين الشرق والغرب، بصرف النظر عما إذا كان لدينا إنتاج نفطي أم لا".
طرابلس مؤهّلة للقيام بدور محوري يلفت دبوسي "موقعها من أغنى المواقع،مرفأ المدينة قادر أن يكون أكبر من الحالي بعشر مرات، ليشكّل مركزًا لخدمات ذكيّة تواكب العصر، ويستوعب البضائع والمواد الأوليّة، فيزيل هذا العبء عن مرفأ بيروت وواجهة العاصمة البحريّة، ومن شأن ذلك توفير التكلفة وتفادي مرور الشاحنات من بيروت وصولًا إلى المناطق. إضافة إلى المرفأ هناك مطار القليعات ومعرض رشيد كرامي الدولي والمصفاة، وكل هذه المقوّمات تجعل من لبنان منصّة بحريّة وبريّة لنقل البضائع من الدول المنتجة وعلى رأسها الصين إلى الغرب. وبذلك يشكّل لبنان جسرًا يخدم اقتصادات العالم على المستوى المنطقة".
دبوسي: لا استثمارات قبل تسليم السلاح وهذا ما سمعته من مستثمرين أوروبيين وعرب
اعتماد لبنان كمنطلق لإعمار سوريا لا يرتبط فقط بموقعه الجغرافي وبناه التحتيّة، بل يتعدّاه إلى واقعه السياسي، فالكل بات مدركًا، أنّ الولايات المتحدة الأميركيّة وباقي مكونات المجتمع الدولي لن يفتحوا الأبواب الموصودة بوجه بيروت، ما لم يتمّ تنفيذ الاتفاقيّات الدوليّة، وفي مقدّمها معالجة قضية السلاح خارج الدولة، سواء أكان سلاح حزب الله أم السلاح الفلسطيني، يلفت دبوسي "شاركت مؤخرًا في منتدى عربي- ألماني في برلين، ولمست حماسة الشركات الأوروبيّة والعربيّة للقيام باستثمارات في لبنان، ولكن لسان حالهم أنهم لا ينوون المغامرة أو تحمّل مخاطر القيام بأيّ استثمار في ظل الوضع الأمني الحالي. هذا الكلام نسمعه من ممثلي الدول والشركات، وهو يعكس الواقع الحالي من دون شعبويّة. فعلى رغم ما يمتلك البلد من مؤهّلات بشريّة وطبيعيّة، لم يحاك بعد الصيغة التي ترضي المجتمع الدولي، واللبنانيين المرتبطين بالوطن، وليس بأجندات أخرى تتجاوز حجم لبنان ودوره كرسالة. أمّا في حال ذهبنا باتجاه تنفيذ التفاهمات والاتفاقيّات، بطبيعة الحال سيلعب لبنان دوره كأهم منصّة لخدمة اقتصاد شرق المتوسط، وكونه الأقرب إلى سوريا سيلعب دورًا محوريًا في إعادة إعمار سوريا والمنطقة، خصوصًا أنّ اللبنانيين يمثلّون قصة نجاح، بدليل التواجد اللبناني الفاعل في أعظم الشركات العالميّة، ولن لا نعرف قيمة أنفسنا وقيمة موقعنا وقدراتنا البشريّة في العلم والمعرفة والتطور، وهناك فجوة بين إدارة البلد وطموح ومواقع اللبنانيين".
ذبيان: تنافس دولي على الاستثمار في سوريا
بدا لافتًا قيام شركة موانئ دبي العالميّة بتوقيع مذكرة مع سوريا، لتطوير وإدارة وتشغيل محطّة متعدّدة الأغراض في ميناء طرطوس "بما يسهم في رفع كفاءة الميناء وزيادة طاقته التشغيليّة، ويعزّز من دوره كمركز محوري لحركة التجارة الإقليميّة والدوليّة". بعد رفع العقوبات ستشهد الجغرافيا السوريّة منافسة دولية على الاستثمارات، وفق مقاربة الخبير الاقتصادي كمال ذبيان في اتصال مع "لبنان 24"، لافتًا إلى أنّ ترامب بذهنيته الاقتصاديّة التجاريّة سيحاول الاستفراد بالاستثمارات، وكذلك سيقدم الأوروبيون على الاستثمار مستفيدين من تراجع الدور الروسي. ولكن عملية إعادة الأعمار تتوقف على الجهات الممولة وعلى تحقيق الاستقرار ووحدة الارض السوريّة، حيث لا زالت التجاذبات قائمة في حلب وقسد وغيرهما.
بالمحصّلة، لبنان أمام مفترق تاريخي، في توقيت إقليمي ودولي، يُرسم خلاله مسار المنطقة بأكملها، وبقاء لبنان خارج تلك المعادلة سيزيد من عزلته وأزمته،ويحرمه من فرص النهوض الاقتصادي وإعادة إعمار ما هدّمته حرب تشرين. وأمام هذا الواقع، تتزايد التساؤلات حول مدى استعداد لبنان لتلقف هذه الفرصة الجيوسياسيّة والاقتصاديّة. فالبلد الذي أنهكته الأزمات المتتالية، يمتلك من المؤهلات ما يضعه على خارطة المشاريع الإقليمية الكبرى، لكنه في المقابل، يفتقر إلى الاستقرار السياسي والأمني الضروري لجذب الاستثمارات.
لبنان ٢٤ المصدر: لبنان ٢٤
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا