مع اقتراب زيارة الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى
بيروت في 21 من الشهر الجاري، وعلى جدول أعماله «ملف السلاح الفلسطيني»، تترقّب الأطراف
الفلسطينية وحتى
اللبنانية انعكاسات هذه الزيارة على
لبنان ووضع
الفلسطينيين .
وكتبت" الاخبار": كشفت مصادر مطّلعة على مداولات مجلس الدفاع، أن {الآراء انقسمت بين القيادة السياسية والأمنية، وأن البعض رفع سقفه عالياً جداً بشكل دفع قادة الأجهزة إلى تدارك الوضع والتشديد على ضرورة مراعاة الوضع اللبناني».
ونقلت المصادر أنه «فيما بدأ رئيس الجمهورية جوزيف عون كلامه بالتأكيد أن لبنان يؤيّد القضية الفلسطينية، لكنه دفعَ ضريبة كبيرة ولا يُمكن أن يستمر في دفع الأثمان، شارحاً عن التنسيق الذي يجري مع
حماس وما الذي تعاونت به والذي لا يزال عالقاً»، طالب
وزير الخارجية يوسف رجي بـ«إقفال مكاتب حركة حماس واتخاذ موقف متشدّد في ما يتعلق بإنهاء موضوع السلاح»، مدّعياً بأن «هذا ما تريده السلطة الفلسطينية».
لكن عون ومعه رئيس الحكومة نواف سلام، طالبا بانتظار مجيء عباس ومعرفة ما الذي سيحمله معه، ثم أضاف سلام أنه {يجب إصدار بيان شديد اللهجة يصنّف حماس كعصبة
الأنصار وجند الشام}، واعتبر أن {الظرف الآن مؤاتٍ لتطويقها}، وهو ما ما أيّده وزيرا الخارجية والعدل، وبنسبة أقل
وزير الداخلية أحمد
الحجار الذي طرحَ أسئلة حول تأثير أي قرار تصعيدي ضد حماس على مسار الانتخابات البلدية والاختيارية (التي ستبدأ)، فكان لوزير المالية ياسين جابر رأي أكّد فيه ضرورة معالجة الملف بهدوء وتجنّب الصدام كي لا تنتج عن التصعيد غير المدروس تداعيات تؤثّر على الوضع المالي والموسم السياحي في البلد، خصوصاً أن لبنان مقبل على صيف واعد.
وكان لافتاً أن رؤساء
الأجهزة الأمنية تقاطعوا معاً عند موقف داعٍ إلى تجنب الصدام، وطالبوا بخطوات عملية تفي بالغرض من دون دفع الطرف الآخر إلى الانفجار، وكانوا مع التدقيق على عمل حماس وحركة قيادييها من دون الذهاب إلى خطوات استفزازية في الوقت الحالي. واعتبرت الأجهزة الأمنية ولا سيما
قائد الجيش رودولف هيكل أن اقتراح سلام في ما يتعلق بوضع حماس في خانة جند الشام وعصبة الأنصار سيؤدي إلى نتائج غير محمودة، علماً أنه توجد هناك وسائل ضغط أخرى يُمكن القيام بها لمنعها من المس بالأمن القومي، ويكون الضغط بشكل تدريجي، وهو ما اعترض عليه وزير الخارجية بشدّة مصراً على موقفه.
وتداركاً لأي انقسام واحتقان داخل الجلسة بين الأجهزة والوزراء حاول رئيس الجمهورية استيعاب الجو والموازنة بينَ الرأيين، ما أدى إلى البيان الذي صدر، وهو بيان تفهّمته حماس لاحقاً، لعلمها بوجود مخطط كبير لاستهدافها.
لكن هذا التدارك لم ينه حالة الترقب الحذر من زيارة عباس المقبلة التي يُمكن أن تُستغّل لصالح الخيار التصعيدي، حيث يمكن أن تقوم بعض الجهات بالتلطّي خلف الرئيس الفلسطيني للذهاب بعيداً بالاقتصاص من «حماس».
وكانت قضية «حماس» قد أخذت بعداً مختلفاً، بعد إعلان الأجهزة الأمنية أنها اكتشفت أن مطلقي الصواريخ على شمال
فلسطين المحتلة هم أفراد من حماس. وقد أعدّت مديرية المخابرات في الجيش لائحة بعدد غير قليل من اللبنانيين والفلسطينيين الذين يعملون مع حماس، وصودف أن بينهم من تقول الأجهزة الأمنية، بأنهم ساعدوا
كتائب القسام – فرع لبنان خلال حرب الإسناد.
وعندما انطلقت الاتصالات، بادرت حركة حماس إلى التواصل مع الجهات المعنية في الدولة. لكنها فشلت في تأمين تواصل جدّي مع رئاسة الجمهورية كما لم تعط رئاسة الحكومة أي إشارة إلى استعداد للتواصل مع الحركة.
فكان القرار بالتوجه إلى الرئيس
نبيه بري ، الذي تلقّى اتصالاً هاتفياً من رئيس إقليم الخارج في الحركة خالد مشعل، والذي حرص على التأكيد بأن الحركة ملتزمة باتفاق وقف إطلاق النار، وأنها تنسّق موقفها هذا مع
حزب الله ومع جميع الجهات اللبنانية، وهي ليست في وارد التخريب على ما تقوم به الدولة. وطالب مشعل رئيس المجلس بالتدخل لعدم دفع الأمور إلى مربعات سيئة.
وبعدما تبيّن لقيادة حماس، أن بعض المشاركين في إطلاق الصواريخ هم أعضاء فيها، عادت قيادتها لتؤكد للرئيس
بري ولقوى وشخصيات أخرى، بأن هؤلاء قاموا بالعمل بصورة منفردة، وأن قيادة الحركة لا توافق على ما قاموا به، وأنها مستعدة لتسليم المطلوبين للجهات الأمنية الرسمية. وبدأت اتصالات للحصول على ضمانات بعدم تعريض الموقوفين لشروط توقيف قاسية، وعدم مناقشتهم بأمور تتجاوز حادثة إطلاق الصواريخ.
وهو ما جرى الاتفاق عليه لاحقاً، عندما عُقد الاجتماع بين
المدير العام للأمن العام اللواء حسن شقير ومدير المخابرات العميد طوني قهوجي مع ممثل حركة حماس في لبنان الدكتور أحمد عبد الهادي. وقد التزم الأخير بخطة تنسيق يجري خلالها تسليم المطلوبين واحداً تلو الآخر.