في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
واشنطن- في خطوة متوقعة، طالب الرئيس الأميركي دونالد ترامب من وزيري الخارجية ماركو روبيو والخزانة سكوت بيسنت بدء بحث تصنيف بعض فروع جماعة الإخوان المسلمين بالإرهابيين، في خطوة من شأنها التمهيد لفرض عقوبات على الفروع المستهدفة.
وذكر البيت الأبيض في نص بيان الأمر التنفيذي، أن ترامب أمر ببدء "عملية يتم بموجبها اعتبار بعض أقسام الجماعة منظمات إرهابية أجنبية"، مع الإشارة خصوصا إلى فروعها في لبنان ومصر وتونس والأردن. ووجّه روبيو وبيسنت بتقديم تقرير عمّا إذا كان سيتم تصنيف أي من فروع الجماعة، كما طلب منهما المضي قدما في تطبيق أي تصنيفات في غضون 45 يوما من صدور التقرير.
وعلى الفور رحب السفير الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة داني دانون بهذه الخطوة، وكتب على منصة " إكس " أن "هذا قرار مهم ليس فقط لتل أبيب، بل أيضا للدول العربية المجاورة التي عانت من إرهاب الإخوان المسلمين عقودا".
كما قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ، المطلوب ل لمحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب في غزة، إنه يريد "أن يثني على الرئيس ترامب على قراره بحظر وتصنيف جماعة الإخوان المسلمين منظمة إرهابية"، وأضاف "هذه منظمة تعرض الاستقرار للتهديد في جميع أنحاء الشرق الأوسط وخارجه. لذلك، قامت دولة إسرائيل فعلا بحظر جزء منها، ونحن نعمل على إتمام هذا الإجراء قريبا".
وجاءت خطوة ترامب بعد أسبوع من قرار حاكم ولاية تكساس الجمهوري غريغ أبوت، تصنيف الجماعة بالإرهاب على مستوى الولاية، إلى جانب مؤسسة مجلس العلاقات الأميركية الإسلامية "كير" وهي أكبر الجمعيات الحقوقية المعنية بشؤون مسلمي أميركا.
أميركا تصنف جماعة الإخوان المسلمين جماعة إرهابية في مصر والأردن ولبنان
أمر تنفيذي: تصنيف بعض فروع جماعة الإخوان المسلمين منظمات إرهابية أجنبية، وإرهابيين عالميين.
البيت الأبيضبموجب الصلاحيات المخوّلة لي كرئيس بمقتضى الدستور وقوانين الولايات المتحدة الأميركية، بما في ذلك… pic.twitter.com/1qTy328qpz
— سامي كمال الدين (@samykamaleldeen) November 25, 2025
منذ اندلاع ثورات الربيع العربي ، ووصول بعض الأحزاب الإسلامية للحكم، بدأ الجمهوريون في الكونغرس بقيادة السيناتور تيد كروز بالمطالبة بتصنيف الإخوان منظمة إرهابية أجنبية. وطالما استشهد كروز بتصنيف دول عربية، مثل مصر والأردن والسعودية والإمارات والبحرين لها.
وأدى وصول ترامب مرة ثانية للبيت الأبيض وسط مشهد أميركي متغير على وطأة تداعيات هجمات 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 وما تبعها من عدوان إسرائيلي مستمر على قطاع غزة وصلت تداعياته للداخل الأميركي، إلى تجدد الحديث عن تصنيف جماعة الإخوان المسلمين بالإرهابية.
وفشلت كل الجهود التي شهدها الكونغرس للتحرك في هذا الاتجاه. ولتصنيف أي جماعة أو منظمة إرهابية، يشترط القانون الأميركي ثلاثة شروط:
كما يتطلب التصنيف أن ينشر وزير الخارجية الأميركي قراره بهذا الشأن في الجريدة الرسمية، إلا أنه يحق له -حسب القانون- ألا ينشر حيثيات التصنيف باعتباره "أسرار أمن قومي"، ويحق للمنظمة المصنفة أن تعترض على ذلك لدى محاكم العاصمة واشنطن.
ومع صعوبة هذا الإجراء في ظل معارضة أغلب أعضاء الكونغرس له، لم يعد هناك طريق لفرض هذا التصنيف إلا بأمر تنفيذي من الرئيس.
ولعب سيباستيان غوركا ، الذي يشغل منصب نائب مساعد ترامب لشؤون الأمن القومي، والمسؤول عن مكافحة الإرهاب في مجلس الأمن القومي ، دورا كبيرا في قرار إدارة ترامب، إذ يطالب بذلك منذ أكثر من 10 سنوات، وطالب مرارا الرئيس علنا وسرا بالقيام بذلك منذ عودته إلى منصبه في يناير/كانون الثاني الماضي.
وفي حال صُنفت الإخوان جماعة إرهابية فإن ذلك سيجعلها هدفا للعقوبات والقيود الأميركية فورا، بما فيها حظر السفر وقيود قانونية، ويحظر على المواطنين الأميركيين تمويل أي أنشطة لها، سواء داخل الولايات المتحدة أم خارجها. وفورا يحظر كذلك على البنوك أي معاملات مالية لها، فضلا عن منع من يرتبطون بها من دخول البلاد.
إلا أن التأثير الأكبر حال تمرير التصنيف سيكون من نصيب نشطاء مسلمي أميركا. وأشارت خبيرة قانونية -تحفظت على ذكر هويتها- إلى أن التصنيف من شأنه التأثير على مئات وربما الآلاف من طالبي اللجوء السياسي في الولايات المتحدة من أنصار وأعضاء الجماعة الذين تضمنت طلباتهم الرسمية مخاوف من حكوماتهم الأصلية بسبب انتماءاتهم السياسية.
وأضافت الخبيرة "أن الموضوع غامض وغير مسبوق، كيف سيتم التعامل مع عدد من المسلمين ممن يحملون الجنسية الأميركية فعلا، ولا يمكنهم إخفاء انتمائهم السابق لجماعة الإخوان المسلمين".
وفي رأيها، فإنه إذا مضت الإدارة في التصنيف، فسيعيق ذلك كثيرا من الأعمال الخيرية التي تقوم بها منظمات وأشخاص محسوبون على الجماعة داخل الأراضي الأميركية وخارجها.
يُذكر أن كثيرا من المتعاطفين مع الجماعة لديهم نفوذ واسع في العديد من المساجد والمراكز الإسلامية بمختلف الولايات الأميركية، كما هو الحال في مركز ومسجد دار الهجرة في شمال ولاية فيرجينيا المجاور للعاصمة واشنطن.
جاء إعلان البيت الأبيض بعد أكثر من عامين على بدء عملية " طوفان الأقصى "، وما تركه العدوان الإسرائيلي على غزة من أثر كبير على مسلمي أميركا في ضوء دعم إدارتي الرئيس السابق جو بايدن والحالي ترامب للعدوان الإسرائيلي تسليحيا وماليا ودبلوماسيا.
وخلال العامين الماضيين، نشط مسلمو أميركا، البالغ عددهم أكثر من 6 ملايين شخص، ودفعوا بقضية غزة إلى صدارة قضايا الانتخابات الرئاسية الأخيرة، ضمن جهود وأنشطة شملت تنظيم عدة مظاهرات شارك فيها مئات الآلاف من الأميركيين من المسلمين وغيرهم، والقيام بحملات توعية للناخبين في ولايات حاسمة مثل ميشيغان وبنسلفانيا.
ودفع اندلاع مظاهرات واسعة وظهور حركات طلابية احتجاجية ضخمة على مدار العام والنصف الأخير، وفي أغلبها دعما للفلسطينيين، إلى تعرض ثوابت ومبادئ أميركية مثل حرية التعبير عن الرأي وسيادة القانون، إلى اختبار عسير خاصة مع توجيه أصابع الاتهامات لها بتأجيج "العداء للسامية" و"الترويج للعنف".
كما عرف العديد من المسلمين طريقه للحياة السياسية، وخاصة مشاركة كثير منهم في الانتخابات على مستوى العديد من مجالس الولايات والمقاطعات الأميركية، ونجح منهم العشرات.
وبرز اسم السيدة غزالة هاشمي التي فازت بالمنصب الثاني من حيث الأهمية في ولاية فيرجينيا، وظاهرة زهران ممداني الفائز بانتخابات عمدة مدينة نيويورك معتمدا على أجندة عريضة تتضمن إدانة إسرائيل واعتبار عدوانها على غزة بمثابة إبادة جماعية، مع تعهده بالقبض على رئيس وزرائها حال وصوله إلى المدينة.
تكساس تصنف الإخوان المسلمين و"كير" منظمتين إرهابيتين #الجزيرة_مباشر https://t.co/qsRyLesBg6
— الجزيرة مباشر (@ajmubasher) November 19, 2025
وسبق أن طالب راندي فاين، النائب الجمهوري في مجلس النواب من ولاية فلوريدا، باتخاذ إجراءات وخطوات ضد المؤيدين ل فلسطين متهما إياهم بالعداء للسامية، وقال إن القضية الفلسطينية هي في الأساس "فلسفة شريرة".
وأضاف "أن المؤسسات المرتبطة بهذه الأيديولوجية، بما في ذلك مجلس العلاقات الأميركية الإسلامية، وجماعة الإخوان المسلمين، و حركة طلاب من أجل العدالة في فلسطين ، لا ينبغي السماح لها بالعمل في الولايات المتحدة، ويجب تصنيفها منظمات إرهابية، لأن هذه هي طبيعتها".
من ناحية أخرى، ترك قرار ترامب معضلات وأسئلة على أرض الواقع، إذ لم يوضح الأمر التنفيذي تعريفا محددا للجماعة، وما المقصود بها؟ وهل سيقتصر التصنيف على أشخاص أو مؤسسات تابعة للجماعة، أم سيكون تعريفا فضفاضا يمكن استخدامه واستغلاله طبقا لمستجدات الأمور؟.
المصدر:
الجزيرة