آخر الأخبار

الانتخابات البلدية في موعدها.. ماذا عن معركة بيروت؟!

شارك
لم تقدّم الجلسة التشريعية التي عقدت في مجلس النواب "الإجابة الحاسمة" التي كانت منتظرة بشأن واقع الانتخابات البلدية والاختيارية، التي يفترض أن تنطلق في جولتها الأولى في محافظة جبل لبنان ، خلال أقلّ من عشرة أيام، فهي لم تفضِ لإقرار أيّ من اقتراحات القوانين المدرجة على جدول الأعمال، ليعلن رئيس مجلس النواب نبيه بري تحويل النقاش إلى لجنة مختصّة بمهلة قصيرة، وذلك بعد مداخلاتٍ نيابية أخذت طابعًا طائفيًا ومذهبيًا.

لعلّ "الثابتة" الوحيدة التي خلصت إليها الجلسة، هي أنّها "أسقطت" بند تأجيل الانتخابات البلدية بالمُطلَق، الذي بقي "شبحه" مخيّمًا على الأوساط السياسية، حتى مع تأكيد معظم الأحزاب والقوى السياسية أنّ التأجيل غير مطروح، منذ تقدّم النائبان مارك ضو ووضاح الصادق باقتراحهما الشهير لإرجاء الاستحقاق حتى تشرين الأول المقبل، فتأكّد بنتيجة الجلسة أنّ الانتخابات "في موعدها"، خصوصًا أنّ النقاش أرجئ لما بعد تجاوز "جولتها الأولى".

مع ذلك، فإنّ الشكّ بقي محيطًا بواقع انتخابات بلدية بيروت ، التي يبدو أنّ "الضبابية" ستبقى مهيمنة على خطّها حتى أجَلٍ غير مسمّى، في ظلّ التباين في وجهات النظر حول اعتماد اللوائح المقفلة فيها، لضمان المناصفة بين المسلمين والمسيحيين في المجلس البلدي المُنتخَب، مع رفع بعض النواب للسقف، عبر المطالبة بتوسيع صلاحيات البلدية على حساب المحافظ المعيَّن، ليبقى السؤال المفتوح على مصراعيْه: هل تؤجَّل انتخابات بلدية بيروت حصرًا؟!

"إشكاليّة" انتخابات بيروت

لم يعد خافيًا على أحد أنّ التقاطع بين مختلف الكتل النيابية على ضرورة إجراء الانتخابات البلدية في موعدها، بعد ثلاث سنوات من التأجيل المستمر، أضحت معه الكثير من البلديات إما عاجزة أو مشلولة، يصطدم بـ"انقسام" على مستوى التعامل مع انتخابات بلدية بيروت، التي يبدو أنّها تثير "حساسية استثنائية"، تتداخل فيها الأبعاد والعوامل، بين "خصوصية" العاصمة ورمزيّتها لكل اللبنانيين، وبين صيغة العيش المشترك "المهدّدة" بالقانون الحالي.

وليس سرًا أنّ الجدل حول انتخابات بلدية بيروت وصل إلى ذروته بعد إعلان رئيس تيار " المستقبل " سعد الحريري مقاطعته للاستحقاق، تأييدًا وترشيحًا، وانتقاده القانون الذي يفرغ المجلس البلدي من صلاحيّاته، وهو ما أثار "نقزة" لدى كثيرين، باعتبار أنّ تيار "المستقبل" لطالما كان منذ أيام الرئيس الشهيد رفيق الحريري ، هو "الضامن" لصيغة المناصفة في بلدية بيروت، بغياب أيّ نصّ قانونيّ يضمن الوصول إلى مجلس بلدي يتمثّل فيه الجميع.

من هنا، احتدمت النقاشات في مجلس النواب، وقبله في الأوساط السياسية على مدى الأيام الأخيرة، حول وجوب تعديل القانون بما يفرض هذه المناصفة، إما على طريقة اعتماد "اللوائح المقفلة" في بلدية بيروت، بحيث تنجح اللائحة كاملة ، كما هي، وإما على طريقة وضع "معايير طائفية" تشبه تلك المعتمدة في الانتخابات النيابية، وسط دعوات من قبل بعض النواب لتأجيل الانتخابات في بيروت، ريثما يتمّ إقرار التعديلات المطلوبة "بهدوء ورويّة".

هل تكون "اللوائح المقفلة" الحلّ؟

وبانتظار أن يُحسَم الجدل حول الانتخابات البلدية في بيروت، بعد تحويل اقتراحات القوانين المتعلقة بها إلى لجنة متخصّصة، يبدو أنّ النقاش سيستمرّ حول "جدوى" الأفكار المطروحة، وما إذا كان يمكن السير بها فعلاً، وما إذا كانت تؤمّن المصلحة الوطنية والتوازن فعلاً، علمًا أنّ هناك من يتحدّث عن "محاذير قانونية" لا بدّ من دراستها أيضًا بعمق، وأخذها بالاعتبار قبل إقرار أيّ قانون، حتى لا يكون عرضة للطعن والإبطال، بما يؤثّر على الانتخابات ككلّ.

فعلى مستوى الفكرة ككلّ، ثمّة بين خبراء القانون والدستور من يحذّر من أنّ "تفصيل" التعديل القانوني على قياس بلديّة واحدة، ولو كانت بلديّة العاصمة، سيعرّضه للطعن، علمًا أنّ هناك بعض الاجتهادات التي تشير إلى إمكانية الاتفاق على "معايير" تبرّر التعديل، من دون أن تكون حكرًا على بيروت، كأن يشمل مثل هذا التعديل مثلاً البلديات الخاصة بالمدن الكبرى، أو التي يزيد أعضاء مجالسها البلدية عن عدد محدّد، ما قد يشرّعه قانونًا.

لكن في مقابل هذا النقاش "القانوني" حول "شرعية" أيّ تعديل محتمل على القانون، ثمّة نقاش "انتخابي" مطروح، من البوابة "الإصلاحية"، باعتبار أنّ فكرة "اللوائح المقفلة" لا تبدو محبَّذة بالنسبة للخبراء الانتخابيين، بل إنّ بعضهم يشير إلى أنّ اعتماد لوائح مقفلة في ظلّ نظام أكثريّ، قد لا يكون "بدعة" فحسب، بل يمكن أن يشكّل "سابقة" في تاريخ الانتخابات في العالم كلّه، ولا سيما أنّه يلغي المنافسة، ويصادر حرية الناخب بالاختيار بكلّ بساطة.

بين هذا الرأي وذاك، يبقى الثابت أنّ "الضبابية" التي أحاطت باستحقاق الانتخابات البلدية والاختيارية منذ ما قبل تحديد وزير الداخلية والبلديات لتواريخه، سيستمرّ حتى ما بعد انطلاقه فعلاً يوم الأحد 4 أيار المقبل، علمًا أنّ هناك من يرى أنّ مثل هذا "الضياع" لا يُعَد ظاهرة غير صحية فحسب، بل يؤثّر في مكانٍ ما على "ديمقراطية" الانتخابات، وهو ما يتجلى حتى الآن في "برودة" تكاد تكون غير مسبوقة في التعامل مع الاستحقاق!
لبنان ٢٤ المصدر: لبنان ٢٤
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا