قال دبلوماسيون ومحللون إن إعادة فرض عقوبات الأمم المتحدة على إيران ، التي رفعت بموجب اتفاق نووي عام 2015؛ تعيد القوى الغربية إلى المربع صفر فيما يتعلق بكيفية احتواء ومراقبة البرنامج النووي الإيراني .
ودخلت آلية إعادة فرض العقوبات حيز التنفيذ فجر اليوم الأحد، بعد انقضاء مهلة ما تعرف بـ" آلية الزناد " أو الـ"سناب باك" التي منحت لإيران نهاية الشهر الماضي.
وقال مشرع إيراني ينتمي للتيار المحافظ إن "آلية إعادة فرض العقوبات هي الرصاصة الأخيرة للغرب. فبمجرد أن يضغطوا على الزناد، لن يتبقى لهم شيء".
وأضاف "العصا التي كانوا يضعونها فوق رؤوسنا، بمجرد استخدامها ستزول. لن يكون لديهم أي نفوذ بعد الآن".
ويرى دبلوماسيون غربيون أنه على النقيض من ذلك، سيكون لدى الولايات المتحدة والترويكا الأوروبية (ألمانيا وفرنسا وبريطانيا) ميزة تتمثل في عرض رفع هذه العقوبات وغيرها من العقوبات. لكن رفع العقوبات عملية شاقة من غير المرجح أن تسفر عن تنازلات سريعة كتلك التي سعت إليها الترويكا الأوروبية في الآونة الأخيرة.
وقال إريك بروير، الباحث في مبادرة التهديد النووي، "استخدمت الولايات المتحدة "ورقتها الرابحة في قصف المواقع الإيرانية الرئيسية. وعلى الرغم من أن البرنامج النووي قد تضرر بالتأكيد، إلا أنه لم يتم القضاء عليه".
وتابع "إيران ليست مستعدة لتلبية الشروط الأميركية للتوصل إلى اتفاق. لكن من الواضح أن الولايات المتحدة لا تزال بحاجة إلى اتفاق من أجل أي حل مستدام. لذا فقد عدنا من نواح عديدة إلى نقطة البداية".
وتتطلب إعادة فرض العقوبات من إيران تعليق جميع الأنشطة المتعلقة بتخصيب اليورانيوم وحظر استيراد أي شيء يمكن أن يسهم في تلك الأنشطة أو في تطوير أنظمة نقل الأسلحة النووية مثل الصواريخ الباليستية . كما ستعيد فرض حظر على الأسلحة وعقوبات موجهة على عشرات الأفراد والكيانات.
وفرض الاتفاق المبرم عام 2015 بين طهران والقوى الكبرى قيودا على أنشطة إيران النووية مقابل تخفيف العقوبات.
وسار الاتفاق كما هو مخطط له لمدة عامين إلى أن انسحبت واشنطن منه عام 2018 وأعادت فرض العقوبات الأميركية. وردت طهران بتوسيع نطاق تخصيب اليورانيوم على نحو سريع إلى درجة أن إسرائيل والولايات المتحدة قالتا إنه لم يكن أمامهما خيار سوى قصف المواقع النووية الإيرانية في يونيو/حزيران الماضي.
وتقول القوى الغربية إنه لا يوجد مبرر مدني لتخصيب إيران لليورانيوم بمستويات متقدمة، خشية أن تكون طهران تتجه نحو امتلاك أسلحة نووية. وتنفي إيران سعيها لامتلاك قنبلة ذرية.
ومع ترقب سريان آلية إعادة فرض العقوبات، قالت إيران إنها سترد دبلوماسيا، مشيرة إلى أنها قد تقلص تعاونها مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية على نحو أكبر، في حين تطالب القوى الغربية والوكالة الذرية بإجابات عن وضع مخزون طهران الكبير من اليورانيوم عالي التخصيب.
وقال مسؤول إيراني رفيع المستوى قبل فترة وجيزة من بدء سريان إعادة فرض العقوبات "إذا تم تفعيل آلية إعادة فرض العقوبات وعادت العقوبات، سنعيد بالتأكيد النظر في علاقتنا مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية. ومن المؤكد أنه سيتم تشديد القيود على عمليات التفتيش".
وفي أعقاب شن إسرائيل لهجمات جوية على إيران في يونيو/حزيران الماضي، أقر البرلمان الإيراني تشريعا يعلق التعاون مع الوكالة الذرية ويشترط موافقة المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني على عمليات التفتيش.
وأعلنت إيران والوكالة الذرية عن اتفاق هذا الشهر كان من المفترض أن يمهد الطريق نحو استئناف كامل لعمليات التفتيش، لكن لم يحدث تقدم يذكر منذ ذلك الحين.
وقال دبلوماسيون من الترويكا الأوروبية إنهم سيعودون إلى ما كانت عليه إستراتيجيتهم منذ عام 2003: مزيج من الضغط والحوار.
لكن على النقيض مما كانت عليه الحال قبل عقد من الزمن، فإن القوى الكبرى منقسمة بعد أحداث مثل الحرب في أوكرانيا، الأمر الذي يجعل من الصعب الضغط على إيران للتوصل إلى اتفاق. وقامت روسيا والصين بمحاولة أخيرة لتجنب إعادة فرض العقوبات في مجلس الأمن الدولي مساء أمس الجمعة، لكنها باءت بالفشل.
وقال دبلوماسي من الترويكا الأوروبية "تعاون إيران مع الوكالة الذرية محدود بالفعل ويمكن أن يتقلص أكثر، لكنني لا أعتقد أنها ستقدم على خطوة مثل الانسحاب من معاهدة حظر الانتشار النووي".
وأضاف أنه لا يعتقد أن الصين أو روسيا ستقبلان أن تسارع إيران إلى امتلاك قنبلة نووية ، وتابع "وإذا فعلتا ذلك، فلن تقبل إسرائيل".
وقال مسؤول إسرائيلي إن تل أبيب ليس لديها أي سبب لشن هجمات جديدة على إيران في الوقت الراهن إلا إذا قامت طهران بتطوير برنامجها النووي سرا، مضيفا "إنهم يعلمون أننا نراقب".
ويبدو أن المواجهة الدبلوماسية ستدخل مرحلة متوترة وطويلة الأمد، إذ من المرجح أن تزداد حالة الضبابية بشأن ما تفعله إيران على الأرض في ظل غياب مفتشي الوكالة الذرية.
وقال علي واعظ من مجموعة الأزمات الدولية: "بالنسبة للإيرانيين، كان تطوير البرنامج النووي نقطة نفوذهم الرئيسية قبل الحرب، أما الآن فهي غموضه".
وأضاف: "لكنها مناورة محفوفة بالمخاطر. إذا حاولت إيران إحياء عناصر برنامجها وتم اكتشافها على الرغم من غياب المفتشين الدوليين على الأرض، فإن ذلك سيزيد من القلق بشأن نواياها".