آخر الأخبار

اختبار للحكومة والعهد.. هل يمرّ تعيين حاكم مصرف لبنان بسلاسة؟!

شارك
قبل أسابيع، وفي جلستها "العمليّة" الأولى، كان يفترض أن تعيّن الحكومة حاكمًا لمصرف لبنان، بالتوازي مع التعيينات الأمنية والعسكرية، باعتبار أنّ المركز "شاغر" منذ أشهر طويلة، ولو أنّ نائب الحاكم وسيم منصوري نجح في تجاوز "القطوع"، وحافظ على استقرار "اقتصادي"، ومنع أيّ "اهتزاز" في العملة الوطنية ، على الرغم من الظروف الصعبة التي مرّت على البلد خلال الأشهر الأخيرة، خصوصًا مع الحرب الإسرائيلية المشؤومة.

لكن وفق مبدأ أنّ الرياح لا تجري دومًا كما تشتهي السفن، "طار" بند تعيين حاكم المصرف المركزي، على وقع ما وُصِف بـ"التباين" في وجهات النظر بين رئيس الجمهورية جوزاف عون، ورئيس الحكومة نواف سلام، علمًا أنّ بعض التسريبات الصحفية أفادت حينها بأنّ أحد المرشحين "تبلّغ رسميًا" باختياره للمنصب، قبل أن تتحدّث تسريبات "مضادة" عن استبعاده من "معركة الحاكمية"، لمصلحة مرشحين آخرين، رفض أحدهم التداول باسمه أساسًا.

لكن، خلال الساعات الماضية، عادت لغة "التسريبات" لتتصدّر المشهد مرّة أخرى، وترفع "أسهم" المرشح نفسه، بوصفه "الأوفر حظًا"، باعتبار أنّه يحظى بدعم كلّ من رئيس الجمهورية جوزاف عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري ، حتى إنّ قائمة المرشحين التي قيل إنّ وزير المال ياسين جابر رفعها إلى مجلس الوزراء لم تضمّ الأسماء التي وُضِعت في مواجهته، ما يطرح السؤال : هل يمرّ التعيين بسلاسة في جلسة الخميس، أم يرحَّل مرّة أخرى؟!

أهمية تعيين "الحاكم"

في المبدأ، ليس سرًا أنّ تعيين حاكم لمصرف لبنان المركزي يُعَدّ "اختبارًا جدّيًا" للحكومة، وللعهد معها، أولاً بالنظر إلى أهمية هذا المركز الذي يُعتبَر أكثر من "حسّاس" للعديد من الاعتبارات والحسابات، فهو ليس مجرّد مركز شاغر كغيره من المراكز، يمكن أن يخضع لآلية التعيينات مثلاً، وينتهي الأمر، بل هو يحمل "رمزية" كبيرة، بعد الانهيار الاقتصادي والمالي، الذي تسبّبت به السياسات الاقتصادية السابقة، التي "أوهمت" اللبنانيين باستقرار الليرة.

وترتبط أهمية تعيين حاكم المصرف المركزي أيضًا بالإصلاحات الاقتصادية والمالية المُنتظرة في المرحلة المقبلة، خصوصًا أنّ الرجل سيكون الطرف الأساسي في التعامل مع صندوق النقد الدولي، فضلاً عن كونه سيحمل على عاتقه مسؤولية بلورة السياسات الاقتصادية، وصولاً إلى تحقيق الاستقرار الماليّ ومعالجة الخلل الناتج عن الإرث "الثقيل" الذي تركه الحاكم السابق رياض سلامة، من دون أن ننسى قضية "الودائع" التي تهمّ المواطنين بالدرجة الأولى.

وبهذا المعنى، يشكّل تعيين حاكم المصرف المركزي "اختبارًا جدّيًا" لحكومة أطلقت على نفسها وصف "الإصلاح والإنقاذ"، وهما صفتان تنطبقان على هذا الاستحقاق أكثر ممّا تنطبقان على أيّ استحقاق آخر، باعتبار أنّ هذا التعيين يشكّل "مدخلاً حقيقيًا" لكلّ مسار الإصلاح والإنقاذ، وهو ما يفسّر أساسًا اهتمام المجتمع الدولي بإتمام هذا التعيين، والذي وصل لدرجة الحديث عن أنّ دولاً تتدخّل بشكل مباشر بالعملية، بل لها "كلمة فصل" بالأسماء المطروحة.

توافق.. أم "كباش"؟!

استنادًا إلى ما تقدّم، يتّضح أنّ تعيين حاكم جديد لمصرف لبنان يشكّل بحدّ ذاته اختبارًا لحكومة "الإصلاح والإنقاذ"، إذ إنّ هذا التعيين من شأنه تأكيد "جدّيتها" في اختيار الرجل المناسب في المكان المناسب، أو وقوعها في فخّ "المحسوبيّات" على حساب "الكفاءة"، لكنّ "التحدّي" الذي تجد الحكومة نفسها أمامه لا يتعلق فقط باسم "الحاكم"، بل بصورة "التضامن" بين الحكومة والعهد، في ظلّ المؤشرات التي توحي بوجود "كباش ما" في هذا السياق.

من هنا، تتّجه الأنظار إلى جلسة الخميس، في ظلّ التداول بأكثر من "سيناريو"، من بينها أن يمرّ التعيين بسلاسة، وبتوافق "ضمني" بين مختلف الأفرقاء، خصوصًا بعد الحديث عن "اتفاق" بين رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب، ما يستدعي من رئيس الحكومة، إما الانضمام إلى هذا التوافق بصورة أو بأخرى، ولو فُسّر ذلك تراجعًا في موقفه، يمكن أن يبرّره بدواعي "التضامن"، وإما "التحفّظ" على التعيين، ما يمكن أن يترك انطباعًا سلبيًا.

وضمن السيناريوهات المطروحة في هذا الإطار، يُحكى أيضًا عن إمكانية إحالة الأمر إلى "تصويت" الوزراء على التعيين، حتى إنّ بعض الأوساط السياسية بدأت ما يمكن وصفه بـ"البوانتاج"، لتقدير اتجاهات الوزراء، علمًا أنّ بعضهم يقول إنّه لم يحسم موقفه، بانتظار نضوج الصورة في الساعات الفاصلة عن الجلسة، ولو أنّ مثل هذا التصويت قد يترك هو الآخر انطباعًا غير إيجابي مع بداية "العهد"، حتى لو شكّل "ظاهرة ديمقراطية وصحية".

يبقى سيناريو أخير يتحدّث عنه بعض العارفين، ويقوم على "ترحيل" تعيين حاكم المصرف المركزيّ، مرّة أخرى، بالنظر إلى غياب التوافق، إلا أنّ هذا الخيار قد يكون "الأكثر ضررًا" بين السيناريوهات المحتملة، لأنّ المماطلة في البتّ بهذا التعيين، ولو عبر التصويت، تعطي رسالة سلبيّة في مكانٍ ما، وكأنّها تكرّس "المحاصصة" التي من دونها يمكن لمراكز أساسية أن تبقى شاغرة، بانتظار التوافق، أو ربما المقايضة، وهنا بيت القصيد!
لبنان ٢٤ المصدر: لبنان ٢٤
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا