في مشهد لم يألفه السوق العالمي منذ سنوات، وصل الذهب إلى رقمه القياسي وسط جنون الأسعار الذي يلفّ العالم. فمن متاجر الصاغة في بيروت إلى مكاتب التداول في نيويورك ، ارتفعت الأنظار إلى المعدن الأصفر كملاذ آمن يزداد بريقه كلما اشتدت العواصف الاقتصادية والسياسية.
فما سبب هذا الارتفاع الحقيقي؟
الخبير الاقتصادي ،
علاء زهر الدين، قال لـ"
لبنان24 " أنّه خلال السنوات الأخيرة، لعبت البنوك المركزية دور البطولة في دعم الطلب على الذهب، عبر
زيادة احتياطاتها بوتيرة لافتة. وبحسب تقديرات الخبراء، فإن هذا التوجّه لن يتباطأ قريبًا، في ظل رغبة العديد من الدول بفك الارتباط التدريجي عن الدولار الأميركي، والتأسيس لسياسات نقدية أكثر استقلالية.
أضاف:" ويزداد المشهد تعقيدًا مع قرب انتهاء فترة الإعفاء المؤقت التي فرضها
البيت الأبيض على بعض الرسوم الجمركية، ما يُنذر بتجدد التوترات التجارية ورفع مستوى الغموض في
الأسواق العالمية . هذا المناخ المتقلّب ترافقه مؤشرات مقلقة عن احتمال ركود اقتصادي في
الولايات المتحدة ، بنسبة بلغت 45% ، وهذا ما جعل
المستثمرين يلجأون للذهب كخط دفاع أول ضد تقلّبات السوق وفقدان الثقة.
تابع:" وفي ظل استمرار معدّلات التضخم التي تنهش العملات الورقية، تتّجه الأنظار إلى الذهب كأداة للحفاظ على القوة الشرائية، خصوصًا في ظل تراجع قيمة الدولار الأميركي، مما يعزّز
جاذبية المعدن الأصفر كتحوّط كلاسيكي ضد تقلبات أسعار
السلع والنقد".
لكن الصورة ليست موحّدة في كل مكان. في
لبنان ، حيث تتداخل الأزمات الاقتصادية والسياسية مع
يوميات المواطن، بدأت تظهر تحركات مغايرة في سوق الذهب. فقد لجأ عدد من التجار خلال الأيام القليلة الماضية إلى التوقف مؤقتًا عن شراء الذهب، في خطوة وُصفت بأنها "احترازية"، ريثما تتضح الرؤية المستقبلية للأسعار.
ويبدو أن هؤلاء التجار باتوا يتخذون قرارات استباقية، خشية الوقوع في فخ شراء الذهب بأسعار مرتفعة يصعب تصريفها لاحقًا، خاصة مع غياب الاستقرار النقدي.