في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
واشنطن- أصدر مجلس الأمن الدولي ، الليلة الماضية (بالتوقيت المحلي)، قرارا يرحب بإنشاء "مجلس السلام" باعتباره "هيئة إدارية انتقالية ذات شخصية قانونية دولية تتولى وضع إطار العمل وتنسيق التمويل لإعادة تنمية غزة".
ويأذن القرار الأممي، الذي حمل رقم (2803)، للدول الأعضاء التي تتعاون مع "مجلس السلام" بإنشاء قوة دولية مؤقتة لتحقيق الاستقرار في قطاع غزة "تُنشر تحت قيادة موحدة يقبلها المجلس".
وينصّ القرار على أن "يظل الإذن الصادر لكل من مجلس السلام وأشكال الوجود المدني والأمني الدولي ساريا حتى 31 ديسمبر/كانون الأول 2027، رهنا باتخاذ مجلس الأمن إجراءات أخرى، وأن يتم أي تجديد للإذن الصادر للقوة الدولية بالتعاون والتنسيق الكاملين مع مصر وإسرائيل والدول الأعضاء الأخرى التي تواصل العمل مع القوة الدولية".
ونال القرار، الذي قدمته الولايات المتحدة، موافقة 13 دولة، في حين امتنعت روسيا والصين عن التصويت، بينما أعربت إسرائيل و حركة حماس عن معارضتها لبعض جوانب الخطة.
ويبني القرار على خطة السلام المكونة من 20 نقطة التي أعدها الرئيس الأميركي دونالد ترامب ، والتي وافقت عليها الأطراف كافة في قمة شرم الشيخ بأكتوبر/تشرين الأول الماضي.
وقالت مصادر عربية في واشنطن للجزيرة نت، إن "نقص التفاصيل في القرار سيجعل من الصعب تنفيذه". في حين ربط مصدر دبلوماسي، تحفّظ على ذكر اسمه، بين توقيت صدور القرار، وبين زيارة الأمير محمد بن سلمان ، ولي العهد السعودي لواشنطن، واشتراط الجانب السعودي وجود مسار لدولة فلسطينية قبل أي تحرك في إطار تأسيس علاقات مع إسرائيل كما يرغب الرئيس ترامب.
وفي حديث للجزيرة نت، أشار أستاذ التاريخ والعلاقات الدولية بجامعة سيراكيوز في نيويورك، أسامة خليل، إلى أن "إدارة ترامب سعت لهذا القرار الصادر عن مجلس الأمن لأنه يتماشى مع الأهداف العامة لإسرائيل في الضفة الغربية وغزة..".
ويقول خليل إن القرار "لن يؤدي إلى إنهاء الاحتلال الإسرائيلي، بل سيسهل في تقسيم غزة والتهجير المستمر للفلسطينيين من الإقليم".
ويريد الرئيس ترامب، حسب خليل، أن يبدو كأنه حل النزاع في غزة من دون القيام بذلك فعليا، وينوي الاستمرار في السعي لتطبيع العلاقات بين السعودية وإسرائيل، بينما سترمي واشنطن بالمسؤولية عن فشل تنفيذ القرار على الفلسطينيين، وخاصة حماس، ولن تنتقد انتهاكات إسرائيل المتكررة لوقف إطلاق النار أو عدم رغبتها في الالتزام بالقرار.
وفي حين أكد آدم شابيرو، خبير العلاقات الدولية ومسؤول الملف الفلسطيني الإسرائيلي بمنظمة "الديمقراطية للعالم العربي الآن"، أن إدارة ترامب "وربما بناء على طلب الدول العربية والإسلامية التي تدعم القرار"، حرصت على الحصول على دعم دولي للمبادرة.
وعلى الرغم من أن خطة ترامب "تمثل انتهاكا للقانون الدولي ومخالفة لقرارات مجلس الأمن والجمعية العامة السابقة إن لم يكن بالكلمات فمن حيث المضمون، إلا أن مصداقية قرار مجلس الأمن ستمنح غطاء لتلك الدول التي تعرض دعم خطة ترامب".
ووفقا لمشروع القرار، ستتسلم السلطة الفلسطينية مستقبلا إدارة القطاع "بعد أن تكمل برنامجها الإصلاحي بشكل مُرضٍ".
ولا يعرض القرار تفاصيل ما يجب أن تكون عليه تلك الإصلاحات المطلوبة من السلطة الفلسطينية، بل يشير إلى خطة مشتركة فرنسية سعودية تتضمن التزاما من السلطة الفلسطينية بإجراء انتخابات عامة ورئاسية ديمقراطية وشفافة خلال عام من وقف إطلاق النار في غزة.
وقال الرئيس إيمانويل ماكرون الأسبوع الماضي إن فرنسا ستساعد السلطة الفلسطينية في صياغة دستور لدولة فلسطينية مستقبلية، كجزء من جهد أوسع لتعزيز حل الدولتين . من جانبها تريد الحكومة الإسرائيلية إدارة مدنية في غزة لا تشارك فيها لا السلطة الفلسطينية ولا حركة حماس.
كيف ترى الفصائل الفلسطينية مشروع القرار الأمريكي بشأن #غزة؟#المسائية #الجزيرة_مباشر pic.twitter.com/379muCuVNw
— الجزيرة مباشر (@ajmubasher) November 16, 2025
وأعربت بعض الدول، بما في ذلك تركيا وباكستان وأذربيجان وإندونيسيا، عن اهتمامها بالانضمام إلى قوة الاستقرار الدولية لغزة، لكن هذه الدول أخبرت واشنطن أنها بحاجة أولا إلى تفويض من الأمم المتحدة للمشاركة. وبناء عليه، يرى كبار مسؤولي إدارة ترامب أن قرار الأمم المتحدة خطوة حاسمة تالية في تنفيذ خطته لغزة.
وعن أبرز تحديات تشكيل قوة الاستقرار الدولية، التي يقع عليها التأكد من نزع سلاح حركة حماس وضمان الاستقرار في غزة، قال شابيرو "إذا لم توافق حماس على نزع السلاح، فيبدو من غير المقبول أن تدخل أي قوة غزة وتجريد قوات حماس المسلحة بالقوة".
ويرى شابيرو أن مثل هذا السيناريو من المرجح أن يؤدي إلى جولات إضافية من القتال في غزة، وسيثير بالتأكيد تساؤلات لدى شعوب أي دولة تسهم بقوات حول سبب طلب ترك ضحايا الإبادة الجماعية بلا أي قدرات دفاعية.
و"إذا كانت القضية تتعلق بجعل إسرائيل آمنة، فإن إضافة طبقة أخرى من الاحتلال عبر القوة الدولية يبدو من غير المرجح أن ينجح، فالمطلوب مزيد من الحرية، وليس المزيد من الاحتلال والقمع" على حد قوله.
كما شكك البروفيسور خليل في قيمة القرار خاصة فيما يتعلق بوجود قوات دولية داخل غزة، وقال إن "تعنت إسرائيل ورغبتها في ضم الأراضي الفلسطينية المحتلة هما العنصران الرئيسيان اللذان يمنعان إنشاء قوة استقرار دولية، بالإضافة إلى إعاقة إنهاء الصراع في غزة وإنشاء دولة فلسطينية".
وأضاف أن "كل الدول العربية أو الإسلامية التي تقدمت لتوفير قوات لقوة الاستقرار لا تريد أن تكون قوة احتلال فعلية وتدعم أهداف إسرائيل، ولا يعتقدون أيضا أنهم قادرون على نزع سلاح حماس، وهو ما فشلت إسرائيل في تحقيقه بعد أكثر من عامين من القصف المكثف والغزوات البرية المتكررة".
في حين قالت المسؤولة السابقة بوزارة الخارجية الأميركية أنيل شيلاين للجزيرة نت، إنه مهما كان تشكيل قوات الأمن الداخلي، فإنها ستواجه في النهاية تحدي محاولة إقناع أو إجبار حماس على نزع السلاح، وهو ما لن تكون مستعدة للقيام به من دون تحرك واضح نحو (مسار) الدولة الفلسطينية".
أما عن الأسباب التي دفعت الولايات المتحدة لاستبعاد السلطة الفلسطينية من المشاركة في إدارة غزة، فيقول شابيرو في حديثه للجزيرة نت "من الواضح أن ما يدفع الولايات المتحدة لاستبعاد السلطة الفلسطينية من إدارة غزة، لا شيء سوى اعتراضات إسرائيل، ورغبتها في تفكيك الفلسطينيين".
من جانبه، اعتبر البروفيسور خليل أن إدارة ترامب -مثل إدارة جو بايدن قبلها- غير ملتزمة بإنشاء دولة فلسطينية ، فهي لا تريد أن تكون السلطة الفلسطينية مشاركا نشطا في غزة بعد الحرب. ولا تريد أيضا نجاح السلطة في حكم الضفة الغربية لأن ذلك سيعيق خطط ضم إسرائيل.
وعلى الرغم من الحاجة إلى إصلاحات في السلطة الفلسطينية، يقول خليل: لا الولايات المتحدة ولا إسرائيل ترغبان في هيئة حاكمة فلسطينية فعالة وديمقراطية تمثل جميع الفلسطينيين.
في حين اعتبرت شيلاين أن استبعاد الولايات المتحدة السلطة الفلسطينية من المشاركة جاء تلبية لرغبة الحكومة الإسرائيلية في تشويه شرعية السلطة وتهميشها. وقالت: "على الرغم من أن الولايات المتحدة سهّلت اتفاقيات أوسلو التي أدت إلى إنشاء السلطة الفلسطينية، إلا أنها لم تقدم لها الدعم اللازم لتصبح قابلة للحياة".
وبدلا من ذلك، "تتبنى الولايات المتحدة الموقف الإسرائيلي الذي يفضّل السلطة الفلسطينية الضعيفة وغير الشرعية، لكي يدّعي الإسرائيليون أنه ليس لديهم شريك للسلام" على حد قول المسؤولة السابقة بوزارة الخارجية الأميركية.
المصدر:
الجزيرة
مصدر الصورة