كتب جورج شاهين في" الجمهورية": نجحت الضغوط الكبرى التي قادها رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون بصمت مطبق طوال الأسابيع القليلة الماضية من أجل تفكيك مجموعة الألغام التي يواجهها العهد في بداياته، ولا سيما منها تلك الناشئة من الخروقات الإسرائيلية في الجنوب وعلى مساحة لبنان، بعدما استباحت ال 10452 كيلومتراً مربعاً، وتعدّتها إلى الأراضي السورية من النقاط الحدودية والمعابر الشرعية وغير الشرعية مع لبنان حتى عمقها تجاه دول الجوار الأخرى من الأردن إلى تركيا والعراق، بعدما تعهّد أهل الحكم باللجوء إلى الخيارات الديبلوماسية والسياسية بدلاً من العسكرية التي كان « حزب الله » قد قاد البلادإليها، وما انتهت إليه من نكبات طاولت عموم الشعب اللبناني بكل فئاته ومناطقه.
إنطلاقاً من هذه المعادلة توقفت المراجع السياسية والديبلوماسية
أمام مجموعةالانفراجات الأخيرة السياسية منها والاقتصادية والإنمائية، وخصوصاً تلك التي ترجمتها الخماسية الديبلوماسية بمعاودة تحرّكها على أكثر من مستوى، داعية إلى إطلاق مجموعة الإصلاحات السياسية والإدارية والمالية المطلوبة التي تُمهِّد للخطوات المقرّرة على طريق التعافي الاقتصادي والسياسي والاجتماعي التي يُمكن أن تسهم في استدراج الاستثمارات الخارجية التي لا يمكن ضخّها في القطاعات اللبنانية الحيوية إّلا في ظل أجواء من الشفافية والحوكمة الرشيدة والقضاء المستقل الضامن لأي استثمار خارجي، قبل التورّط فيأسواق لبنان التي عشش فيها الفساد. فما لدى المراجع الديبلوماسية من تقارير تتحدّث عن حال الفساد والرشوة والإثراء غير المشروع في البلد لا تمتلكه أي جهة إدارية أو قضائية أو أي مجموعة
أو مركز دراسات، وهو ما يمكن تلمّس نتائجه في التعيينات المنتظرة في عشرات المواقع الإدارية والمالية والهيئات الناظمة بعد إقفال ملف التعيينات العسكرية الشاملة اليوم. إلى هذه المعطيات، فقد كشفت المراجع المعنية أنّ الحراك الذيأحيَته «الخماسية الديبلوماسية » لم يكن عزفاً منفرداً، ولن يقتصر على لقاءاتهاالمتجدّدة كفريق عمل واحد وموحّد مع كل من
رئيس الجمهورية ورئيسَي مجلس النواب والحكومة.
لا بل فهي تُعبّر في حركتها الجديدة عن قرار قد اتُخذ بتوسيع مروَحة المساعدات التي يمكن أن تساعد اللبنانيِّين في تجاوز مظاهر النكبة التي عاشوها على مدى عام ونصف عام من الحرب، ونتائجها الكارثية علىمختلف مستويات حياة اللبنانيِّين ووجوهها. وهي قرّرت على ما يبدو في بدايةالعهد الجديد أن تُطلق برامجها كاملة، فكانت الزيارة التي يقوم بها وفد صندوق النقد الدولي لبيروت، على رغم من الخطوات السابقة التي رافقت تفكيك فريقهونقله من لبنان قبل إعادة تكوينه مجدّداً عقب التطوّرات السياسية والدستورية التي أعادت تكوين السلطات اللبنانية، والتي لا يمكن خوض أي تجربة معها فيغياب
رئيس للجمهورية وحكومة كاملة المواصفات الدستورية. فكانت الجولة التيباشرها الفريق على المسؤولين اللبنانيِّين للتعبير عن وجود قرار بإحياء خدماتها لمجمّدة منذ أكثر من ثلاثة أعوام. إلى حراك «الخماسية الديبلوماسية »، لا تُخفي المراجع المعنية الربط بين مستجداته وبين الخطوات المفاجئة التي حققتها «الخماسية العسكرية »، ولا سيما منها التي أنجزتها مطلع الأسبوع الجاري بالإفراج عن عدد من الأسرى لدى الجانب الإسرائيلي، وهي لم تقف عند حدود هذه الخطوة. ولكنّ أهمّيتها لا تقف عند معناها بنحو محدّد لا بل فهي شكّلت الشرارة الأولى لانطلاق أكثر من فريق عمل قد يكون سياسياً وعسكرياً وديبلوماسياً يتناول المرحلة الثانية من مساعي إنهاء الحرب في لبنان.