"الإنتخابات لا تعنينا".. بهذه الكلمات نطق البيروتيّ علي شاتيلا مُتحدثاً عن الإستحقاق البلديّ الذي شهدتهُ العاصمة بيروت ، أمس الأحد، والذي أسفر عن تقدّم شاسع وواسع للائحة "بيروت بتجمعنا" التي تضمُّ أحزاباً سياسية عديدة من بينها " القوات اللبنانية " و " حزب الله ".
ما قالهُ شاتيلا عبر
" لبنان24 " هو لسان حال صديقه محمد اللبان، وهما يقطنان في بلدة جدرا ساحل
الشوف التي تبعدُ عن بيروت قرابة الـ30 كلم. "لماذا لم تذهبوا إلى الإنتخابات؟".. يُجيب شاتيلا قائلاً: "شو رح استفيد.. ما أنا بعيد، وبيروت مش لالنا.. انتخبنا أو ما انتخبنا، شو رح يطلعلي؟".
المنطقُ ذاته قالهُ
عيتاني أيضاً، لكنه تطرّق إلى أمور مهمة قائلاً: "ما من لائحة تُمثلنا.. هناك 6 لوائح لكن كل طرفٍ يمثل نفسه ولا يمثل غالبية
البيارتة .. من هي اللائحة التي تُمثل فقراء بيروت؟ من هي اللائحة التي تُعبر عن نسيج العاصمة المتنوع؟ ما يظهر هو أن كل لائحة تحاول تصوير نفسها على أنها تختزل بيروت، بينما الحقيقة عكس ذلك.. اللوائح الوحيدة التي كانت تمثل كافة شرائح العاصمة هي تلك التي كان يُشكلها الرئيس
الشهيد رفيق الحريري ".
خلال الجلسة، يرنُّ هاتف شاتيلا حيث اتصلت به ماكينة انتخابية تابعة لأحد الأحزاب.. كانت الساعة تُشير إلى نحو السادسة مساءً، فيما كانت نسبة الإقتراع في بيروت نحو 18.5%. هنا، يرفعُ شاتيلا رأسه ويقول: "عم بدقلونا بآخر ساعة.. بدن يانا نكون ورقة بإيدن ليربحو".. أصدقاؤه طلبوا منه الإجابة، فحصل الأمر.. المُتصل يقول: "مرحبا.. أستاذ علي.. معك ماكينة انتخابية.. أنت ما صوتت بعد؟ اذا بدك تصوت قلنا لنزبط الوضع عالسريع".. هنا، يجيبُ شاتيلاً بالقول: "
بيتي بعيد وما رحت صوتت وما قادر".. تنتهي المُكالمة.
ما حصل يكشف أن الكثير من "البيارتة" القاطنين خارج العاصمة لم تحفزهم الإنتخابات أو تدفعهم لخوضها والمُشاركة فيها، ذلك أنّ هذه المسألة قد لا تعنيهم طالما أنهم يقطنون في مناطق بعيدة ولا يعتبرون انهم معنيون بما تشهده بيروت من تنافسات.
ولكن.. ماذا عن "تحالف" حزب الله وحركة أمل من جهة والقوات
اللبنانية من جهة أخرى في "إنتخابات بيروت"؟ المسألة هذه لا يُنظر إليه بشكلٍ هامشي، بل هي أساسية ويجب الوقوف عندها.
لم يستطع أيّ طرف إقناع "المحايدين" بمسألة "التحالف". أحد المناصرين لـ"حزب الله" قال لـ"لبنان24" إن التحالف السياسي حصل، وما تقوله القيادة نسيرُ به حتى لو دفعنا الأمر للتحالف مع "الدبان الأزرق".. نحنُ رهن القيادة.
من جهته ، يقول مناصر آخر: "من قال إننا التزمنا بالتصويت لمرشحي القوات؟ صوّتنا للائحة من أجل ضمان فوز الحزب وليس من أجل فوز القوات".
من ناحيته، يقولُ أحد الأشخاص المؤيدين لـ"القوات اللبنانية" في بيروت: "كل منطقة لها خصوصيتها.. بيروت ستكون عنواناً أساسياً للوصول إلى مرحلة جديدة أساسها طرح قانون انتخابي جديد يُساهم فيه الجميع.. التحالف كان ضرورياً من أجل تحقيق المناصفة، وإن لم يتحقق ذلك، عندها كنا سنشهد على مشكلة رئيسية سيطول عمرها 6 سنوات".
ما هو سبب انخفاض نسبة الإقتراع؟
المقارنة الإنتخابية بين العامين 2016 والـ2025 تُظهر أنَّ نسبة الاقتراع هذه السنة جاءت أعلى تقريباً بـ1%، وبلغت تقريباً 21% مقابل 20% خلال عام 2016.. لكن، في المقابل، فان لائحة تحالف الأحزاب هي التي استحوذت على كافة المقاعد الفائزة حتى وإن كانت نسبة الإقتراع منخفضة.
يقولُ مصدر إحصائي معني بالماكينات الإنتخابية لـ"لبنان24" إنَّه كلما ارتفعت نسبة الإقتراع كلما زاد الخرق، لكن ما حصل هو العكس، فنسبة الإقتراع ظلت منخفضة ومن عمل على تأمينها هي الماكينات الحزبية.
وذكر أن اللوائح المُضادة للائحة الأحزاب "لم تنشط على صعيد الماكينات
الانتخابية "، لكن في المقابل، كانت الأحزاب تعملُ على هذا الصعيد وخاضت الإنتخابات على أساسها وحفزت جمهورها استناداً لتكريس قوة "البلوكات الحزبية" التي جيّرت الأصوات لصالح "بيروت بتجمعنا" التي تمثل ائتلاف الأحزاب.
الأساس أيضاً، وفق المصدر، هو أنَّ الخطاب العام للوائح المضادة لم يكن مؤثراً في نفوس سكان بيروت والبيارتة الذين يقطنون خارجها لدفعهم نحو الاقتراع ضد لائحة الأحزاب، وهنا يكمنُ الخلل في التوجه من جهة، وفي الشخصيات التي تُقنع الناخب من جهة أخرى، ويضيف: "كثيرون لا يقتعنون بجماعات
المجتمع المدني ، ولهذا السبب لم يصوتوا للائحة التي يدعمونها.. أيضاً هناك لوائح لم يكن لها أي وجود انتخابي على الأرض.. فكيف ذلك؟ التجييش كان فقط على مواقع التواصل الإجتماعي وهذا لا يكفي، بينما مختلف اللوائح لم تجمع ما تريده بيروت، ما أدى إلى خسارتها في وجه الائتلاف الحزبي العريض".